TODAY - September 25, 2010
المشاكل المتبقية بعيدة عن مدى الحواس الطبيعي
علماء: الستار قد يسدل على عصر الاكتشافات العلمية
يعتقد بعض العلماء أن عصر الاكتشافات العلمية الجديدة ربما بلغ منتهاه. ويشيرون إلى أن الثمار الدانية في شجرة المعرفة - مثل قوانين الحركة والجاذبية - قُطفت كلها بأساليب بسيطة في القرون الماضية، وأن هذا يحيل المزيد من الاكتشافات الجديدة على أيدي علماء اليوم مهمة مستحيلة تقريبًا.
يرى علماء أن المساحات العلمية غير المكتشفة تبلغ الآن درجة من التعقيد، بحيث إن أعظم العقول نفسها تجد أنها عاجزة عن سبر أغوارها. إضافة إلى هذا، فإن المشاكل العلمية المتبقية بعيدة عن مدى حواسنا الطبيعي، بحيث تلزم للبشر ماكينات بالغة التطور والقوة لفهمها، وربما أكبر وأقوى كثيرًا من أكبرها وأقواها الآن وهي «مصادم الهدرونات الكبير» Large Hadron Collider.
يذكر أن هذا المصادم هو أضخم مُعجِّل جزيئات، وأعلاها طاقة وسرعة في العالم، ويقع داخل نفق طوله 27 كيلومترًا على الحدود السويسرية - الفرنسية. ومن أغراضه الأساسية محاولة الإجابة على معظم الأسئلة الأساسية في الفيزياء. وهذه مسائل متعلقة ببناء الكون وفهمها عن طريق فهم الجزيئات التي يتشكل منها الكون وأنواعها وطرق التفاعل بينها، وبالتالي فهم قوانين الطبيعة ونشأة الكون وحاله ومصيره.
ونقلت صحيفة «ديلي تليغراف» عن راسيل ستانارد، بروفيسير الفيزياء في الجامعة (البريطانية) المفتوحة Open University قوله إنه «بالرغم من أننا سنستمر في استثمار المعرفة العلمية المتاحة حاليًا في تطبيقات جديدة متجددة، فيبدو أن اكتساب المزيد من معرفة قوانين الطبيعة الأساسية يأتي إلى ختام الآن». ويضيف «نحن نعيش في عصر علمي سيسدل ستار ختامه في أي لحظة. وهذا لن يأتي عندما نكون قد اكتشفنا كل شيء عن العالم والكون، وإنما عندما نكون قد اكشتفنا ما بوسعنا اكتشافه فقط».
وفي كتابه The End of Discovery الصادر الخميس، يقول البروفيسير ستانارد إن من غير المجدي بناء ماكينات أكثر تطورًا وقوة من أجل استكشاف آفاق العلم واختراقها. ويضرب مثالاً لذلك بأن الاختبار العملي لـ«نظرية إم» M-Theory، المفضلة لدى بروفيسير الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ باعتبارها أساسية لشرح أسرار الكون، يحتاج إلى مُعجِّل جزئيات بحجم مجرّة كاملة.
ويوافق على هذا الرأي الكاتب العلمي الأميركي جورج جونسون صاحب كتاب The 10 Most Beautiful Experiments «التجارب العشر الأكمل» الذي يوثّق فيه لأهم الاختراقات العلمية التي اتيحت للبشر عبر وسائل بسيطة. ويصف الكتاب الكيفية التي توصل بها غاليليو إلى قوانين الحركة بدحرجة كرات المرمر على لوح خشبي، واستخدام إسحق نيوتن المنشور للتعرف إلى طبيعة الألوان.
وذكر هذا العالم في لقاء مع قناة «بي بي سي» الإذاعية الرابعة «أحسست بالحاجة إلى العودة الى الأساسيات.. إلى الوقت عندما كان بمقدور شخص بدماغ واحد ويدين أن يصمم جهازًا يصوغ سؤالاً إلى الطبيعة ويحصل منها على رد واضح لا مراء فيه».
ويؤمن جونسون بأن تلك الاكتشافات الأساسية صارت قصيّة على العلماء بسبب أن سبر أغوار بقية الظواهر الغامضة في الكون صار مستحيلاً بدون تجمع فريق كبير منهم وحصوله على تكنولوجيا أكثر تطورًا من تلك الابتدائية المتاحة حاليًا.
لكن كل هذا لا يعني أن الجميع متفقون على وصول مسيرة الاكتشافات العلمية إلى طريق مسدود. وعلى سبيل المثال فإن اللورد ريس، رئيس «الجمعية الملكية لتطوير المعرفة الطبيعية» في لندن، يعتقد أن ثمة أسئلة كثيرة باقية يمكن توجيهها عن أسرار الكون والمورّثات البشرية وكيفية بدء الحياة على الأرض.
وأوضح اللورد الانكليزي لقناة بي بي سي الرابعة أيضًا أن «كل هذه الأشياء تعتمد على مزيد من تدفق المعلومات، والكمبيوتر يساعدنا على توجيه الأسئلة على الأقل. لكنني أعتقد أيضًا أن هناك ما لا نفهمه من مظاهر الحياة، ولهذا السبب فإن قدرتنا على توجيه الأسئلة يصبح محدودًا».
ومضى قائلاَ «مثلما أن القرود لا تأبه بالكيفية التي نشأت وتطورت بها، بينما نفهم نحن النظرية الداروينية، فقد تكون ثمة أمور ظلت وراء حدود إدراك العقل البشري حتى الآن. اتفق مع راسيل ستانارد حول هذه النقطة، لكن هناك الكمبيوتر وعلينا الاستفادة منه».