و ذرّى سكون الصباح الطويل
هتافٌ من الديكِ لا يصدأُ
وهزّ الصدى سعفات النخيل
وأشرق شباكنا المطفأ .
هتافٌ سمعناهُ منذ الصغر
سمعناهُ حتى نموت
يمرُّ على عتباتِ البيوت
فيرسم أبوابها و الحُجَر
ولا يهدأُ
إلى أن تسير الحقول
إلينا فنقطف منها الثمر
وعند الضحى و انسكاب السماء
على الطينِ و العشبة اليابسة،
يشقُّ إلينا غصون الهواء
صياحٌ ، بكاءٌ ، غناءٌ ، نداء
يبشر شطآننا اليائسة
بأن المطر
على مهمه الريح مدّ القلوع
هو البطُّ .. فلتهنأي يا شموع
بموتٍ بهِ تعرفين الحياة
بهِ تعرفين ابتسامَ الدموع :
نذوراً تذوبين ، للأولياء .
صياحٌ .. كأن الصياح
ينشّل مما انطوى من رياح ،
سهولا وراء السهول
أزاهيرها في الدجى من نباح
وعند النهار حزاما لقاح
وختمية ما لها من ذبول
ينشّر في شاطئ مشمس
من القي الكثّ غاب له عذبات تطول.
صياح كأجراس ماء ..
كأجراس حقلٍ من النرجس
يدندن و الشمس تصغي، يقول
بأن المطر
سيهطل قبل انطواء الجناح
وقبل انتهاء السفر …
18 - 3 - 1962