وصلت مبيعات هاتف آيفون في السنوات العشر الأولى إلى 1.2 مليار وحدة مباعة، فيما تمكن جهاز آيبود iPod من الوصول إلى رقم 300 مليون وحدة مباعة (للمقارنة، باعت شركة سوني 50 مليون جهاز ووكمان Walkman في السنوات العشر الأولى).
وتطورت صناعة الهواتف الذكية والموسيقى المحمولة على التوالي، ويبلغ عمر حاسب آيباد هذا العام 10 سنوات، وبالرغم من أنه باع أكثر من 400 مليون وحدة، لكنه لم يأت بالحقبة الجديدة من الحوسبة التي وعد بها.
وعندما كشف ستيف جوبز عن حاسب آيباد الأصلي لأول مرة في عام 2010، وصفه الكثيرون بأنه عبارة عن هاتف آيفون كبير، لكن جوبز كان مصرًا على أن جهاز آيباد ليس هاتف آيفون ولا حاسب ماك بوك MacBook بدون لوحة مفاتيح، واحتل الجهاز شريحة بين الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب المحمولة.
وبشر هذا الجهاز بما يسمى عصر ما بعد الحاسب الشخصي، والذي من المفترض أن يغير العادات القديمة الموروثة مثل قراءة الصحيفة الورقية، إلى جانب إحداثه ثورة في طريقة استهلاك الناس وإنتاج المحتوى، وكان هذا هو الهدف من الجهاز الجديد، لكن شركة آبل حققت نصف هذه الأهداف فقط.
وكانت الشاشة الكبيرة مقاس 9.7 إنشًا على الجهاز اللوحي تبلغ دقتها 768×1024 بيكسلًا، مما يجعلها أكثر وضوحًا من الحاسب المحمول في ذلك الوقت، كما كانت نسبة العرض إلى الارتفاع 4:3 ممتازة لقراءة المستندات والمقالات على الويب، ووصف الجهاز اللوحي حينها بأنه منقذ للصحف.
وكان الناس سعداء لاستخدام تطبيق نيتفليكس لمشاهدة عروضهم المفضلة، بغض النظر عن أن معظم تلك العروض تم تصويرها بنسبة العرض إلى الارتفاع 16: 9، لكن قابلية نقل جهاز آيباد وعمر البطارية الطويل كانا كافيان لتعويض عدم التوافق في نسب العرض إلى الارتفاع.
وبالرغم من أن حاسب آيباد كان ولا يزال طريقة رائعة لاستهلاك المحتوى، لكنه لم يوفر للمستخدم إمكانية إنشاء المحتوى بشكل صحيح، حيث تم إطلاقه مع نظام التشغيل iOS 3.2، والذي لم يكن جاهزًا للشاشة الكبيرة.
وكان يفتقر إلى ميزة تعدد المهام الأساسية وتقسيم الشاشة لتعدد المهام، وغيرت آبل تخطيط التطبيقات بحيث يتم احتواء المزيد من واجهة المستخدم على الشاشة، ومع ذلك، كانت الإنتاجية محدودة مقارنة بأجهزة الحاسب المحمولة.
واحتوى معالج Apple A4 العامل ضمن الجيل الأول من حاسب آيباد على نواة واحدة لوحدة المعالجة المركزية، والذي يقترن مع 256 ميجابايت فقط من ذاكرة الوصول العشوائي، وعلى عكس رقاقات آبل الحالية، فإن معالج Apple A4 لم يكن مخصصًا للأرقام الضخمة، لذلك كان استبدال أجهزة الحاسب المحمولة للعمل الجاد أمرًا غريبًا.
وحتى لو كان المستخدم قادرًا على التخلي عن تعدد المهام والقبول بالتعامل مع تطبيق واحد فقط في كل مرة، فإن الكتابة بحد ذاتها كانت نقطة مؤلمة، إذ إن وضع الحاسب اللوحي على الطاولة ومحاولة الكتابة بحاجة إلى الكثير من الوقت للتعود إلى جانب الكثير من الصعوبات والأخطاء.
ولم يكن هناك قلم لاستخدامه مع التعرف على خط اليد، والذي جاء لاحقًا مع أغطية لوحة المفاتيح الإضافية، وبالنظر إلى صفحة آيباد الحالية على موقع آبل الإلكتروني، سترى لوحة المفاتيح والقلم المميزين بشدة، وقد كان المقصود من آيباد هزيمة أجهزة الحاسب المحمولة، لكنه أصبح واحدًا منها.
وحاول صناع أندرويد التنافس مع جهاز آيباد، لكنهم كانوا دائمًا خاسرين في هذا السباق بهامش كبير، ولا تهتم اليوم معظم الشركات بالأجهزة اللوحية، وفي أفضل الأحوال قد نحصل على حواسيب بمواصفات راقية من سامسونج أو هواوي بين الحين والآخر.
ويمكن القول إن صناعة الحواسيب الشخصية ليست مبشرة للغاية، حيث ارتفعت المبيعات في عام 2019 لأول مرة خلال 7 سنوات، كما أن تنبؤات المحللين ليست مبشرة للغاية بالنسبة للأجهزة اللوحية أيضًا، إذ من المتوقع أن تتجاوز أعمال آبل القابلة للارتداء (Watch و AirPods) الإيرادات المجمعة لأجهزة آيباد وماك بنهاية هذا العام.
وتقدر شركة أبحاث السوق كاناليس Canalys أنه في عام 2023 ستقوم الشركات بشحن 726 مليون سماعة بلوتوث ذكية، بزيادة عن 490 مليون وحدة هذا العام، وتعد آبل بمثابة العلامة التجارية الرائدة في هذا القطاع.
وقد غير جهاز آيبود الصناعة وجعل آبل شركة ضخمة مربحة، وفعل هاتف آيفون الشيء نفسه، لكن على نطاق أوسع بكثير، ومع ذلك، يعد حاسب آيباد منتجًا قويًا لكنه ليس الشيء الكبير التالي من شركة كوبرتينو، ويبدو أن Watch و AirPods والخدمات ستكون نقطة الانطلاق الجديدة لشركة آبل في العقد القادم.