محمد كليب أحمد

تعزية حارة .. لك أيها المسمى وطناً!!

تقييم هذا المقال
بواسطة محمد كليب أحمد, 23rd December 2013 عند 10:54 AM (725 المشاهدات)
تعزية حارة .. لك أيها المسمى وطناً!!
بقلم / محمد كليب أحمد - عدن

هي سويعات معدودات نختلسها – بعد عناءِ يوم كامل - للالتقاء في نقطة واحدة ، نتبادلُ فيها أطراف الحديث الذي لا يختلفُ كثيراً عن سابقِ عهده ، وتلوكهُ أفواهنا كوريقاتِ الشجر التي نسأمُ من تسميتها وباتتْ أحد همومنا اليومية ..
وتعودنا في مطلعِ كل مساء أن يقبل علينا زميل دراستنا القديم ، وقد بدأ الشيب يعبثُ بليلِ رأسه ولحيته التي يداعبها بأناملهِ مبتسماً مكرراً ذات السؤال لنا وكأنه لا يريد أن يسمع اجابته :
- ما الجديد لديكم هذه الليلة ؟
وهو يعرف تماماً أنه لا جديد حتى في أي إجابة قد يصدرها أحدنا بلا مبالاة ، فالأيام تكرر نفسها والليالي تحرقُ أوراقها لا تأبهُ لأعمارنا أو معاناتنا المتصلة باللاشيء منذ سنوات طوال أقتطعـَتْ وكأنها الخيال ..
في هذا المساء المتكرر افتقدنا اطلالته حين تأخرَ على غير عادته ، مع أن أحد لم يبادر بذلك التساؤل ، إلاّ أن رنين جهازي الملقى إلى جانبي قد سدَّ فراغ الإجابة التي نبحث عنها ، فقد صعقنا بمخابرته العاجلة تلك عن وفاة أخته التي صارعتْ الداء طويلاً في اخريات أيامها ، عاجزة عن التنقل بين أروقة أو غرف المشافي السياحية التي يرتادها النخبة من المجتمع وهي ليست منهم !!
فقد أنفقـَتْ كل ما أذخرتهُ منذ صباها ولم يتبقَ لها سوى اسمها الذي كانت تحتفظُ به لتدوينهِ على ورقة المعاينة عند اسعافها في اشتداد حالات النوبات الحادة التي كانت تداهمها ..
وأحسستُ في نبرةِ ألفاظهِ بحشرجةٍ تكادُ تمزقُ أوتار صوتهِ المنهـَـك ، وكأنه يوصل لنا رسالة مفادها بأن هذه الحالة هي احدى النهايات المحتومة لأمثال هؤلاء المخلوقات المسماة ( مواطنين ) في تصنيفات حكومتنا الحكيمة التي تفخر بأرقى الدساتير والقوانين ، وتضاهي بها عدد من الدول الأكثر تقدماً وانسانية وعدلاً !!
نتفاخرُ بأن دستورنا العظيم يستندُ للشريعةِ الغراء ولعدالةِ السماء ، ونضيفُ إليه قوانيننا الأكثر تعقيداً وغرابة وهي قوانين القبيلة والتي لا يتعامل بها سوانا في هذهِ المعمورة ، وهذا هو التمييز بعينه .
عزائي البالغ لك أيها الأخ العزيز والزميل القديم ، عزائي وأسفي الشديد لك يا إبن هذه المحافظة البائسة التي كان ابنائها يتفاخرون بانتسابهم اليها وبمكانتهم الكبيرة لدى الحكومات المتعاقبة ، حتى تمكَّـن ساستنا المنتصرون من إدراجنا في قائمةِ المهزوم لينطبق علينا ما أنطبقَ على أحباشِ ابرهه الأشرم إثر هزيمتهم في اليمن .. وجميعنا يعرف انحدارهم الطبقي اليوم ..
عزائي لكَ أيها الأخ الحزين بمصابك الجلل عشرون مرة ولعشرين عاماً لم تعرف فيها من أنت ولأي وطن تنتمي ، حين صار الإنتماء للقبيلة أوالقائد الأعلى ، وصار الكل يزهو بالنصرِ للقوة ويزدري من التدني للإنسانِ والأرض !
ولم يحالفكَ الحظ بأن يسطر اسمك المنتصر وحتى بأسير حرب مهزوم استباح دمك من أخلفهم الله في أرضك ورزقك وقدرك ..
لك العزاء ، وبك نعزي أنفسنا إذ مكثنا صامتون حتى هذه اللحظة وأرتضينا بذلٍ لم يرضهُ لنا العزيز الجبار ..
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال