عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بأبي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه، وجعلنا وإياكم من المنتصرين له، والطالبين بثأره مع إمامنا الحجة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

للإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، وقبلها في المدينة ومكة، أكثر من خطاب يستنهض فيه المسلمين ويدعوهم إلى نصرته.

ويقول الشيخ جعفر التستري في كتاب الخصائص الحسينية: "إن الحسين عليه السلام استنصر الناس سبع مرات واستغاث سبعاً، ثم يقول: إن التلبيات السبعة الواردة في زيارة الحسين عليه السلام (لبيك داعي الله) إجابة وإشارة إلى هذه الاستنصارات والاستغاثات.
ومن استغاثته عليه السلام يوم العاشر من المحرم ما رواه السيد ابن طاووس في كتاب اللّهوف حيث قال: "لما رأى الحسين عليه السلام كثرة َمنْ قُتل من أصحابه نادى: أمَا من مغيث يغيثنا، أما من ذابٍ يذبّ عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله.
ولما رأى مصارع فتيانه وأحبته عزم على لقاء القوم بمهجته ونادى: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله هل من موحّد يخاف الله فينا، هل من مغيث يرجو الله بإغاثتنا، هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا".
ولا يخفى أن خطاب الاستنصار الحسيني لا يقتصر على عصره بل يشمل كلّ الذين بلغهم هذا النداء ومكنهم الله من وراثة تراث عاشوراء... وذلك لسبب بسيط وهو: أن الصراع الذي خاضه الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء في سنة إحدى وستين هجرية، هو حلقة متوسطة من سلسلة حلقات طويلة من الصراع بين التوحيد والشرك والهدى والضلال والحق والباطل والجاهلية والإسلام.

وإن مرور كل هذه القرون الطويلة على استشهاد أبي عبد الله الحسين عليه السلام لم يخفف من قسوة الصراع ولا من ضراوة المعركة..فالصراع هو الصراع، والمعركة هي المعركة، والنداء هو النداء، والتلبية هي التلبية.
ولذلك كله، فإننا اليوم مسؤولون عن نصرة الحسين عليه السلام، ومخاطبون بالاستنصار ومطالبون بالاستجابة والتلبية كما كان الناس مخاطبون بالاستنصار مطالبون بالنصر في عصره.
والانتصار لأبي عبد الله الحسين عليه السلام اليوم، والاستجابة الحقيقية لنداءاته يمكن تحقيقها عبر مجموعة من الخطوات نستعرض بعض عناوينها:
أولاً: إصلاح النفس وتهذيبها وتربيتها على طاعة الله عز وجل والتقوى، والإخلاص لله والتوكل عليه والصدق معه وعدم التعلق بالدنيا وزخارفها وزينتها ومغرياتها. وهذا هو المائز الرئيسي بين أصحاب أبي عبد الله عليه السلام الذين ربوا أنفسهم على التقوى وآثروا الآخرة على دنياهم الفانية، وبين جماعة الطرف المقابل الذين آثروا دنياهم على آخرتهم فخسروا الدنيا والآخرة.
ثانياً: إصلاح الآخرين والأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالتكاليف الإلهية وتحمل كامل المسؤولية على هذه المستويات، فإن هذه العناوين هي أبرز ما في أهداف ودوافع الحسين عليه السلام ونهضته وشهادته وشهادة أهل بيته وأصحابه في كربلاء.
ثالثاً: الحضور في ساحات الجهاد المتعددة، والدعوة إلى دين الله وشريعته وأحكامه وحدوده، ورفض كل أشكال الظلم والطغيان والاستكبار، ومواجهة الظالمين والمستكبرين وعدم الركون إليهم ورفضهم والبراءة منهم والصمود في مواجهتهم، وهو عنوان عاشوراء كلها.
رابعاً: البقاء إلى جانب الحق والثبات عليه، مهما كان حجم التحديات أو المغريات أو التهويل، كما فعل أصحاب الحسين عليه السلام.
خامساً: الاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل الله وامتلاك الروح الاستشهادية الحسينية.
سادساً: حفظ المقاومة الإسلامية ومتابعة طريقها وخطها والثبات على نهجها مهما كلف الأمر حتى النهاية وتحقيق كامل الأهداف.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين