أزمعتُ مدْحَ رسول الله مُرْتجلا
فاصطفَّ حرفي على طرسِ الهدى خَجِلا
هذا الذي قد أضاء الكون مطلعهُ
مابين بُرْديْهِ نور الله قدْ حَمَلا
سمْحٌ جميل المحيّا ليّنٌ دَمِثٌ
مثْلَ السحابةِ بعد الجدبِ قد هَطَلا
لمّا ولدتَ أضاء النور أبْطحها
واهتزَّ ايوان كسرى يومها..وَجِلا
حتى تساءلَ كلّ الناسِ في قلقٍ
ماذا جرى ما الذي في أرضنا حَصَلا
جاء الدنا بعدما قد مات والدهُ
هذا اليتيمُ الذي في خلقهِ كَمُلا
فيه الأمانةُ شيءٌ منْ مناقِبِهُ
والحقّ والصدقُ معروفٌ لمَنْ جَهِلا
كان التفكّر طبعٌ من طبائعهِ
يهفو إلى الغارِ دون الناسِ مُنْعزِلا
يرنو إلى صنعِ هذا الكون في شغفٍ
لابدّ من خالقٍ قد أتقنَ العملا
سبحانَ من خلق الدنيا وزيّنها
وأسبل السترَ فوق الناس مُنْسدلا
يأتي إلى الغارِ يبغي وصل خالقهِ
ينزاحُ همٌّ على أكتافِهِ ثَقُلا
أتاه جبريل في الصحراء قال لهُ:
اقرأ..فعادَ إليها خائفاً وَجِلا
فَزَمّلتهُ وقالت وهْيَ صادقةٌ
ما خيَّبَ الله عبداً فيه قد أمِلا
أنتَ الكريم إذا ماالضيف حلَّ بنا
تعين في الحقِّ مَنْ مِنْ فضْلكمْ سَأَلا
كانتْ له خير زوجٍ في مفاوزها
خديجةٌ أوقدتْ نوراً فما ذَبُلا
ألقتْ عليه رداءً منْ مَحَبَّتِها
ماأجملَ الحبَّ يروي القلبَ والمُقَلا
حتى تغلغلَ وهجُ الحبِّ في دمها
أعطتْهُ أمْوالَها ..والحبَّ والأَمَلا
سارا معاً في رحابِ الله يَجْمعهمْ
عهدٌ وثيقٌ نما في الحقِّ واتّصلا
يدعو إلى الحقِّ مشغولاً بدعوتهِ
في ذمّةِ الله ماأعطى ومابذلا
لهْفي عليهِ وقد ضاقتْ مسالكها
في هدأةِ الليل يدعو الله مُبْتَهِلا
يعلو على الحزنِ والآلام تُرْهقهُ
يرجوه نصراً لدين الله جلّ عَلا
ماخامر اليأس مَنْ للهِ وِجْهتُهُ
يبقى المُحِبُّ بحبلِ الله مُتَّصلا
منْ حولهِ ثلّةٌ الأصحاب دَيْدَنهمْ
حبُّ النبيِّ يضيء القلبَ والسُبُلا
ساروا إلى الله أرتالاً فما وهنوا
وجلّهمْ جاد بالأنفاس ما بخلا
تفديهِ أجسادُهمْ في كلِّ نازلةٍ
ويبذلونَ له الأرواح والمُقَلا
في حبِّهم لرسولِ الله بيّنةٌ
أصْحابه ضربوا في حبّهِ مَثَلا
كانوا نجوماً وكان البدر أوسطهمْ
فافْترَّ ثغرُ الدُنا في وجهِهِمْ جَذلا
جادوا بما ملكوا نصراً لما اعتقدوا
ماهمّهمْ فاقةٌ..لمْ يعرفوا الكَسَلا
كانوا يعيشون والأيامُ مُظْلمةٌ
جاء النبيُّ وأحيا فيهمو الأملا
فأخرجَ الناس من ظلمٍ ومنْ عنتٍ
إنَّ الحياةَ لمنْ في الناس قدْ عَدَلا
فما استطاعت قريشٌ رغم سطوتها
أن تطفِئَ النور في أرض الهدى اشتعلا
وحاصرتهُ قريشٌ وهي ظالمةٌ
أمضى السنين بشعبِ الجوع مُعْتَقَلا
ومرَّ عامٌ من الأحزان كان بهِ
صبرٌ جميلٌ..وعام الحزن قد أفلا
أسرى به الله صوبَ القدس ممتطياً
ظهر البراقِ بأمر الله مُرْتَحِلا
حيث التقى أنبياء الله إخوتهُ
فاستلَّ قرآنهُ مِنْ صدْرهِ وَ تَلا
حتى إذا جاء أمر الله وانطلقوا
إلى المدينة سار البدر مُكْتملا
في غار ثور وقد همّ الطغاة بهم
ورَدَّهم عنكبوت بيته جَدَلا
يمامةٌ قدْ بَنَتْ عشّاً تلوذُ بهِ
فأوْهَمَتْهم بأنَّ الغارَ منْهُ خَلا
يقول ياصاحبي إن الإله معي
ماضرنا كيدهم. بل زادهم خَبلا
الحقُّ يعلو وإن طال الزمان به
والبغيُ يَرْتَدّ مهزوما ومُنْخَذلا
واستقبلته جموعُ الناسِ في لَهَفٍ
ذاكَ النبي الذي في أرضهمْ نَزَلا
كانوا له إخوةً في الله وحّدَهمْ
بابُ الحقيقةِ يسمو كلُّ مَنْ دَخَلا
مهاجرين وأنصارٌ بهمْ رُفِعَتْ
هامُ العروبة حيثُ الغيم قد ثَقُلا
حتى إذا اشتدَّ عود الدين وارتفعتْ
بهِ المكارم والأخلاق واكتملا
جاءتْ إليه جموع الناس مؤمنةً
فبايعوهُ وحلْفُ الشرِّ قدْ خُذِلا
أْرْسى على الأرض حبَّ الخيرِ واجتمعتْ
له القلوبُ وبابُ الشرِّ قدْ قُفِلا
منهُ الشفاعة يوم البعث نطلبها
مِنْ حوضِهِ يرتوي أحبابُهُ عَسَلا
أنت الذي أرتجي يوماً شفاعته
يوم التغابن باتَ الكلُّ مُنْذَهلا
صلى عليك إلهي كلّ ثانيةٍ
ماغرّد الطير فوق الغصن ثمّ علا
م