أم المؤمنين، هو مصطلح إسلامي يُطلق على زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ورد هذا اللقب في القرآن، حيث جاء في سورة الأحزاب قول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم لهن فضل ومزية عن بقية نساء المسلمين بنص القرآن الكريم في سورة الأحزاب أيضًا فقال تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}، وقد ذكر تقي الدين المقريزي في كتابه إمتاع الأسماع الاختلاف في عدد أزواج النبي اللاتي دخل بهن على أكثر من قول، فقال: أنَّ عددهنَّ اثنتي عشرة امرأة، وفي رواية أخرى إحدى عشرة، وفي رواية ثالثة خمس عشرة، وفي رواية رابعة: ثماني عشرة، وفي رواية خامسة: ثلاث وعشرين، وقال ابن هشام: وكن تسعًا، هذا غير النساء اللاتي لم يدخل بهن، وهناك اختلاف في عددهنَّ أيضًا، وأما السراري فالمعروف أنه تسرَّى باثنتين إحداهما مارية القبطية، والسرية الثانية هي ريحانة بنت زيد النضرية أو القُرظية، وها هي أسماء إحدى عشرة زوجة من زوجاته صلى الله عليه وسلم، وهن الأشهر.
1- خديجة بنت خويلد
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، من قريش: زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى، وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة، ولدت وتوفيت بمكة، ونشأت في بيت شرف ويسار، فكانت صاحبة خلق وصاحبة عفة وفضيلة، كانت ذات مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، فكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجارة لها ولـمَّا رأت فيه من الصفات العظيمة والحميدة أرسلت له من عرض عليه الزواج بها فقبل صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فولدت له من الأبناء القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وأولاد النبي صلى الله عليه وسلم كلهم منها، غير إبراهيم ابن مارية القبطية، ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها إلى الإسلام، فكانت أول من أسلم من الرجال والنساء، ومكثا يصليان سرا إلى أن ظهرت الدعوة، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت رضي الله عنها.
2- سودة بنت زمعة
بعد أن توفيت السيدة خديجة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وكانت في الجاهلية زوجة لابن عمها السكران بن عمرو بن عبد شمس، وأسلمت مع زوجها، وهاجرا إلى الحبشة، ولـمَّا توفي عنها زوجها خاف عليها النبي صلى الله من كفار قريش فتزوجها تكريم لها وحماية لدينها من الفتنة، وتوفيت في المدينة.
3- عائشة بنت أبي بكر الصديق
الزوجة الثالثة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي الوحيدة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا، فعن عائشة أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، جَاءَنِي بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ[1] مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأتكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا هِيَ أنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّه، يُمْضِهِ"[2]، وهي أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب، وكانت أحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وأكثرهن رواية للحديث عنه، ولها خطب ومواقف، وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض فتجيبهم، وكانت ممن حضر وقعة الجمل بموقفها المعروف، وتوفيت في المدينة وروي عنها 2210 أحاديث.
4- حفصة بنت عمر
حفصة بنت عمر بن الخطاب: صحابية جليلة صالحة، ولدت بمكة وتزوجها خنيس بن حذافة السهمي، ولـمَّا ظهر الإسلام أسلما معًا وهاجرا إلى المدينة فمات عنها، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيها وتزوجها، قال عمر بعد أن ترملت حفصة: أتيت عثمان بن عفان وقلت له: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال: سأنظر في أمري، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبابكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلم يرجع إليَّ شيئاً، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فجاء أبو بكر وقال: لم يمنعني أن أرجع إليك إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله قبلتها، واستمرت حفصة في المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن توفيت بها، وروى لها البخاري ومسلم في الصحيحين 60 حديثا.
5- زينب بنت خزيمة
زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية: كانت تسمى أم المساكين، لكثرة إطعامها لهم وصدقتها عليهم رحمتها ورقتها بهم، كانت زوجة لعبد الله بن جحش، فاستشهد في أحد، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تلبث إلا قليلا معه فماتت بعد الزواج بشهرين أو ثلاثة أشهر.
6- أم سلمة
أم سلمة هند بنت أبي أمية، وهي قديمة الإسلام، هاجرت مع زوجها الأول أبي سلمة بن عبد الأسد بن المغيرة إلى الحبشة، ثم رجعا إلى مكة، ثم هاجرا إلى المدينة، ولـمَّا مات عنها زوجها خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وكانت من أكمل النساء عقلًا وخلقًا وكان لها يوم الحديبية رأي أشارت به على النبي صلى الله عليه وسلم دل على وفور عقلها، وبلغ ما روته من الحديث 378 حديثًا وكانت وفاتها بالمدينة ودفنت بالبقيع.
7- زينب بنت جحش
زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، إحدى شهيرات النساء في صدر الإسلام، كانت زوجة زيد بن حارثة فطلقها، فأنزل الله تعالى يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان اسمها بَرّةُ فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وسماها زينب.
8- جويرية بنت الحارث
جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، من خزاعة: كان أبوها سيد قومه في الجاهلية، فسبيت في غزوة بني المصطلق ووقعت في نصيب الأنصاري ثابت بن قيس، فأدى الرسول عنها مكاتبتها لـثابت بن قيس، وعرض عليها الزواج بعد أن أسلمت وتزوجها صلى الله عليه وسلم، وكان اسمها بَرّةُ فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية، وكانت من فضليات النساء أدبا وفصاحة، روى لها البخاري ومسلم وغيرهما سبعة أحاديث، وتوفيت في المدينة.
9- صفية بنت حيي بن أخطب
صفية بنت حيي بن أخطب، كان أبوها سيد بني النضير، كانت ممن سبي خيبر، فأسلمت واصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه وأعتقها وتزوجها، وهي من سلالة الأنبياء هارون وموسى عليهما السلام، توفيت في المدينة لها في كتب الحديث 10 أحاديث.
10- أم حبيبة
أم حبيبة هي رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب ابن أمية: وهي أخت معاوية، كانت من فصيحات قريش، ومن ذوات الرأي والحصافة، تزوجها أولا عبيد الله بن جحش وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ثم ارتد زوجها عن الإسلام فأعرضت عنه إلى أن مات، ولـمَّا توفي زوجها أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها وعهد للنجاشي ملك الحبشة بعقد نكاحه عليها، ثم رجعت إلى المدينة لتأخذ مكانها بين أمهات المؤمنين، توفيت بالمدينة، ولها في كتب الحديث 65 حديثا.
11- ميمونة بنت الحارث
ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية: كانت ممن بايع بمكة قبل الهجرة، وكانت متزوجة في الجاهلية من مسعود بن عروة الثقفي ففارقها، ثم تزوجها في الإسلام أبو رهم بن عبد العزى، فمات عنها، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي آخر امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر من مات من زوجاته، وكان اسمها بَرّةُ فسماها ميمونة، وروت عنه 76 حديثا. وتوفيت في الموضع الذي كان فيه زواجها بالنبي صلى الله عليه ودفنت به[3].
[1] السَّرَقَةُ: بفتح السين والراء والقاف هي القطعة.
[2] مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب في فضل عائشة (6436).
[3] انظر: ابن هشام: السيرة النبوية، مصطفى السقا، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1375هـ= 1955م، 2/ 643- 647، وابن كثير: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1395هـ= 1976م، 4/ 579- 615، وتقي الدين المقريزي: إمتاع الأسماع، تحقق: محمد عبد الحميد النميسي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1420هـ= 1999م، 6/ 92، 133، وصفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم، دار الهلال، بيروت، الطبعة الأولى، ص434- 474. والزركلي: الأعلام، ومحمد بن صامل السلمي: صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر، مكتبة روائع المملكة، جدة، الطبعة الأولى، 1431هـ= 2010م. ص305- 309.
قصة الإسلام