خاص: إعداد- سماح عادل
“هنري بركات” من عمالقة المخرجين المصريين، ولقب بشيخ المخرجين.
حياته..
ولد “هنري بركات” عام 1914 بحي شبرا مصر لأسرة من أصل لبناني، حيث التحق بكلية الحقوق ثم تخرج بكلية الفنون الفرنسية بالمنيرة 1935، وهو من أصل لبناني.
بدأ مساعد مخرج وقد اكتشفته وقدمته “آسيا داغر” حيث كانت تبحث عن مخرج يخرج لها فيلما جديدا، بعد أن تركها المخرج “أحمد جلال” وكان قد تزوج من ابنه أختها “ماري كويني” وانشغلا معا في تكوين شركة سينمائية، فاتجهت المنتجة “آسيا داغر” للبحث عن مخرج جديد ليخرج لها فيلم “الشريد” عام 1942.
السينما..
انتعشت مسيرته الفنية بتعاونه الكبير مع “فاتن حمامة”، حيث كونا ثنائي لمعت أعماله بشكل كبير من خلال تقديم مجموعة متميزة من الأفلام وصلت لـ18 فيلم، ومن أبرز هذه الأفلام: (الباب المفتوح، الحرام، دعاء الكروان، الخيط الرفيع، أفواه وأرانب، ليلة القبض على فاطمة).
قدم “هنري بركات” للسينما المصرية ما يقرب من 100 فيلم خلال مسيرة فنية طويلة بدأت في مطلع الأربعينيات وانتهت 1997، تعاون خلالهم مع عدد كبير من الفنانين كان أبرزهم “فاتن حمامة”، وتعاون أيضا مع نجوم الطرب والذي من أبرزهم “عبد الحليم حافظ” و”صباح” و”فريد الأطرش” و”فيروز”.
قال عنه الناقد “أشرف غريب”: “إن “هنري بركات”، هو رائد الواقعية الشعرية من خلال تقديم عديد من الأفلام التي تبرز تأثير الأحداث على الشخصيات من خلال أبعاد نفسية، كان “هنري بركات” من أرق المخرجين الذين علموا في السينما المصرية من خلال أفلام خاطبت الوجدان الإنساني بكادرات سينمائية ابتعدت عن مشاهد العنف والدم. إن العلامات البارزة في تاريخ “هنري بركات” جاءت بعد ثورة 23 يوليو 1952 من خلال تقديم أفلام اقتربت من واقع الحياة، وذلك في أفلام: “الباب المفتوح” و”الحرام” و”حسن ونعيمة” و”دعاء الكروان” و”أفواه وأرانب””.
ومن أبرز أفلامه:
الباب المفتوح: وهو فيلم من إنتاج عام 1963، ومأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتبة “لطيفة الزيات”، ومن بطولة “فاتن حمامة وصالح سليم وحسن يوسف وشويكار ومحمود مرسي”، وشارك “هنري بركات” بالفيلم في مهرجان جاكرتا السينمائي. وتدور أحداث الفيلم حول طبيعة المجتمع وأفكاره، من خلال أسرة ليلى التي تحمل الكثير من التناقضات بين الأب والأم ذوي التفكير الرجعي والابن صاحب الفكر الثوري المنفتح، وليلى الباحثة عن ذاتها بعيداً عن أفكار أهلها.
الحرام: فيلم من إنتاج عام 1965، من تأليف “يوسف إدريس” وسيناريو “سعد الدين وهبة”، وشارك “فاتن حمامة” في البطولة “عبد الله غيث” و”زكي رستم”، وشارك “بركات” بالفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي. وتدور أحداث الفيلم عن عمال التراحيل ومعاناتهم اليومية في البحث عن مصدر للرزق، وقسوة الحياة وأصحاب الأراضي التي يعملون بها.
دعاء الكروان: عن رواية “طه حسين” قدمت “فاتن الحمامة” هذا الفيلم، وشاركها البطولة فيه “أحمد مظهر” و”زهرة العلا” و”أمينة رزق”، وهو من إنتاج عام 1959، وشارك “بركات” بالفيلم في مهرجان برلين السينمائي. يروي الفيلم قصة الانتقام التي تتحول إلى حب بين الجاني وأخت الضحية، بسبب خداعه لها والاعتداء عليها، وتركها للقتل على يد خالها دفاعاً عن شرفه.
الخيط الرفيع: هو الفيلم الأول الذي عادت به “فاتن حمامة” بعد غياب 5 سنوات استقرت أثناءها في باريس، ومن إنتاج 1971، وشارك في البطولة “صلاح نظمي ومحمود يس وعماد حمدي” ومأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب “إحسان عبد القدوس”. ويدور الفيلم حول قصة حب تنشأ بعيداً عن التقاليد والعادات، تضحي فيها المرأة لأجل نجاح شريكها.
أفواه وأرانب: اشتركت “فاتن حمامة” و”محمود يس” في تقديم الفيلم 1977، ويحكي عن “نعمة” المسئولة عن أختها وأولادها التسعة، وتهرب من أسرة أختها لتقع في حب صاحب المزرعة التي تعمل فيها، وشارك في بطولة الفيلم “فريد شوقي ورجاء حسين وماجدة الخطيب وحسن مصطفى”.
ليلة القبض على فاطمة: عن الكاتبة “سكينة فؤاد” قدم “هنري بركات” و”فاتن حمامة” الفيلم، ليحكي عن قصة استغلال النفوذ والظلم بعد ثورة 52، من خلال شخصيتي “جلال” “صلاح قابيل” و”فاطمة” “فاتن حمامة”، حيث يدخل الأخ أخته مستشفى الأمراض العقلية مستغلاً تاريخها في النضال وحماية الفدائيين ونسبه لنفسه والحصول على منصب هام واستغلال منصبه. شارك بركات بالفيلم في مهرجان فينسيا السينمائي، والفيلم من إنتاج عام 1984.
حصل “هنري بركات” على العديد من الترشيحات والجوائز العالمية الهامة طوال مشواره الفني الذي امتد لأكثر من نصف قرن، وأهمها: ترشحه عام 1959 لدب مهرجان برلين الذهبي عن فيلمي “حسن ونعيمة”، و”دعاء الكروان”، وترشحه للسعفة الذهبية من مهرجان كان عام 1965 عن فيلمه “الحرام”، وفوزه بجائزة أفضل فيلم عام 1964 عن فيلم “الباب المفتوح” من مهرجان جاكارتا السينمائي، كما فاز بجائزة الذكر الخاص لمهرجان فالنسيا السينمائي الدولي عام 1984 بفيلمه “ليلة القبض على فاطمة”.
وفي مصر حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 1995، كما حصل على وسام من مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1991، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1994.
سحر السينما..
:في مقالة بعنوان (هنري بركات وسحر السينما) تكتب “سوزان نادى”: “كما يمسك الرسام بريشته ويبدع في رسم أبهى اللوحات الفنية مستخدما أجمل العناصر والألوان ليصنع أحلى تكوين فني يخطف الأبصار والقلوب، هكذا أيضا فعل المخرج العبقري هنري بركات، فهو أحب المخرجين إلى قلبي يتميز برومانسية وحس فني مرهف ليحول برشاقة وخفة القصة المكتوبة أمامه على الورق لتابلوه متناسق الألوان، لا يشذ منه لونا أو ينحرف عنه خطأ تماما ككل مشاهد أفلامه التي تأتى مترابطة متجانسة، كل منها يكمل الآخر دون زيادة أو نقصان، لتتجلى أمامي بوضوح عند رؤيتي ﻷحد أعمالة كلمة سحر السينما.. عاش “هنري” حياته مع والديه وأخواته الثلاثة في جو عائلي يسوده الدفء والمحبة والسلام، كان أبوه دائما يعود إلى المنزل حاملا وردة ﻷمه ولا يوما تخلى عن تلك العادة لتترك قصة الحب هذه بين والديه أثرا رائعا في نفسه، وربما مظاهر الحب التي عاش فيها هي التي جعلت أفلامه تنبع بصدق الإحساس والعاطفة ودفء المشاعر.. في فيلم دعاء الكروان ظلت فكرة تحويل هذه الرواية إلى فيلم في ذهن هنري، ولكنه كان يخشى تلك الأجواء الريفية وكيفية التصوير والتعامل معها حتى بدأ يتلامسها ويتعامل معها في فيلمه حسن ونعيمة، ثم تمكن من أدواته ورسم خطته المحنكة في تجسيد دعاء الكروان التي باتت سيمفونية رائعة في تاريخ السينما المصرية، وكثير من السيمفونيات التي تركها لنا على الشاشة مثل أفواه وأرانب، والحب الضائع، وفى بيتنا راجل”.
وتضيف: “والباب المفتوح أحد إبداعاته وهى قصة الناقدة والكاتبة لطيفة الزيات، كل هذه الأفلام تشترك في ثقل الفكرة المطروحة وروعة تجسيدها بالطريقة المنطقية التي تعلمها من دراسته للقانون، ففي أحد حواراته قال، إنه تعلم من القانون فن المنطق، ليترك لنا رصيد عظيم من أفضل أفلام السينما المصرية التي حازت على العديد من الجوائز”.
وفاته..
توفي”هنري بركات” في 1997 عن عمر ناهز الـ٨٣ عامًا.