كان أهل أنطاكية يعبدون الأصنام ، وكان منهم خمسة يعبدون الله ، ويدعون قومهم إلى ترك عبادة الأصنام ، فحاولوا قتلهم ، فتمكنوا منهم إلا واحدا منهم نجح في الفرار منهم إلى جبل قريب ، وفي عيد الاحتفال بالأصنام الآلهة ، خرجت الحاشية مع الملك ، يتذكرون أمر هؤلاء الشباب ، فقال أحدهم ، لقد أحسنت صنعا أيها الملك ، حين أمرت بقتل هؤلاء الشباب ، فقال آخر لقد كادوا أن يفسدوا علينا حياتنا ، فهم يزعمون أن للكون إلها واحدا ، وأن ألهتنا لا تضر ولا تنفع فقال الملك ، إن خير الأديان هو ديننا ، وعلينا أن ننتصر لآلهتنا من هؤلاء الأشرار ، ثم نادى الملك على خادمه أن يأتي له بالخمر ليشربه احتفالا بعيد الأصنام الآلهة .
وعند باب غار قديم في جبل قريب من هذة القرية وقف ثلاثة رجال ، واتفقوا أن يبيتوا هذه الليله في هذا الغار ، ثم يذهبوا إلى الملك يدعونه إلى توحيد الله تعالى ، فقال واحد منهم ، نعم ادهبا أنتما فإن الله كلفكما بالرساله ، ولم يكلفني ومن الواجب علينا اتباع ما أمر الله تعالى .
وبدأ الرجال يتشاورون في دعوة هذة القرية هل يبدأون بالملك أم بالشعب ، ثم إنهم اتفقوا على أن يذهب الرسولان منهم إلى هذه القرية ، وبينما هم يتحدثون أمام باب الغار ، إذا خرج عليهم رجل من الغار ، يبدو عليه المرض ، وهو طويل القامة ، غائر العينين ، شاحب الوجه ، فسأل الرجال ، من أنتم ؟
فقالوا ، بل من أنت ، فقال أنا مريض منذ ستة أشهر ، وأعيش في هذا الغار منذ خمس سنوات ، فما قصتكم ، فقالوا ، انت رجل مريض ، وتحتاج للشفاء فوضع احدهم يده على مكان المرض ، فشفى الرجل ، فقال ، كيف شفيتني ، فقال ، بل شفاك غيري ، واصر الرجل على معرفة قصة الرجال ، وأنه سمع كلامهم وهو في الغار ، وأحس أنهم يتحرجون من الكلام عن انفسهم ، فأخبرهم أنه واحد من خمسة رجال ، دعوا قومهم للايمان لكنهم قتلوهم وفر هو بمساعدة اخيه ، فاخبروه ان الله اوحى لاثنين منهم بالرسالة ، فاقترح أن يبقى مع الثالث ، وذهب الرسولان إلى القرية ، وقصدا بيت صاحبهم ، فلما جلسا قالا : نحن اصدقاء اخيك .
فتظاهر بكرهه لاخيه وسبه ولعنه ، وهدده بأن يخبر الملك بحكايتهما ، فقالا له ، نحن نعلم انك تخفي ايمانك ، وقد اخبرنا اخوك انك الذي اخفيته ، حتى جلس في الغار منذ خمس سنين ، وقد كان مريضا ، فشفاه الله تعالى ، ونحن سنجلس في بيتك على اننا طبيبان نشفي الناس ، ولا تخبر احد بقصتنا .