كيف تم إكتشاف التطعيم ؟
التطعيم هو حقن بكتيريا أو فيروسات ميتة أو ضعيفة في جسم الإنسان من أجل إنتاج مناعة ضد (منع العدوى) هذا المرض، ولأن الكائنات الحية المحقونة في الجسم ميتة أو ضعيفة، فإنها يمكن أن تخلق مناعة دون التسبب في المرض، وتسمى المادة المحقونة في الجسم باللقاح، ويشير مصطلح التطعيم في الأصل إلى التحصين ضد الجدري لأن الإجراء نشأ عندما إكتشف الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر (1749-1823) أن السيدات حالبات البقر كانت لديها مناعة من جدري البقر، وقد أدى تطوير لقاح جدري البقر ضد الجدري إلى إنتاج لقاحات ضد مجموعة واسعة من الأمراض.
تجدير أو التطعيم بالجدري :
قبل فترة طويلة من الفترة الاستعمارية في إفريقيا، مارست بعض القبائل طريقة للحماية من مرض الجدري الذي يطلق عليه التجدير، وهو ينطوي على إدخال السائل من بثور الجدري تحت الجلد، وكان القصد من هذا هو إنتاج شكل خفيف من المرض ومنح الشخص الحصانة من مرض شديد، وفي بعض أجزاء آسيا، تم وخز خليط من قشرة الجدري والصديد في الجلد، وفجر الصينين مسحوق القشرة في الخياشيم.
تم إدخال تقنية وخز سائل الجدري على الأشخاص الأصحاء إلى بريطانيا وأوروبا الغربية في أوائل القرن الثامن عشر، وأصبح التلقيح شائعا جدا لفترة قصيرة ولكنه سرعان ما فقد الإحسان لأن مخاطره المحتملة أصبحت أكثر وضوحا، وأصبح هذا الإجراء شائعا أيضا في المستعمرات الأمريكية منذ فترة، ولكن تم حظره في النهاية من قبل عدة ولايات حتى وقت قصير قبل الثورة الأمريكية (1775-1783)، وبقي التلويث المثير للجدل حتى إعلان جينر الشهير عام 1798.
اكتشاف التطعيم الخاص بالجدري :
في أوروبا في القرن الثامن عشر إندلع وباء الجدري، وفي البلدات المزدحمة بالقرون الوسطى كان المرض يتغذى من القمامة وحتى البراز البشري (النفايات) التي تسد الشوارع الضيقة بسبب عدم كفاية المجاري، وتوفي واحد من كل عشرة أشخاص بسبب المرض، ومعظمهم من الأطفال، ويقال إن شخصا واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص في لندن يحمل علامات حفر من الجدري.
نشرت الحكمة الشعبية الشائعة الفكرة القائلة بأن أي شخص مصاب بالجدري، وهو مرض أبقار أكثر اعتدالا أصبح محصن من الجدري البشري، وفي عام 1796، قرر جينر إختبار الفكرة، ولقد أخذ بعض سائل جدري البقر من قروح خادمة لبنانية تدعى سارة نيلمس وفركها في جروح صبي يبلغ من العمر ثماني سنوات يدعى جيمس فيبس، وبعد بضعة أيام تعرض جيمس لحالة خفيفة من اللقاح (شكل من أشكال جدري البقر التي تعاقدت مع البشر)، ولكن سرعان ما تخطاها، وبعد ستة أسابيع أعطى جينر جيمس بعض السوائل من شخص أصيب بالجدري، فلم يتأثر الصبي وحصل على الحصانة من التطعيم.
بسبب نجاح التطعيم، حصل جينر على منحة مالية لمواصلة عمله، وتم تحصين الآلاف من المواطنين الإنجليز، بما في ذلك العائلة المالكة، وامتدت الممارسة إلى ألمانيا وروسيا، وكتب رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت توماس جيفرسون إلى جينر هنأه على نجاحه، وعندما تم توفير التطعيم في أمريكا تأكد جيفرسون من أن أفراد عائلته تم إعطائهم التطعيم ضد الجدري، وامتدح جيفرسون جينر لأنه وجد طريقة لتخليص البشرية من الجدري، ولمدة نصف قرن ظل الجدري هو المرض الوحيد الذي صنع منه التطعيم.
الوقاية من الأمراض بدون التطعيم :
بدأت المواقف بشأن الوقاية من الأمراض تتغير ببطء خلال القرن التاسع عشر، وبدأ الناس يدركون أن الظروف المعيشية السيئة، ومياه الشرب الغير نظيفة، والإفتقار إلى أنظمة الصرف الصحي المناسبة يمكن أن تترابط مع تفشي المرض، وقام رواد الرعاية الصحية، بما في ذلك الممرضة فلورنس نايتنجيل والجراح جوزيف ليستر (1827-1912) بالحركة الصحية من خلال الدعوة إلى الأدوات النظيفة والفراش النظيف في المستشفيات، وبدأت أعداد متزايدة من الجراحين باستخدام طرق مطهرة على الرغم من أن العديد منهم لا يزالون يعتقدون أن الكائنات الحية الدقيقة أو الجراثيم تسبب المرض.