دخل بيته الصغير بعد يوم طويل وشاق .. اضاء انوار مكتبه الواقع في احد زوايا الصالة ..
كانت الاوراق متراكمة .. وقبل ان يجلس .. تذكر انه في حاجة لفنجان قهوة .. ذهب سريعاً ..
وقام بتجهيزها على عجل .. واحضر معها منفضته وعلبه سجائره ..
وجد اوراق قديمة كان قد كتبها .. منذ فترة طويلة .. فقرأ :

رآها بعد طول غياب .. كان اللقاء ساخناً .. والمشاعر وكأنها رُسمت على وجهيهما المرتبكان ..
حديث متقطع ومشاعر " مكبوتة " .. واعينهم ان التقتا ثواني .. هربتا مجددا ..
وهكذا مضت الدقائق الاولى .. مشحونة ومكدسة في احاسيسهما ..وغنيّة بـ ازدحام ممتع ..
وكأنهما غارقان فيه .. ولا احد منهما يحب .. أن ينجوا من بحرهما الهادر الماتع !

لم يلحظا .. قهوة عربية بالقرب منهما .. فمدت يدها قبل ان تبتسم .. وكأنها وجدت اخيراً ..
مخرجاً لغرقهما اللذيذ .. اخذت فنجاناً .. بكفها الموشوم نقشا وفتنة : بالحناء .. عندها فقط ..
تحدثا وغرّدا .. وانبتا حولهما جنائن الياسمين .. حتى ظللتهم هذه الجنائن عن العالم .. بما فيه !

حالما انتهى من القراءة .. وضع الاوراق جانباً .. ووضع رأسه على مكتبه .. وشعر بلسعات برد ( وحدته ) ..
ونام .. حتى افاق صباح اليوم التالي .. بدون ان يكون بجانبه أحد !!