مر ما يقرب من 13 عامًا منذ أن وضعت شركة آبل الأساس للهاتف الذكي الحديث من خلال هاتف آيفون الأصلي الصادر عام 2007، لكن القول بأن الهواتف الذكية حققت قفزات كبيرة منذ ذلك الحين سيكون أقل من الواقع، وبالرغم من أن هاتف آيفون الأصلي كان بالأساس جهاز آيبود يعمل باللمس مع اتصال خلوي، إلا أن الاجهزة المحمولة اليوم تطورت إلى أجهزة حاسب بحجم الجيب فائقة السرعة مع كاميرات احترافية.
وقد يكون التغيير الأكثر إثارة في صناعة الهواتف الذكية الذي سيظهر خلال العام الحالي غير متعلق بزيادة الأداء أو الشاشات المنحنية أو القابلة للطي أو زيادة دقة الكاميرات، وبدلاً من ذلك، فإن التغيير يرتبط بفكرة الهواتف العالية الجودة ذات الميزات مثل التعرف على الوجه والشاشات بدون حواف التي لن يصل سعرها إلى ألف دولار.
وبعد عدة سنوات من ارتفاع أسعار الهواتف الذكية، فقد يكون عام 2020 عامًا للهواتف الذكية الأرخص، حيث بدأت الميزات المتطورة تصل إلى المنتجات ذات الأسعار المعقولة، ويبدو أن هناك موجة قادمة من الأجهزة الجديدة ذات التكلفة الأقل بشكل ملحوظ من الأجهزة الرائدة الحديثة من آبل وسامسونج، وذلك استنادًا إلى عمليات إطلاق الهواتف الذكية التي حدثت في عام 2020 حتى الآن وتلك التي يشاع أنها ستصل في الأشهر المقبلة.
الهواتف الذكية الرخيصة المتوقعة هذا العام:
كشفت شركة سامسونج، على سبيل المثال، النقاب عن Galaxy S10 Lite و Galaxy Note 10 Lite في وقت سابق من شهر يناير.
وتأتي هذه الهواتف كإصدارات أقل تكلفة من هواتف Galaxy S10 و Galaxy Note 10 الذكية المتطورة، وإلى جانب التكلفة الأقل، فإن هذه الهواتف تقدم ميزات مثل شاشة بلا حواف تقريبًا مع وجود ثقب للكاميرا الأمامية وكاميرا خلفية ثلاثية العدسة.
كما أطلقت شركة TCL مؤخرًا هاتفًا ذكيًا جديدًا يعمل بنظام أندرويد وسعره أقل من 500 دولارًا عند إطلاقه، بحيث يتمتع هذا الهاتف المسمى TCL 10 Pro بقدرات يفتقر إليها حتى iPhone 11 Pro من آبل، مثل مستشعر بصمات الأصابع المدمج تحت الشاشة والكاميرا الخلفية الرباعية العدسة.
وفي حال كانت التقارير والشائعات الصادرة سابقًا صحيحة، فإن ذلك يعني أن هناك المزيد من الهواتف الذكية الرخيصة التي ستصدر في عام 2020، حيث من المتوقع أن تصدر شركة آبل تحديثًا لجهاز iPhone SE الصادر لأول مرة في عام 2016.
ويعد iPhone SE هاتفًا ذكيًا منخفض التكلفة أطلقته الشركة منذ ما يقرب من أربع سنوات ولديه نفس المعالج الموجود في جهاز iPhone 6S، والذي كان يمثل أحدث هاتف آيفون للشركة في ذلك الوقت.
ومن المتوقع أن تصدر شركة آبل هذا العام إصدارًا جديدًا من جهاز iPhone SE يشبه iPhone 8، لكنه يعمل بواسطة نفس المعالج الموجود في iPhone 11 و iPhone 11 Pro.
كما من المفترض أن تطلق شركة جوجل أيضًا هاتفًا ذكيًا بتكلفة منخفضة هذا العام، وذلك بعد إصدارها لهاتف Pixel 3a منخفض التكلفة في العام الماضي، وتوضح المعلومات أن هاتف هذا العام المسمى Pixel 4a سيكون لديه تصميم مشابه لهاتف Pixel 4 الأكثر تكلفة، لكن مع بعض التنازلات، مثل كاميرا خلفية أحادية العدسة بدلاً من الكاميرا المزدوجة في Pixel 4.
وتأتي عمليات الإطلاق بعد قيام صانعي الهواتف الذكية الأقل شهرة مثل ون بلس OnePlus وآسوس Asus بتطوير هواتف ذكية عالية الجودة منذ سنوات تتضمن العديد من الميزات نفسها الموجودة في أجهزة آبل وسامسونج وجوجل الرائدة، لكن بأسعار مخفضة بشكل ملحوظ.
الهواتف الذكية أصبحت أرخص بعد انخفاض المبيعات:
لا يأتي قرار عمالقة التقنية إطلاق هواتف ذكية أرخص صدفة، إذ عانت الصناعة من تباطؤ المبيعات خلال العامين الماضيين، ولم ترتفع الشحنات العالمية إلا في الربع الثالث من عام 2019 فقط، وذلك بعد سبع انخفاضات فصلية متتالية، ويمكن أن يكون جزء من هذا النمو بفضل الظهور المتزايد للهواتف الذكية الأرخص.
واستشهدت شركة أبحاث السوق آي دي سي IDC في الربع الثاني من عام 2019، عندما كانت شحنات الهواتف الذكية لا تزال في انخفاض ولكن أداءها أفضل مما كانت عليه في الفصول السابقة، بأجهزة من الفئة المتوسطة محسنة بشكل كبير توفر تصميمات وميزات متميزة بينما يقل سعرها بشكل كبير عن سعر الأجهزة الرائدة.
ومن المحتمل أن المستخدمين لم يعودوا على استعداد لدفع ألف دولار مقابل هاتف ذكي جديد، ووفقًا لدراسة أجرتها مجموعة NPD Group الشهر الماضي، فقد كشفت أن أقل من 10 في المئة من المستهلكين يدفعون أكثر من ألف دولار على الهواتف الذكية الجديدة.
وجاءت تلك الدراسة بعد أن أصبح مبلغ ألف دولار هو المعيار الوحيد لأسعار الهواتف الذكية في السنوات الأخيرة، حيث اكتسبت الأجهزة ميزات جديدة مثل الشاشات بلا حواف والتعرف على الوجه والكاميرات الأكثر تقدمًا.
وطرحت شركة آبل في عام 2017 هاتف iPhone X بمبلغ ألف دولار، لكن أجهزة آيفون الأقدم جرى إطلاقها بسعر أقل، حيث بدأ سعر هاتف iPhone 7 الصادر عام 2016 من 650 دولار أو 770 دولار للنموذج الأكبر iPhone 7 Plus.
كما أن تكلفة هاتف iPhone 8 بدأت من 700 دولار، وهو الهاتف الذي أطلقته الشركة في عام 2017 جنبًا إلى جنب مع هاتف iPhone X.
ومرت شركة سامسونج بتغيير مماثل مع استراتيجياتها للتسعير في السنوات الأخيرة، حيث تم تسعير هاتف Galaxy S7 الصادر عام 2016 بحوالي 650 دولار، لكن هاتف Galaxy S8 الصادر عام 2017 كان أكثر تكلفة بنحو 70 دولار.
وبدأت تكلفة هاتف Galaxy S10 الصادر في العام الماضي من 900 دولار، بينما أطلقت طراز Plus بسعر ألف دولار، وهو نموذج تسعير مشابه لنموذج تسعير هاتف iPhone 11 Pro من آبل بمبلغ 1000 دولار و iPhone 11 Pro Max بمبلغ 1100 دولار.
صناعة الهواتف الذكية تظهر علامات تغيير:
بالرغم من أن العام الحالي يبشر بموجة من الهواتف الذكية الرخيصة الواعدة، إلا أنه من الواضح أن صانعي الهواتف الذكية الكبار مثل آبل وسامسونج وجوجل يعدلون طريقة التسعير ويضيفون أجهزة جديدة إلى التشكيلة، حيث وصفت آبل، على سبيل المثال، جهازها الأقل تكلفة لعام 2019، iPhone 11، باعتباره طرازها الرائد، في حين وصفت نسخة السعر الأعلى بأنها طراز Pro.
ويمثل هذا الأمر خروجًا عن ما حصل في عام 2018 عندما كان ينظر إلى iPhone XR على أنه البديل المنخفض التكلفة لجهاز iPhone XS الرائد، وأطلقت سامسونج أيضًا Galaxy S10e إلى جانب S10 العام الماضي، والذي كان أرخص بنحو 150 دولار عند الإطلاق، وأصدرت جوجل نسخة أقل تكلفة من جهاز Pixel 3 بعد بضعة أشهر من الإعلان عن هاتفها الرائد.
وفي حال أخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، فإن التحولات في الإستراتيجية التي شهدناها من شركات مثل آبل وسامسونج وجوجل العام الماضي، بالإضافة إلى الهواتف الجديدة التي يتوقع رؤيتها في عام 2020، تشير إلى أن دفع مبلغ يقرب من ألف دولار مقابل الحصول على هاتف ذكي جديد سيكون قريبًا استثناءًا، وليس القاعدة، بالنسبة لمعظم الناس.