علاء

اضواء على فلسفة صلاة الجمعة عند السيد الشهيد محمد الصدر

تقييم هذا المقال
بواسطة علاء, 16th April 2011 عند 08:00 PM (2761 المشاهدات)


صلاةُ الجمعة فريضةٌ إسلاميَّة, اجتماعيَّة, تمثِّل منبراً أُسبوعيّاً مهمّاً لإبداء وجهة النظر الإسلاميَّة في مختلف القضايا, فوق ذلك هي آليَّةٌ لممارسة الدَّعوة والوعظ والإرشاد و الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر.
ولكل ذلك اولاها السيد قدس سره كل الاهتمام وجعلها مكانا في غاية الاهمية باعتبارها الالية الاساسية التي مارس من خلالها مشروعه التغيري المبني بشكل متماسكا وفق التخطيط الالهي العام والذي يمثل لديه قدس سره الارضية التي تبنى عليها جميع افكاره ورؤاه الاصلاحية, ومن ثم فان الجمعة هي القناة الاساس التي
كان (قُدِّسَ سِرُّه), قد بدأ أوَّلاً بالدَّعوة لإقامتها والإستدلال على وجوبها إن اجتمع العددُ المطلوبُ فقهيّاً, ومن الواضح أَنَّ في نفس هذا الفعل نهوضاً بالأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر, الَّذي هو إقامة صلاة الجمعة, وحثّاً على أن يقيمها المسلمون, فهو حثٌّ على واجبٍ شرعيٍّ, فضلاً عَمّا في خطبتي الصَّلاة من مواردَ كثيرةٍ جِدّاً للأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر, وسنتعرَّضُ لبعضها ضمنَ نقاط:




النقطة الأولى
أمره (قدُِّسَ سِرُّه) بالجمعة وبيان وجوبها وآدابها وأخلاقيّاتها ونحو ذلك, ممّا هو من مصاديق الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"1- إِنَّها وإن كانت بالأصْل واجباً تخيريّاً, إِلا أَنَّه لو اجتمع خمسةٌ، أحدُهم الإِمامُ, أو سبعةٌ أحدُهم الإِمامُ, كانت واجباً تعيينيّاً، وأنا حسب فهمي إنَّ هذا ممّا يتَّفقُ عليه مشهورُ المتأخِّرين, مشهورُ الموجودين من المجتهدين.
2- افترضوا أَنَّ مجتهداً من المجتهدين قال بأَنَّه حتّى لو اجتمع خمسةٌ أو سبعةٌ أحدُهم الإِمام تبقى على الوجوب التخييريِّ – المجتهد له كِفْلٌ واحدٌ من الثَّواب إذا أَخطأ، وكِفْلان من الثَّواب إذا أَصاب, جزاه اللهُ خيراً – لكن ألا يمكن اختيار الجمعة كأَحد طَرَفَيْ التخيير؟ أنت حُرٌّ, واللهُ يقول لك أنتًَ حُرٌّ, تستطيع أن تُصَلِّي الظُّهر, وتستطيع أَنْ تُصَلِّي الجمعة، فأنتَ حُرٌّ تختار الظُّهْرَ دائماً, ولا تختار الجمعةَ دائماً, هذا ليس بإِنصاف, وأَنتَ تعلم أَنَّ الجمعة أَفضلُ الفرْضين, فاخترْ أفضلَ الفرضين, مع العلم إنَّهم لا يختارون أفضلَ الفرْْضين, بل يختارون أَدنى الفرْضين, وأَقلَّهما ثواباً, هل هذا ممّا يرضي اللهَ سبحانه وتعالى.
3- إنَّنا والحمدُ لله عشنا خلال هذه السَّنة – تقريباً أَستطيع أن أقول – في نعمة الله في إقامة صلاة الجمعة, ماذا حصل من سوء؟ بنعمة الله وحده لا شريك له, لم يحصل أيُّ سوء, فما هو سببُ التأَبِّي من حضور صلاة الجمعة؟
ولماذا التأبِّي من حضور صلاة الجمعة؟.
أكثر من ذلك, ليس إِنَّهُ فقط لم يحصلْ سوءٌ, بل حصل الخيرُ, وكثيرٌ من النور, وكثيرٌ من الأمر بالمعروفِ والنَّهْيِ عن المنكر, إذن، لماذا التأبِّي عن حضور صلاة الجمعة؟ أكثر من ذلك، يبدو أَنَّ المطلب, واضحٌ فيه عزَّةٌ للدِّين وللإسلام وللمذهب, ووحدة الكلمة, إذن فلماذا التأبَِّي عن إقامة صلاة الجمعة؟
هكذا لمجرَّد هوى النفس الأمّارة بالسوء.
إخترْ أفضل الفرضين من عِدَّة جهات, أفضل الفرضين أُخرويّاً ودنيويّاً, وأيضاً، أمّا أنَّك تختار السوءَ لنفسك, والبعدَ عن الله برأيك الشخصيِّ, فهذا منك غيرُ مقبولٍ إطلاقاً.
4- الأَمرُ بالولاية, أوَّلُ شيءٍ أناقشه بحسب القاعدة العامَّة,... كلُّ مجتهدٍ يتوصَّل إلى الولاية العامَّة بحسب الدليل معذورٌ, حتّى لو كان مخطئاً فهو معذور, فضلا عمّا إذا كان مصيباً, ومقتضى الإحتياط لا أقل -إذا كان غير مقلِّد له- أن يطيعه. هل أمر بسوءٍ؟ هل أمر بكفرٍ؟ هل أمر بنفاقٍ؟ إنَّما أمر بما يصلح النّاس, أو فيه فائدةٌ للمجتمع, وللمذهب, وللدِّين, فلماذا التأَبِّي عن صلاة الجمعة؟.
النقطة الرئيسيَّة الَّتي أريد أن أقولَها, أنَّ الأمر بالولاية يعمُّ المقلِّدين وغير المقلِّدين, معنى ذلك أنَّك حتّى لو لم تكن مقلِّداً عليك أن تحضر لصلاة الجمعة وجوباً بأمر الولاية, مرَّةً ترى وجوباً بأمر الشريعة, يعني إذا اجتمع خمسةٌ أحدُهم الإمام وجبت عيناً, هذا شيءٌ مشرَّعٌ بأمر الشريعة.
وأمّا إذا لم تكن مقلِّداً لشخصٍ من هذا القبيل, أو تذهب اجتهاداً أو تقليداً إلى خلافِه, فلا أقلَّ أن تطيع أمر الولاية وتحضر, فليذهبْ أمر الولاية, اضمن التكاتف والألفة بين المجتمع, التكاتف الدِّينيَّ وليس التعصُّب, هذا أليس بجيِّدٍ أيضاً؟ فلماذا التأبِّي عن حضور صلاة الجمعة؟"( ).
وقد ذكرت الخطبة بطولها, لأبيِّن بوضوحٍ كيف كان (قُدِّسَ سِرُّه) يبالغ في النصح, بألين القول وأفضله, مستعيناً بالدليل، مبيِّناً مواردَ الإشتباه والخطأ, محتاطاً ما استطاع إلى إفراغ ذمَّتِه, وإقامة الحُجَّة من جانب, وتحرِّي عدم جرح الأفراد والتعريض بهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً, علَّهم يخرجون من غفلتهم وينتبهون, ثمَّ إذا لم ينفع كلُّ ذلك, وتبيَّن عدم التأثير, هوَّن على نفسه بالإعتذار للأفراد ببعض الأعذار, فقد قال يوماً: لعلَّ لهُ عذراً وأنت تلومُ.
وذاك غاية الورع في الدِّين من جهة, وعدم التفريط بفريضة الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر من جهةٍ أخرى, ولعلَّنا نأسفُ غايةَ الأسف على أنَّ جملةً من المؤمنين لا يراعون ذلك، بل طالما فرَّطوا أو أفرطوا, فليتورَّعوا جزاهم الله خيراً. وليقتدوا بطريقتِهِ وأسلوبِه (قُدِّسَ سِرُّه) إن كانوا من الراغبين بالخير, الراجين لما هو الصَّواب, الخائفين من عقاب ربِّ الأرباب.




النقطة الثانية
إنَّه (قُدِّسَ سِرُّه) لم يكتفِ بالحثِّ على صلاة الجمعة من باب الأمر بالمعروف, بل قام أيضاً بحثِّ أئمَّة الجمعة على نقطة الخلل عندهم من باب الأمر بالمعروف أيضاً.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"الَّذي أفهمه من خطباء الجمعة أنَّهم يقتصرون على الحمد والصَّلاة القليلة ثمَّ يبدأون الكلامَ كما يحبُّون, أنا أعتقد أنَّ هذا خطأٌ جِدّاً, وأنَّ هذا تسامحٌ في الدِّين, مع احترامي لهم, وإن شاء الله هم غير مقصِّرين, ولكنَّهم غافلون, والغفلةُ قابلةٌ للتعويض بالإنتباه والإلتفات إلى ما يرضي اللهَ ورسولَه.."( ).
وفي ذلك منه (قُدِّسَ سِرُّه) أمرٌ واضحٌ بالمعروف, وهو لزوم ذكر الله تعالى, بل الأكثر من ذكره, ونهيٌ عن أن يستغلَّ الإنسانُ مثل هذا الموقع ليتكلَّم بأشياء تنتمي عادة إلى وجهة نظره وآرائه, وهذا مهمٌّ طبعاً, لكن الأهمَّ أن ينقل كلام الله وأئمة الإسلام, لا أن يقتصر على كلامه هو, ووجهة نظره هو.
وليس الأمر كذلك وحسب, بل فيه أمرٌ آخر تضمُّنيٌّ للخطباء بأن ينتبهوا إلى أنَّهم مُعرَّضون دائماً للنقد, وأنَّهم في موضع الرَّصد من جميع من يسمع، فعليهم الإعتناءُ بخطبهم, وإتعاب أنفسهم ولو قليلاً بالرُّجوع إلى المصادر والكتب العلميَّة, والإستعانة بآراء العلماء, و من بابٍ أولى الرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة.
وفي الخطبة أمرٌ آخرُ بالإلتزام أو بالدلالة الإلتزاميَّة, ودعوةٌ للناس خصوصاً المثقَّفين والدارسين, إلى رصد الأخطاء والضَّعف والخلل الَّذي لدى الخطيب, وأن لا يكونوا كالحجارة أو مجرَّد متلقِّين سلبيِّين, بل إنَّ وظيفتَهم تحتِّم عليهم أن ينتبهوا إلى الخلل لو وجدوه, ويشيروا إلى النقص لو شخَّصوه.
وفيها أمرٌ التزاميٌّ آخرُ, وهو الأمرُ بأن يكونَ نقدُهم مؤدَّباً, وبأفضل أسلوبٍ بما يحفظ كرامة الخطيب ومكانته, وأن يحمل الخطيب على الصِّحَّة عندما يوجد الخللُ عنده, وذلك بأن يكونَ غافلاً لا قاصداً أو مقصِّراً عامداً. فالواجبُ تحرِّي الوسائل الَّتي لا تجرحُ ولا توجبُ الطعنَ بالخطيب, بل الجمعُ بين سَدِّ الخلل وبيان النقص, وبين حفظ كرامة الخطيب ومكانته قدر الإمكان.
وليس الأمرُ مختصّاً بالخطباء, بل كلُّ نقصٍ يشاهد عند إنسان لا بدَّ لمن يريد أمره, أن يختار اللغة المؤدَّبة بل الأكثر أدباً, وأن يحمل الآخر على الغفلة لا على التقصير العمدي, ويراعي حفظ كرامته ومكانته كإنسانٍ, خصوصاً إذا كانا في وسط جماعة, بل حتّى فيما بينهما.



النقطة الثالثة
انَّه (قُدِّسَ سِرُّه) لا يترك الأمرَ الَّذي حثَّ عليه هَمَلاً, بل يحرصُ على متابعتِهِ, فإن تعرَّض للمطاعن والشُّبُهات بادرَ إلى دفعِها, وهو أيضاً أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر, وهكذا تعرَّضت صلاة الجمعة إلى عِدَّة مطاعن، فبادر (قُدِّسَ سِرُّه) إلى ردِّها والنقاش فيها, وكلُّ ذلك لإتمام الحُجَّة, وفي ذلك كبيرُ الحثِّ على أنَّ الإنسان إذا تصدّى للأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر, فعليه أن يبذلَ الوسع في النطق به، والحثِّ عليه، والنقاشِ مع من يناقشُه, فمن المؤسف أن نجد مَن يقتنعُ بما عنده ثمَّ لا يناقشُ ولا يبيِّن شيئاً ولا يفترض إمكان الخلل, بل إنَّه لا يتصوَّر إمكانَ غيرِ قناعاتِهِ، ومن ثمَّ فكلُّ شخصٍ آخر يحمل قناعاتٍ أخرى إنَّما هوفي رأيه معاندٌ مكابرٌ في أحسن الأحوال, لأنَّه غالباً ما يراهُ كافراً زنديقاً لا بدَّ أن ينالَ عقابَه.
فمجرَّدُ قناعتِهِ من دون مقارنتها تعني عنده لزوم معاًقبة كلِّ مَن يخالفُهُ، أو يطعنُ مشكِّكاً في صحَّة آرائه، ونحو ذلك.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"هناكَ سؤالان يعرِضان, واحدٌ من فضلاء الحوزة جزاه الله خيراً, قال لي بانَّهم يقولون – النّاس -: هل صلّى أئمَّتُكم جمعةً؟ إذا لم يكونوا قد صلُّوا جمعةً, فلماذا تصلُّون أنتم جمعةً؟ ويقول الآخرون هل صلّى علماؤكم السابقون جمعةً؟ فإذا لم يكونوا قد صلُّوا جمعةً، فأنتم لماذا تصلُّون جمعةً؟.
هذان الجوابان عزّا عليَّ جِدّاً، لأنَّ المصادر قليلةٌ, والتفقُّه قليلٌ عند غالبيَّة النّاس, فلذا وددتُ أن أتعرَّض لشيءٍ من جواب ذلك:
أنا أقول إن رسول الله (صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم) صلّى الجمعة, وأمير المؤمنين (عليه السَّلام) صلّى الجمعة, والإمام الحسن (عليه السَّلام) صلّى الجمعة, والإمام الحسين (عليه السَّلام) صلّى الجمعة, وإنَّ كثيراً من المسلمين في مختلف مذاهبهم بما فيهم الإماميَّة صلّوا الجمعة, ولا أعتقد أنَّها تُركت في أسبوعٍ إطلاقاً من صدر الإسلام وإلى العصر الحاضر, ولكن تحتاج إلى توفيق, طبعاً ليس كلُّنا موفَّقين هذا التوفيق.
ويمكن الإستدلالُ على أنَّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى الجمعة بالكتاب والسُّنَّة.
أما من الكتاب فقولُهُ تعالى:(يا أيّها الَّذين آمنوا, إذا نوديَ للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيعَ ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون]
إذا أردتم الفلاحَ, أي الفلاحَ عند الله, الفلاحَ في الدُّنيا والآخرة, فلبُّوا النداء,وأتوا إلى العبادة, وأتوا إلى الطاعة, وهي صلاةُ الجمعة.
الآن أسألُ سؤالاً, ليس لكم جميعاً, وإنَّما لفضلاء الحوزة, هل نزلت هذه الآية لتشريع الجمعة؟ أنا أقول لا, الجمعةُ كانت مشرَّعةً سلفاً, طبعاً نحنُ نفهم منها تشريعَ الجمعة، (فاسعوا إلى ذكر الله) أمرٌ، والأمرُ يفيدُ الوجوب, إلى آخره, صحيحٌ هذا؟.
الشيءُ الآخر، إنَّ هذه الآية لحلِّ مشكلةٍ اجتماعيَّةٍ آنيَّةٍ, كانت المدينةُ تعانيها في ذلك الحين ( وأنا أقدِّم لك فهمي, وأنت لك فهمُك, وأنا لا أفرض رأيي على أحدٍ, أنا ،الَّذي أفهمُه أنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلِّي الجمعة , لكن جملةً من النّاس غير الموفَّقين يقولُ لك: (ألهانا الصفقُ في الأسواق), التجارةُ, والبيعُ, والربحُ, وطعامُ العائلة, وغيرُ ذلك, لا يأتون إلى الجمعة, فحذَّرهم اللهُ سبحانه وتعالى بهذه الآية ( إذا نودي للصَّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع], معنى ذلك أنَّ هذه الآية تحلُّ مشكلةً اجتماعيَّةً قائمةً, يعني أنَّ صلاة الجمعة كانت قائمةً قبل نزول الآية, هذه واحدة.
بعد أن تُوفِّيَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تُركت سنَّةُ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم يقولون إنَّنا خلفاءُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), لا, طبعاً التزموا بما التزمَ به رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم), إلى أن وصلت الخلافةُ الدنيويَّةُ إلى أمير المؤمنين (عليه السَّلام), بالتأكيد التزم بهذا المسلك, التزم بهذه الصَّلاة وهذه العبادة, بعده الحسن (عليه السَّلام) وبعده الحسين (عليه السَّلام) .
طبعاً أمير المؤمنين (عليه السَّلام) صلّى جمعة في مدينتين وأكثر, في المدينة, وفي البصرة, وفي الكوفة, حيثُ نحنُ هنا موجودون صلّى الجمعة هنا, وسبحان الله، الخطابةُ اعتياديَّةٌ بالنسبة إلى كثيرٍ من العرب, اعتياديَّةٌ بالنِّسبة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), اعتياديَّةٌ بالنِّسبة إلى أمير المؤمنين سلام الله عليه,اعتياديَّةٌ بالنِّسبة إلى المعصومين, وغير المعصومين, ليست مشكلة, يقف ويخطب اعتيادياً خطبتين, ويصلِّي ركعتين, معنى ذلك أنَّهم صلُّوا الجمعة, ....آخر الخطبة"( ).
مُلَخَّصُ ما مرَّ أمورٌ:
الأوَّل: الإستدلالُ على أنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى الجمعةَ بالآية الشريفة والروايات العديدة الَّتي ذكرها في تمام الخطبة, أَعرضنا عن ذكرها تامَّةً توخِّياً لعدم الإطالة, فراجعْ تمامَ الخطبة.
الثّاني: إنَّ أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السَّلام) أقاموا صلاةَ الجمعة, كما هو ثابتٌ وواضح.
الثالث: إنَّ بقيَّة الأئمَّة أعرضوا عن إقامة صلاة الجمعة بأنفسِهم اضطراراً لا اختياراً, لأنَّ الخلفاء الدنيويِّين كانوا يقيمون الجمعة, فكانوا يصلُّون خلفهم تقيَّةً, لكنَّهم كانوا يحثُّون أصحابَهم في أماكنَ بعيدةٍ عن المدينة، أو المكان الَّذي فيه الإمام (عليه السلام), على إقامة الجمعة فيما بينهم طالما كانت هنالك مندوحةٌ لإقامتها.
ثمَّ شرع (قُدِّسَ سِرُّه) بعد ذلك في الإجابة على السُّؤال الثّاني.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"الآن، في الخطبة الثّانية، أجيب على السُّؤال الثّاني: انَّه لماذا العلماءُ قدَّس اللهُ أرواحَهم جميعاً, لم يقيموا صلاةَ الجمعة؟
في الحقيقة، هذا له عِدَّةُ أجوبة, وهذا الشيءُ ناشيءٌ من الغفلة عن تأريخ الإسلام, وتأريخ التشيُّع, ليس أكثر من ذلك, الآن، أنا ابدأ بما سنح لي ممّا يمكن أن يقع جواباً لهذا السُّؤال:
أوَّلاً: إنَّنا لا نستطيع أن نقولَ إِنَّهم لم يقيموها إطلاقاً, بل أقامَها الكثيرُ منهم, ولكن لم يرد خبرُها, لأنَّها كانت صلاةً اعتياديَّةً كالصَّلاة اليوميَّة, ولا حاجة إلى نقل أخبارِها, ويمكن أن نعتبر بهذا الجيل كصورةٍ عن الأجيال السابقة, فإنّا نجد صلاة الجمعة مقامةً في كثير من البلدان, في لبنان, وإيران, والخليج, وباكستان, ومن سنين طويلة, كلُّ ما في الأمر أنَّ وسطَ العراق وجنوبَه لم يكن معتاداً على ذلك, ومن سوءِ التوفيق ليس أكثر من ذلك.
ثانياً: لو تنزَّلنا, ولن نتنازل, ولكن لو تنزَّلنا, وقلنا إنَّها لم تكن مقامةً من قبل علمائنا قدَّس اللهُ اسرارَهم, فيمكن أن نحملَهم على الصِّحَّة, بوجوهٍ عديدةٍ منها, انَّ هذه الصَّلاة بالأصل واجبٌ تخييريٌّ, فيفضِّلون صلاةَ الظهر لأنَّها أسهل, في حين انَّ الجمعة تحتاجُ إلى إعدادٍ وترتيبٍ كما ترون.
ثالثاً: إنَّهم لعلَّهم لم يكونوا يقيمونَها لكي لا تحصلَ هذه المفسدةُ الَّتي كنتُ أشيرُ إليها فيما سبق, إنَّ السيِّد محمَّد الصدر لماذا لا يقيم الجمعة في النجف, أو في الكوفة, كنت أقول, إنَّها تحصلُ مفسدةٌ. ما هي المفسدة؟.
وهي أنَّ واحداً من العلماء يقيمُها فلا يحضرُها العلماءُ الآخرون, وهذا فيه تفرقةُ صفوف الدِّين والمذهب, وينكشفُ أمامَ النّاس بصراحةٍ, وهذا يمكن تكرُّرُه في كلِّ جيل, لأنَّ الخلافات بين العلماء إجمالاً موجودةٌ في كلِّ جيل( ) , فلربَّما يحصل ذلك, والشعورُ بالمصلحة العامَّةِ الحقيقيَّّةِ قليلٌ ما بين النّاس, فمن هذه الناحية ربَّما لا يأتون, فإذا كان السيِّد محمَّد الصدر عنده قوةُ قلبٍ على أن يتقدَّم, فليس للسابقين قوةُ قلبٍ على أن يتقدَّموا.
رابعاً: إنَّ صلاة الجمعة والعيدين فيها خطبتان, بخلاف اليوميَّة، ليس فيها خطبة, والخطبتان ليستا بسهولةٍ, بل تحتاجان إلى مرانٍِ وقدرةٍ, ولا يطيقُهما الا القِلَّة, ومن المعلوم أنَّ الحوزةَ الشَّريفة –مع احترامي لها- تنمِّي العقلَ من جهاتٍ عديدةٍ, ولكنَّها ليس فيها تعويدٌ على الخطبة....
خامساً:اختلاف مستوى المجتهد والمرجع عن مستوى عوامِّ النّاس, فهو لا يجدُ أُسلوباً معيَّناً للتفهيم, لأنَّ مستواهُ عالٍ...
سادساً: إِنَّها خلافُ سياسةِ المرجعيَّة –لو صحَّ التعبير- جيلاً بعد جيل, منذُ حوالي ثلاثمائة سنةٍ أو أكثر,...... نحنُُ أفضلُ أم رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ نحنُ أفضلُ أم أميرُ المؤمنين (عليه السَّلام)؟ رسول الله أما كان يخطب؟ أما كان يُصلِّي الجمعة؟ أمير المؤمنين (عليه السَّلام) أيضاً, نهجُ البلاغة بين أَيدينا, لنا برسول الله أُسوةٌ حسنةٌ, في بعض الأشياء؟ أو في كلِّ الأشياء؟ إذن لنا أُسوةٌ حسنةٌ بخطاباتِهِ,ولنا أُسوةٌ حسنةٌ بخطاباتِ أمير المؤمنين (عليه السَّلام), ولنا أُسوةٌ حسنةٌ بخطاباتِ الحسن (عليه السَّلام)، ولنا أُسوةٌ حسنةٌ بخطاباتِ الحسين (عليه السَّلام)، في كربلاء طبعاً خطب, فلماذا ترك علماؤنا الخطابة..."( ).

النقطة الرّابعة
يمكن القول إنَّ الأمرَ بالمعروف والنَّهْيَ عن المنكر اللِّسانيَّ هو مجرَّدُ خطابٍ نظريٍّ يسعى إلى الإقناع عبر الأدلَّة النظريَّة, ومن ثمَّ فإنَّ نسبة الإِقناع ستكون أكبر فيما لو تبيَّن تطبيقيّاً صدقُ جملةٍ من الأُطروحات أو المنافع الَّتي كانت تذكر نظرياً, و حينئذٍ يمكن للآمر بالمعروف أو النّاهي عن المنكر أن يستعملَ ما تحقَّقَ عمليّاً أو يوظِّفَه لتوكيد الأمر الأوَّل, بل إنَّ إلزام الحُجَّة حينئذٍ على الآمر والمأمور في غاية الوضوح, إذ مع ظهور المستجدّات الَّتي تدعم المأمور به وتمتِّن الأمر وتزيده وضوحاً, بما يؤدِّي إلى مزيدِ قناعة, ومن ثمَّ لا بُدَّ للآمر من إعادة الأمر مستثمراً ما تحقَّقَ عمليّاً, وفي ذلك إلزامٌ بالحُجَّة أوضحُ وأشدُّ وأقوى على المأمور, ومن هذا المنطلق واصل (قُدِّسَ سِرُّه) أمره بصلاة الجمعة مستثمِراً ما تحقَّقَ عمليّاً.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"من الناحية النظريَّة كنا نقول، وأنا سجَّلْتُها في بعض كتبي, إنَّ صلاةَ الجمعة تفيد المجتمع وتحلُّ مشاكلَه, وتذلِّلُ صعوباتِه, وتدفعُ إلى تقويم انحرافاتِه.
الآنَ أصبحَ هذا شيئاً واضحاً بالتطبيق ولله الحمد, الجمعة هي اللِّسان الناطق باسم اللهِ ورسولِه وأمير المؤمنين, وهدايَةٌ للناس أجمعين, كائناً من كان خطيبُ الجمعة، سواءٌ كان السيِّد محمَّد الصدر أو غيرَه, نسمعُ منهم الحقَّ وندفعُ بهم الباطل, ونرضي اللهَ ورسولَه والمعصومين سلام الله عليهم أجمعين. وهذا ينبغي أن يكونَ واضحاً وأكيداً في أذهاننا جميعا"( ).
والحقُّ انَّ أَغلب من أخذ على عاتقه الأمرَ بالمعروف والنَّهْيَ عن المنكر, عندما يأمرُ بشيءٍ لا يراقبُ مدى استجابة المجتمع له ومدى تأثيره, بل يهملُه تماماً، ولا يسعى إلى توفير كلِّ ما من شأنِهِ تدعيمُ ذلك الأمر, وهكذا تجد أنَّ الكثيرَ من الدعاوى الإصلاحيَّة ونحوها. ذهبت أدراجَ الرياح لمحضِ أنَّ القائمين عليها لم يتابعوا دعواتِهم وأوامرَهم, ولم يسعوا إلى تقويمِها ورفدِها بكلِّ ما من شأنه خلقُ فضاءِ النجاح، وتوفيرُ فرص ترسيخِهِ، مستغلا ًالظُّروف المُمكنة من ذلك.


النقطة الخامسة
(الذكرى تنفع المؤمنين) تلكم كانت سُنَّة السيِّد(قُدِّسَ سِرُّه) فهو لا يترك فرصةً للتذكير, وهو نوعُ أمرٍ أو نهيٍ, لا أقلَّ انَّ نفس التنبيه والتوكيد يوجبُ ترسيخَ المأمور به في نفس المأمور أو المذكَّر بما يقلق ضميرَه ويخلق في نفسه باعثاً للوم والعتب والمراجعة والندم.
وكذلك ركَّز (قُدِّسَ سِرُّه) على مقولة أَنَّ (لكلِّ شيءٍ عبرةً), بما يدفع نحو استنتاج العبر والدُّروس, من تقلُّبات الحياة وأطوارِها وأَحداثِها وقضاياها بما يمكن أن يستثمرَهُ الدّاعي أو المصلحُ أو الآمِرُ بالمعروف لصالح دعوتِهِ وإصلاحاتِهِ وأوامرِهِ ونحو ذلك, ويدفعُ المجتمعَ نحو التفكير بما يدورُ حولَه، والسعيِ لاستجلاب الحكمة والفائدة من وراء ما يجري, بما يؤدِّي إلى تعوُّدِ ذات الفرد على الإِتِّعاظ بالأشياء من حوله وأَخذ الدُّروس من الحياة.
شيءٌ آخر, هو ترسيخُ المناسبات وتكثيرُها بما يجعل دائرةَ استثمارِها في طريق الإِصلاح والأمر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر أَوسع, والإعتبار والفائدة أَكبر. وفي ما نحنُ بصددِهِ -أي صلاة الجمعة- استثمر (قُدِّسَ سِرُّه) العديدَ من المناسبات كولادة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاتِهِ وولادات الأئمَّة (عليه السلام) ووفياتِهم والأعيادِ والمناسباتِ الإسلاميَّةِ الأُخرى, بما يؤدِّي إلى اطِّلاع المجتمع بعامَّتِهِ على حياة هذه النماذج العالية من الشَّخصيّات العظيمة, وتكثير التجمُّعات واللِّقاءات لتوفير فرصٍ أكبر للموعظة والإستفادة وتحصيل المنافع المعنويَّة بمختلف أشكالها, ولم يكتفِ (قُدِّسَ سِرُّه) بما تعارف من مناسباتٍ, بل أضافَ إليها جملةَ مناسباتٍ مستحدثةٍ أو غيرِ ملتفَتٍ إليها كهدْم قبور أئمَّةِ البقيع (عليهم السَّلام).
ومن أَهمِّ المناسبات المستحدَثة, الذِّكرى السَّنويَّةُ لإقامةِ صلاة الجمعة, والَّتي استثمرها (قُدِّسَ سِرُّه) من أجل تركيز الأَمر في الأَذهان, أو التذكير بما هو الصَّحيحُ أو الأَفضل، أَعني إِقامةَ الجمعة, وبيانَ ما تحقَّق, بما يشتمل على المبالغة في إِقامةِ الحُجَّة وتبليغ الأَمر.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"الآنَ نحاولُ أن نستفيدَ العبرةَ من هذه التجارب الدِّينيَّةِ والإجتماعيَّةِ الَّتي حصلت من خلال صلاة الجمعة في هذا العامِّ، فإِنَّ لكلِّ شيءٍ عبرةً وموعظةً مهما كان قليلاً أو كثيراً, كما قال تعالى: [وكأَيِّن من آيةٍ في السَّموات والأَرض يَمُرُّون عليها وهم عنها معرِضون].
وإذا كان الأَمرُ مهمّاً كانت عبرتُهُ أَكثر، وتجاربُهًُ أَعمقَ لا محالة, وكان أَولى بالتذكير والإِعتبار, ولئن جعلنا هذه التجارب مرقاةً –وإن شاء الله نجعلها مرقاةً إِلى رضاء الله تعالى ومقدِّمةً للمزيد من عبادتِهِ- كان أَفضلَ ممّا إذا أخذنا الفائدةَ الدُّنيويَّةَ فقط، والَّتي لعلَّ فيها خُسْرانَ الدُّنيا والآخرة, ذلك هو الخُسْرانُ المُبين. إذن ما هيَ العِبْرة:
أَوَّلاً: العِزَّةُ والشَّرفُ والرِّفْعةُ الإِجتماعيَّةُ والدِّينيَّةُ الَّتي حصلت للمذهب في كلِّ العالم عامَّةً، وفي العراق خاصَّةً, ورفعُ ما كان من ذلَّةٍ وقُنُوطٍ وخنوعٍ واقتصارٍ على اللَّذائذِ الشَّخصيَّةِ والأَرزاقِ التجاريَّة والأُسريَّة, ومن هنا يمكنُ أنْ نلاحِظَ أَنَّ ما حصَلَ هنا بصلاة الجمعة –الملتزمون بها جميعاً إن شاء الله- لم يحصل على مدى التأريخ لأيِّ أَحد. وأَمامَنا الآن إيران، فإنَّهم أقاموا صلاةَ الجمعة –نعْمَ ما فعلوا-, لكن لم تكتسبْ إقامتُها هذه الأهميَّةَ الَّتي رأيناها هنا في العراق, بالرُّغم من وجود دولتِهم وحوزتِهم, وإنَّما نظرَ إليها العالمُ هناك كعبادةٍ اعتياديَّةٍ حصلت خلالَ هذه السنة المباركة، هو ما قلته خلال هذه السَّنة عِدَّة مرات والفضلُ لله سبحانه وحده, يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم.
ولكن إذا نظرنا إلى الأسباب فقد فتحت أفواه جماعةٍ من الخطباء قد يصلون إلى السبعين من خطباء الجمعة في الموعظة والإِرشاد والترغيب والترهيب والتذكير بالأُمورِ الدِّينيَّةِ والفقهيَّةِ بشكلٍ يجبُ على الآخرين حضورُها والإِصغاءُ إِليها...وهذا ممّا لا يحدثُ في سائر المواعظ...
وتكونُ نتيجةَ ذلك زيادةُ الموعظة والتثقيف الدِّينيِّ، والدُّخولُ إلى النفوس والقلوب....
ثالثاً: إِنَّهُ قالت جماعةٌ من الحوزة ولعلَّها مازالت تقول إنَّ إِقامة صلاة الجمعة فتنة، وإِنَّما الفتنةُ هم الَّذين فتحوها بإِصرارِهم على عدمِ الحضور ... ولو حضروا لكان الإِنتصارُ أكثر، واتِّحادُ الحوزة والمذهب أَكثر.. حتّى انَّني قلتُ إنَّه بغضِّ النَّظر عن السِّلاح لو حضروا فإنَّنا نستطيع عندئذٍ من النّاحية المعنويَّة أَنْ نواجهَ إِسرائيلَ نفسَها ...ونقول لها كلا ثمَّ كلا، ارجعي من حيثُ أتيتِ..."( ).

النقطة السادسة
إنَّ جملةَ المنافع الَّتي تحقَّقت بفضل صلاة الجمعة كانت للمجتمع, وكان (قُدِّسَ سِرُّه) يرى أنَّ المجتمع يصيِّر الجمعة رهينةً به، وهذا ما دفعه (قُدِّسَ سِرُّه) إلى النَّهْيِ عن ذلك. والأَمر بالإِستمرار على صلاة الجمعة به (قُدِّسَ سِرُّه) أو بدونِه, وهو أَمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن ترك ما هو أفضلُ الأَفراد أو قل المستحب, إن لم نقل الواجب من جهة ما يتعلَّقُ به من مصالح, التي لا بدَّ أن يؤدِّي تركُ صلاة الجمعة إلى تفويتها, ولعلَّ ذلك ما كان مركوزاً في نفسه (قُدِّسَ سِرُّه) لذا كان يوصي دائماً بعدم التفريط بصلاة الجمعة, ولزوم حضورها على كلِّ حال.
قال (قُدِّسَ سِرُّه):
"ويمكننا أن نتصوَّرَ النتيجةَ لمثل هذا الإتِّجاه الخطر – يقصد (قُدِّسَ سِرُّه) قلَّةَ حضور الجمعة - وهو أَنَّ الأَمر قد ينتج ترك بعض الجمعات أو إِلغاء صلاة الجمعة, بالمرَّة، فما الَّذي سوف يحدثُ من الذِّلَّةِ والقنوطِ والتَّسافلِ في العزَّةِ الدِّينيَّةِ والإِجتماعيَّةِ إِلى حدٍّ يكونُ مجرَّدُ ذكرِهِ أو خطورِهِ في البال سوءاً شديداً, وموجباً للقشعريرةِ والإِنفعالِ فضلاً عن حدوثه والعياذ بالله، ولأجل هذا قلت أَكثر من مرَّة استمرُّوا على صلاة الجمعة حتّى لو مات السيِّد محمَّد الصدر.
لأنَّه لا يجوز لكم أن تجعلوا موتَ السيِّد محمَّد الصدر سبباً وذريعةً لذلَّة الإِسلام والتَّشيُّع وتفرُّق الكلمة وكثرة المشاكل, بل الحوزةُ الشريفةُ تبقى بعون الله، وجملةٌ من المراجع يبقون بعون الله فتمسَّكوا بالحوزة, واستمرُّوا على شرفِكم وعزَّتِكم الدِّينيَّة وشجاعتكم القلبيَّة وعنايتكم بالمصالح العامَّة.
ولا يجوزُ أن يحولَ دون ذلك أيُّ شيء حتّى موتُ هذا العبدِ الخاطئِ الَّذي هو السيِّدُ محمَّد الصدر, وكذلك يوجدُ فيكم الكثيرُ ممن يخطبُ على حدِّ تعبير الرِّوايات, ومن هو صالحٌ لإِمامة الجماعة والجمعة, وليس انَّهُ حين يموتُ السيِّدُ محمَّدُ الصدر يموتُ الكلُّ، أَعوذ باللهِ أوَّلاً وبكم من ذلك"( ).



التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال