محمد غني حكمت.. مدرسة فن النحت
وُلدَ محمد غني حكمت في بَغداد، وبدأ في صنع الأشكال والمسجمات وهو في سن الرابعة، وَدرس النَحت على يَد الأُستاذ جواد سَليم في معهد الفنون الجميلة في العراق وَتخرج مِنه عام 1953، ثُمَ بعث إلى روما وَحَصل على دُبلوم النحت مِن أكاديمية الفنون الجميلة هُناك عام 1955، وفي عام 1957 حصلَ على دبلوم المداليات من مدرسة الزكا في روما، وَبعدها تَوجه إلى فلورنسا وَحصل فيها على شِهادة الاختصاص في صَب البرونز عام 1961.
يُعتبر محمد غني حِكمت من الأعضاء المؤسسين لِجماعة الزاوية وتجمع البُعد الواحد، كما يُعتبر عضو في جَماعة بغداد للفَن الحَديث حيثُ ساهم في الكَثير من مَعارضها، وَلكن لَه دور فعال في المعارض الوَطنية المَحلية والدَولية، كما أقام عِدة معارض شَخصية في روما، وَبيروت، وَبغداد، وَفي عام 1964 حصل على جائزة أحسن نَحات على مُستوى العالم من مُؤسسة كولبنكيان.
لم يكن أحد من أفراد عائلته قد مارس فن الرسم أو النَحت، وتُعتبر أُسرته من الأُسر المُحافظة حيثُ كان يَنظر البَعض إلى فَن النَحت على أَنه من الأُمور المُحرمة في نظر الشرع. استناداً إلى مقابلة مع النحات محمد غني حكمت ذكرَ فيها أنَّ قد يكون هُناك أثر لِطفولته في سبب اختياره لهذه المِهنة، حيثُ كانَ يَذهب إلى نَهر دجلة وَيعمل من الطين الحر أَشكالاً لحيوانات أو قد تكون الزخارف والمقرنصات والقباب التي كانت تزين الأضرحة في مدينة الكاظمية الأثر الخفي في نُزوعه إلى فن النحت.
يعد من أبرز رواد الحركة التشكيلية العراقية والعربية، ويمثل مدرسة فنية في مجال النحت. وقد جملت تماثيله المبدعة العديد من ميادين العاصمة العراقية بغداد وساحاتها فضلا عن عواصم ومدن عربية وعالمية.
ومن أبرز أعمال الفنان الراحل تمثال شهريار وشهرزاد وكهرمانة (علي بابا والأربعين حرامي) وجدارية مدينة الطب وتمثال أبي الطيب المتنبي وبساط الريح والخليفة أبي جعفر المنصور والجنية والصياد في بغداد. كما ساهم في تنفيذ نصب الحرية الضخم الذي يقع في ساحة التحرير وسط بغداد نهاية خمسينيات القرن الماضي إلى جانب مصمم النصب أستاذه النحات الراحل جواد سليم.
أعمال متنوعة
ومن أعماله الفنية الهامة أيضا التي كان يستوحي عادة مضامينها ويستلهم أفكارها ودلائلها من عوالم ألف ليلة وليلة والنحت السومري والميثولوجيا البغدادية، نصب قوس النصر المنجز في ثمانينيات القرن الماضي ويجسد الانتصار العراقي في الحرب مع إيران.
وأنجز شيخ النحاتين العراقيين في ثمانينيات القرن الماضي إحدى بوابات منظمة اليونيسيف في باريس وثلاث بوابات خشبية لكنيسة "تيستا دي ليبرا" في روما ليكون بذلك أول نحات عربي مسلم ينحت أبواب كنائس في العالم.
كما أنجز جدارية الثورة العربية الكبرى في عمان وأعمالا أخرى مختلفة في البحرين تتضمن خمسة أبواب لمسجد قديم وتماثيل كبيرة ونوافير.
وانتهى النحات الكبير من إنجاز أربعة نصب جديدة لبغداد وهي: مصباح علاء الدين السحري الذي سيوضع في ساحة الفتح بالقرب من المسرح الوطني، وتمثال عن شموخ بغداد سيوضع في ساحة الأندلس، وتمثال عن إنقاذ مسلة التاريخ العراقي على شكل رجل يدفع بمسلة سيوضع في حدائق منطقة المنصور، وأخيرا نافورة تحوي شعرا لمصطفى جمال الدين ستوضع في منطقة الكاظمية.
وأقام الراحل معارض فنية عديدة في لندن والولايات المتحدة وباريس وإيطاليا وبيروت وحصل على جوائز عالمية ومحلية عديدة، منها جائزة أحسن نحات من مؤسسة كولبنكيان عام 1964.
مدرسة فنية
هو أول من أدخل صب البرونز ونحته إلى العراق ليدرج في مناهج أكاديميات ومعاهد الفنون الجميلة، كما أدخل تدريس النحت على الخشب والحجر والمرمر والطرق على النحاس وهي تخصصات لا تزال معتمدة في المعاهد العراقية، مستفيدا من تجربته الدراسية الغزيرة التي أمضاها في إيطاليا.
وكان حكمت عضوا مؤسِّسًا في "جماعة الزاوية" و"تجمع البعد الواحد" وعضوا في "جماعة بغداد للفن الحديث" وساهم في معارضها، كما ساهم في الكثير من المعارض داخل العراق وخارجه.
وتتلمذ على يديه في معهد الفنون وأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد العشرات من فناني النحت العراقي الذين يعدون الآن امتدادا لتجربته ومنهم خالد عزت وطه وهيب وآخرون.
واعتبر النحات العراقي طه وهيب أن "الحركة التشكيلية فقدت أحد أبرز رموزها وأحد مؤسسيها، كما أكد الناقد صلاح عباس أن رحيل حكمت "خسارة كبيرة للفن العراقي وقيمه ودلائله التي توهجت بعطائه ومسيرته"، مضيفا أن "أعماله الكبيرة ستخلده وتجعله حاضرا دائما ليس عند الأوساط الفنية بل لدى كل العراقيين الذين يستيقظون وينامون على رؤية هذه الأعمال".
ويعتبر حكمت واحدا من العديد من الفنانين الذين تعرضت أعمالهم للنهب والسرقة إثر الغزو الأميركي عام 2003. وأدى الاحتلال الأميركي إلى تدمير وسرقة 150 تمثالا من منحوتاته من البرونز والخشب والحجر و300 وسام وميدالية وشارة من الذهب والفضة والنحاس والبرونز كانت معروضة في أحد متاحف بغداد.
أَعماله الفَنية
صَمَمَ مُحمد حكمت مَجموعة من التَماثيل والنُصب وَالجداريات في بَغداد، وَمن أهمها:
تِمثال شهريار وَشهرزاد.
نَصب كهرمانة في ساحة كهرمانة وَسط بغداد.
علي بابا والأربعين حرامي.
تِمثال عشتار في فندق عشتار شيراتون، وهوَ أحد فنادق وَمعالم بغداد المَعروفة.
حمورابي.
جِدارية مدينة الطب.
تِمثال للشاعر العربي المَعروف أبو الطَيب المُتنبي.
نَصب الحرية: من إعداد النَحات المعروف جواد سليم ويعد هذا التَصميم مُجسداً لمسيرة الشعب العراقي من زَمن الاحتلال البريطاني إِلى العهد الملكي ثُم النظام الجمهوري حَتى وافاه الأجل، وَأكمل محمد حكمت إنجازه.
نصب إنقاذ الثقافة
نصب الفانوس السحري
نصب العراق ينهض من جديد
كَما أنجز حِكمت في ثمانينات القرن الماضي إحدى بوابات مُنظمة اليونيسيف في باريس وَثلاث بوابات خشبية لِكنيسة تيستا دي ليبرا في روما لِيكون بذلك أول نحات عربي مُسلم ينحت أبواب كنائس في العالم، فضلاً عن إنجازه جدارية الثَورة العَربية الكُبرى في عَمان وَأعمال مختلفة وَمتنوعة لَه في البحرين تَتضمن خمسة أبواب لِمسجد قديم وَتماثيل كبيرة وَنوافير.
وَتُوفيَ في عمان في الأُردن يوم 12 أيلول عام 2011