من بعيد ..........بجفنين ارهقهُما النور في ظهيرة شرقية ..(عبثاً خبأتهما خلف نظارة سوداء اعلنت انها مدحورة بالوهج) ، راقبتهما ....لا عن فضول ، لا عن اهتمام بما يجري ....بل لأنهما كانا الهدف الوحيد في مرمى عينيها الجميلتين ...

كانا يتهامسان بعشق ...غير عابئين بمن يُلقي به الدربُ مروراً بالقرب ....غيرَ منتميَين لما حولهما من جفاف ....كوَردتين في أصيص ٍ على رفٍّ باهت الالوان ...

كانا محور اهتمام كلّ المسرعين الى حيثُ ظل ...شعرت رغماً عنها بالعطف على قلبيهما المحاطين بفضول الشرق ....و فصام شخصيته ...رغم ما بدى منهما من لا مبالاة ...
كم تـمنت لو انها تقف على اعتاب مصطبتهما ..لتصرخ بتلك الوجوه المتلفتة ...و الشفاه المتأففة ...و العيون النهمة في اشمئزاز ....لتدفع كل ذلك الكم من الذباب المتعطش للحلوى ........
اتعبتها افكارها ....فأشاحت بناظريها الى حيث كان من المفترض ان يجيء ، ذلك المتأخر الازلي ....احست انها مرهقة من الانتظار ....كم مرة انتظرته عبر سنين جلست فيها في كل الامكنة وحيدة ...تهدهدُها افكارٌ ُمقلقة ...تحكي قصصاً عنه و عن الاخرين من حولها ...تمنعها من الراحة ...
الراحة !الراحة ! هزأت من نفسها ....لعنتْ حباً جعلها تعرف كل محطات الانتظار ...و كل مواقف القلق ....

عادت اليهما بعينيها ...كانا ينهضان مبتسمين ...متشابكي الايدي ...لمحت خاتميهما يلمعان تحت الشمس ....هزها البريقُ بعنف ..و هالها ان تكون هي الأَولى بالشفقة ...
جفلت على وقع صوت الكرسي الذي بقربها يعلن عن جالس ....: اسف ...تأخرتُ عليك ِ.....
قالها كما يقولها دوماً بلا روح ...بلا قصد .
عادت اليهما ،شعرت بالهلع ....انهما يبتعدان ....انهما يغيبان ........
نهضت ......حملت حقيبتها المقلية بالشمس ....و لحقت بهما ...