سعدون باشا تردت العلاقات بين الشيخ مبارك الصباح وسعدون باشا السعدون شيخ قبائل المنتفق وتفجر الصراع لاسباب قبلية بحتة تتعلق بالغزو ورد المنهوبات وهي اخر مراحل تصعيد العداء بين الحليفين السابقين واهمها غزو سعدون لقبيلة مطير ونهبه لبعض بدو الكويت النازلين في المكان نفسه ، ففي بداية الامر اغار ابن حلاف على مواشي وابل عثمان الراشد من تجار الكويت في البر ونهبها ، فطلب الشيخ مبارك ارجاع المهوبات فلم يجبه ابن سعدون
ومن اسباب المعركة ايضا : فقدان صقر حر تعود ملكيته لسعدون باشا السعدون والذي وجد عند احد الاشخاص من عريب دار والذي رفض اعادة الصقر مما جعل سعدون يغير بنفسه عليهم فقتل منهم الكثيرين واستولى على اموالهم وابلهم ومواشيهم .
لكن سعدون باشا سارع بالاعتذار لجابر بن مبارك الصباح بعد ان تلقى منه رسالة واستعداه لرد المنهوبات لكن مبارك كما يبدو كان ينتظر شيئا من هذا القبيل من جانب سعدون حتى تكون لديه ذريعة لحربه .
حيث اخذ مبارك يحشد قواته لحرب سعدون فكان ان ارسل في طلب المساعدة من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود الذي لم يتردد بعد ان وصل الى الكويت في محاولة ثني مبارك عن عزمه لان الامر لا يستحق النزاع (وليس بيننا وبين الرجل خلاف حقيقي يوجب الحرب واني ارسى مسالمته اولى .. المسألة طفيفة وانا اتوسط بينكم وبين سعدون) .
الا ان مبارك كان يقرع طبول الحرب ولم تكن كلمات ابن سعود لتثنيه عن ذلك بل شق عليه ان يسمع مثل هذا الكلام فقال (انت ولدي وهل يقبل الولد بان يهان ابوه) فما كان من جيوش الشيخ مبارك الا ان خرجت وعلى رأسها ولد جابر وعبد العزيز بن سعود ، ويتفق المؤرخون على ان عدد رجال الحملة قد بلغ السبعة الاف رجل منهم الفان من اهل الكويت وابعماة من اعوان ابن سعود اما بقية الجيش والذي ضم 150 فارسا فقد كانوا من رجال القبائل حيث اشتركت قبائل العجمان ومطير والعوازم وبني هاجر وبني خالد وآل مرة وعتيبة وسبيع وقحطان والرشايدة.
وعندما علم سعدون باشا بخروج الجيش لحربه بادر بالسير لملاقاتهم واخذهم على حين غرة وكان معه من آل السعدون سبعون فارسا منهم عبد الله بك بن فالح باشا وابراهيم بك بن مزعل باشا ومزيد بك بن ناصر باشا بالاضافة الى خدمهم الخاصين كما انضمت اليه قبائل الجشعم ورئيسهم الثويني والسوالم آل حميد وكانوا ستين فارسا واربعون من المشاة رئيسهم ذياب بن شحم وعباس بن عشيش .
لكن الدعم الحقيقي لسعدون جاء من الظفير الذين كانوا مائة وعشرين فارسا على رأسهم الشيخ حمود بن نايف بن سويط وقسم من بني خالد يقودهم سلمان المنديل وقسم من الصمدة يرأسهم ظاهر ابا ذراع واهل السعفة والمجاريد وبنو مالك والشريفات .
وبعد مسيرة جيش الكويت بيوم واحد جاء (الضويحي) من كبار الظفير يدعو ابن سعود للتوسط بينهم وبيم جابر الا ان جابر المبارك رفض ذلك ثم التقى الجمعان على ابار عميقة بين الرخيمية والوقبا يقال لها (جريبعات الطوال) او (طوال الظفير) .
وفي فجر السادس عشر من مارس 1910 م الموافق 5 ربيع لاول 1328 هـ بادرت خيالة جيش الكويت والبالغة 150 فارسا بالهجوم ، فتزعزت فرسان سعدون عند تلقي الضربة الاولى وتراجعت عن مواقعها تاركة القتلى والجرحى في ميدان المعركة وقد غنم العجمان في هذا الهجوم الاول الناجح حوالي خمسين فرسا من الظفير الذين كانوا يواجهونهم مباشرة .
وكانت ساحة الوغي في ذلك النهار عبارة عن مستنقع جاف ثار غباره تحت سنابك الحيل المتلاحمة ، فقام سعدون الذي لم يفقد رباطة جأشه باستغلال فرصة الاضطراب وانعدام الرؤية وشن هجوما مشادا وقويا بالفرسان من الخلف على الجناح الايمن من جيش الكويت .
اما خيالة جيش الكويت فقد توقعوا ان يقوم الهجانة من خلفهم باستثمار النصر وان يتبعوهم بالهجوم العام لكن ما ظهر لهم من جهة رفاقهم لم يكن الا سعدون وخيالته ففروا في اثر رفاقهم ولم يبق في الميدان الا اين سعود واخوانه يسندهم العجمان الذين كانوا معهم في الجناح الايسر لكنهم كانوا اضعف من ان يحولوا الهزيمة الى نصر فانسحيوا بصورة اكثر نظامية حيث كانت لهم ثلاث وقفات في وجه العدو .
والاسم الذي حملته هذه المعركة كان مخالفا للعادة فقد سميت بمعركة هدية عند المؤرخين ويعود السبب الى ان جيش الكويت سار باعداد كبيرة من الرجال والجمال والخيل بل ان الكثير من تجار الكويت كانوا شبه متأكدين من النصر فحملوا معهم الدراهم لشراء الابل والخيام والاغنام ، بل يقال ان منهم من احضر الصبغ لكي يميز ما يشتريه من الغنائم .
وانتهت المعركة بعد جولتها الاولى وقيام سعدون بالهجوم المفاجئ والسريع على مؤخرة الجيش الكويتي والذي ترك مطاياه وسلاحه وتموينه دون قتال يذكر حتى قال احد الكويتيين (اخذنا اموالنا لسعدون هدية) .
وكانت غنيمة سعدون وحده خمسمائة بعير بالاضافة الى بيرق ابن صباح وبيرق ابن سعود ، اما القتلى فكانوا قلة من كلا الطرفين ويعود ذلك الى تسامح المنتصر والذي منع جنده من مطاردة المنهزمين دون الدخول في صدام كبير بالاضافة الى الوقفة الاخيرة لابن سعود والعجمان ، وكانت خسائر الكويت مائة وخمسين رجلا كما ذكر الوكيل السياسي البريطاني في الكويت .
وبعد انتهاء المعركة امر ابن حلاف وابن سعدون باكرام الاسرى الكويتيين وبث الطمأنينة في نفوسهم وتضميد جراح المصابين منهم ، ثم سمح لهم بعد ذلك بالمسير الى الكويت دون ان يلحق بهم اذى ، وقد ثمن اهل الكويت هذا الموقف الذي تميز بالكرم .
ويقول شبيب بن عثوان الرشيدي احد المشاركين في المعركة عنها انها وقعت في فيضة فيها سدر تقع على مقربة من بصوة وبصية وهما عد ماء في ترف الحنية من شمال وسميت هدية لان الذي اخذوه بغير اذية .
وفيما يلي بعض اسماء القتلى الكويتيين في معركة هدية :
1. مطلق فالح بن دخنان الغريبة الرشيدي
2. شمروخ محمد بن كعمي الرشيدي
3. حماد بن شغبان من السليمان من العجمان والملقب "بخيال العشاير"
4. ثاعي بن رجا بن طاحوس من آل خنثل من الرواضين من الزقاعين من السهول والملقب بركبان من (جيش الملك عبد العزيز بن سعود)
5 . مشل بن بدر مشل الدويش
وقال الشاعر الفارس محمد بن جدوع بن نملان الرشيدي يواسي الشيخ مبارك
لا تقول ان ذليل ما نغلب عياب امس هازعنا وباكر بحيل الله عليه
حنة القروة تبا من دقيق لنصاب دام ابو جابر حريب قهور لا تجيه
رددوها هل الضيم في شين التراب قطعوها الهور الاقصى ولو هي ما تبيه