الشاعر عبدالحسین الباوی
((المقام الحویزي)) تراث شعب یأبی المصادرة او النسیان
بواسطة الشاعر عبدالحسین الباوی, 24th September 2013 عند 09:49 AM (1017 المشاهدات)
((المقام الحویزي))
تراث شعب یأبی المصادرة او النسیان
عارف عبدالله
المصدر : موقع علوان
(في البداية استمعوا الي قصة ابداع هذا المقام من اذاعة العراق الحر و مقطع من هذا المقام هنا )
من نافل القول ان النغمة والصوت خلقا قبل ان یخلق الأنسان ،وقد تبناهما الأخیر کأدات تعبیریة ، یعبر فیهما عن خلجات نفسة ،ومکنونات داخله . وقد أخذت أشکال وأنماط مختلفة، منها الکلام والصراخ والغناء...الخ ؛ نحن سنتحدث فی هذه الوجیزه عن الغناء حصراً ، بل عن أحد وجوهه وهو ((المقام الحویزي )) ،أحد ی المقامات العربیة التي ابتدعها الأدیب والفقیة و الموسیقار الأهوازی،عبدعلي بن رحمة الحویزي، فی القرن الحادي عشر الهجري، فی فتره عصیبة من تاریخ الوطن العربي -الاسلامي .کانت شمس الحضارة فیه قد افلت والثقافة في جمیع فنونها تراجعت بل انحسرت ، فی دوامه لم تخرجها عن المألوف الا شکلیاً .وهنا مکمن الابداع عند صاحبنا ذلک بأنه تحدی لکي یدخل الموسیقه العربیة من اوسع أبوابها_ کما دخلها فی سائر الفنون _بل واصعبها أي المقام لیجرب حضه فیه وکانت ثمارها من بنیات أفکاره .أبداع هذا المقام المنسوب الی مسقط رأسة .لکن ما یحز بالنفس ویدمی القلب حقاً، أن ابداع هذا الفنان ینسب الي لغیرصاحبة الأصلي وغیر وطنة . وما یزید الطین باله او علی الأقل لم یزاحم هذه المصادرة لتراث الموسیقي الأهوازی العریق فی العصر المشعشعي ، هو اهمال أهل الأهواز وخاصة الفنانین منهم لهذا المقام الموسیقي الذي غناه کبار المطربین فی العراق منهم الفنان الکبیر محمد القبانچي وناظم غزالي وسعد البیاتي والفنانة مائدة نزهت...الخ (وان کانوا هولاء غیروا فیه حسب المدارس المقامیة التی کانوا ینتمون الیها ).ضنّاً منهم هو نفسة الطور الحویزاوی المعروف ((بالساعدیة ))
وقد عرّف العلامة الدکتور حسین علی محفوظ فی احدی دراساته أبن رحمة الحویزي بـ((موسیقار العراق )) وکذالک فعل أحد الباحثین فی المقام العراقي عبر اذاعة العراق الحر( ضمنا ملفها الصوتی ذیل هذه الدراسة )اذ نسب ابداع هذا ((المقام لمحمد القبانچي وانه اي الأخیر أسما مقامه الجدید الذي یخرج عن اصول المقامات الخمس المعروفه بالحویزي لأنه سمع أحدهم قال أنه سمع هذا المقام فی الحویزة فقال لابأس ان نسمیه بالحویزي او الحویزاوی)) وهذا القول باطل بالجلمة للدلائل التاریخیة من المصادر الموثوقة التي سوف نورد ها تثبت جمیعها نسبة هذا المقام الموسیقي لعبد علی بن رحمة الحویزي .ولابأس قبل الغور فی اعماق الحدیث بذکرالمنهج الذی نسیر علی هدیة في هذه الدراسة وهو العرض التاریخي دون الدراسة الفنیة لهذا المقام ، لنترک البت في ذلک للمختصین في هذا المجال
لکن دعونا بادئ ذی بدء ، قبل أن نتوغل فی بحثنا الوقوف ايضاَعلی المعالم الثقافیة والحضاریة للبئیة التي عاش في کنفها موسیقارنا الأهوازي . لم نجانب الصواب ولم نبالغ اذا قلنا أن الأهوازین هم من أقدم الشعوب التي عرفت الغناء علی سطح البسیطة .تشیر الی ذلک بوضوع الحفریات التي أجرها الاثریون في مدینة الشوش وقد أظهرت رجال _وهم عراة او نصف عراة _یعزفون علی آله وتریة تشبة العود .توجد أحداها الان فی متحف منطقة القوماط ( هفت تبه) فی الاقلیم الآهواز. وهذه القطعة الاثریة منسوبة الی الحضارة العیلامیة .لکنبعد هذا أخبارنا قلیلة عن تاریخ الغناء فی الأهواز الا ما اورده بعض المورخین عن اقوام ((الزط )) التي احترفت الغناء کمهنه في الفتره المقارنه للعصر الساسانی قبل الأسلام فی هذا الأقلیم وسکنوا البطائح او الأهوار ومدن مثل رامز وهندیجان .[1]واما ابو الفرج الاصفهانی فیعطینا هو الآخر معلومات تفصیلیة فی کتابه الاغانی من اخبار بعض المطربین والمطربات الأهوازیات بعى الاسلام او ممن کانوا یقصدون الاهواز الی الغناء ونحن سوف نقتبس بعض هذه الفقرات علی طولها لانها تدلنا عن اخبار مهمه فی هذا الصدد :
أنَّ معبداً(احد المطربین المعرفین فی العصر العباسی ) كان علَّم جارية لبعض أهلِ المدينة تسمى ظبية، وعُنيَ بتخريجها حتى حذقت عنه، فاشتراها من أهلها رجل عراقي وتوَّجه بها إلى البصرة، فغلبت عليه وشغف بها غاية الشغف، وعَلَّمَت له عدة جوارٍ ثم ماتت عنده، فكان لشدة وجده بها وأسفه عليها لا يزال يهذي بمعبد ويسأل عنه ويظهر له التعصب إلى أن بلغ معبداً خبرُهُ وعرف أنه من أهل اليسار والمروءة، وأنه لو قصده انتفع به فمضى نحوه. فلما قدم البصرة سأل عنه فقيل: اليوم انحدر إلى الأهواز، فأسرع معبد في أثره ليلحق به فطلب زورقاً فصادف الزورق الذي فيه الرجل، فقال له الرجل: أين تريد؟ قال: الأهواز، قال: وما تصنع هناك؟ قال: أنا رجل أُغني وأحببتُ أن أقصد بها الفتيان وأهل المروءة، فلما سمع الرجل ذلك قربه وأكرمه وفرش له موضعاً في الزورق من غير أن يعرف أحدهما الآخر، فلما حضر الطعام أكلا جميعاً وأتى بالنبيذ فشرب، وكان مع الرجل جوارٍ ممن كانت ظبية علمتهن، فأمرهن أن يغنين، فغنَّت إحداهن:
بانت سعاد وأمس حبلها اتخذما ... واحتلت الغور والأجراع من إضما
إحدى بَليٍّ وما هام الفؤاد بها ... إلا السفاه وإلا ذِكرةً حُلُما
والغناء لمعبد فقال لها معبد: إن غناءَك هذا ليس بمستقيم، فقال له الرجل: أبلغ من قدرك في الغناء أن تميز هذا الصوت، فالزم شأْنك؛ فأَمسك، وغنت بعده عدة أصوات وهو ساكت، ثم غنَّت لحناً فاختلَّت به، فقال لها معبد: يا جارية قد أخللت بهذا الصوت إخلالاً شديداً، فقال له الرجل: ويلك مالك والفُضول، فسكت حتى فرغت الجارية، واندفع معبد يغني الصوت الأول حتى فرغ منه، فصاح الجواري: أحسنت والله، أَعِده علينا، قال: لا والله، ولا كرامة، ثم اندفع في الصوت الثاني، فقلن لسيِّدِهن: هذا والله أحسن الناس غناءً، فسلْهُ أن يعيده علينا ولو مرة واحدة لعلنا نأخذه عنه فإنا لن نجد مثله أحداً، فقال: أسلفنا عنده إساءة وقد سمِعتن جوابه، ...[2]
وایضاً قال بدیع الزمان الهمدانی فی المقامه الاهوازیة :
كُنْتُ أَجْتَازُ، فِي بَعْضِ بِلاَدِ الأَهْوَازِ، وَقُصَارَايَ لَفْظَةٌ شَرُودٌ أَصِيدُهَا، وَكَلِمَةٌ بَلِيَغٌة أَسْتَزِيدُهَا، فَأَدَّانِي السَّيْرُ إِلَى رُقْعَةٍ فَسِيحَةٍ مِنَ البَلَدِ، وَإِذَا هُنَاكَ قَوْمٌ مُجْتَمِعُونَ عَلى رَجُلٍ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَخْبِطُ الأَرْضَ بعصاً على إِيقَاعٍ لاَ يَخْتَلِفُ، وَعَلِمْتُ أَنَّ مَعَ الإِيقَاعِ لَحْناً، وَلَمْ أَبْعُدْ لأَنَالَ مِنَ السَّمَاعِ حَظًّاً، أَوْ أَسْمَعَ مِنَ الفَصِيحِ لَفْظاً، فَمَا زِلْتُ بالنَّظَّارَةِ أَزْحَمُ هَذا وَأَدْفَعُ ذَاكَ حَتَّى وَصَلْتُ إِلى الرَّجُلِ، وَسَرَّحْتُ الطَّرْفَ مِنْهُ إِلَى حُزُقَّةٍ كَالَقَرَنْبَي أَعمى مَكْفُوفٍ، فِي شَمْلَةِ صُوفٍ، يَدُورُ كَالخُذْرُوفِ، مُتَبَرْنِساً بِأَطْوَلَ مِنْهُ، مُعْتَمِداً على عَصاً فِيهَا جَلاَجِلُ يَخْبِطُ الأَرْضَ بِهَا عَلى إِيقَاعٍ غَنِجٍ، بِلَحْنٍ هَزِجٍ، وَصَوْتٍ شَجٍ، مِنْ صَدْرٍ حَرِجٍ، وَهْوَ يَقُولُ:
يا قَوْمُ قَدْ أَثْقَلَ دَيْنِي ظَهْرِي ... وَطَالَبَتْنِي طَلَّتِي بالمَهْرِ
أَصْبَحْتُ مِنْ بَعْدُ غِنىً وَوَفْرِ ... سَاكِنَ قَفْرٍ وَحَلِيفَ فَقْرٍ....[3]
وقد کتب الشعراء ایضاًعن الطرب والغناء فی الأهواز ووصفوه انه یفوق حتی علی الغناء والطرب فی بغداد فی أوج ازدهاره فی العصر العباسي منها قول الشاعر العباسي المعروف أبی الشمقمق :
ما أَراني إِلّا سَأَترُك بَغدا د وَأَهوى لَكورَةِ الأَهوازِ
حَيثُ لا تُنكرُ المَعازِفُ وَاللَهْـ وُ وَشربَ الفَتى مِنَ التَقمازِ
وَجوار كَأَنَّهُنَّ نُجومُ اللَيـ ل زَهرٌ مِثلَ الظِباءِ الجَوازي
واضِحاتُ الخُدودِ أَدم وَبيض فاتِناتٌ ميل مِنَ الأَعجازِ[4]
ومع سقوط الخلافه العربیة –الاسلامیة فی عاصمة الرشید سنة 656هجرية أخذت تسوء حال الثقافة فی جمیع فنونها کما أسلفنا القول وبالفعل لم یکن الاهواز بعتبارة أقلیم من أقالیم الخلافة العباسیة استثناة عن هذه القاعدة او شاذ عنها واستمرت الحالة هذه حتی قیام الدولة المشعشعیة سنة 845 هجریة .وباعتبار ان الدولة المشعشعیة قامت علی خلفیة دنییة ومذهبیة معینه اختزال البعض صورتها بالتعصب الدیني والمذهبي او الجانب الخرافي کالسحر والشعوذه او بأعمال کهدم ونهب مقام الامام علی والامام الحسین علی ید الملک علی بن محمد بن فلاح المشعشعي .متجاهلین الجانب الحضاري الآخر لصورة هذه الدولة الناصع. منها علی السبیل المثال لا الحصر التفتح السیاسي والاجتماعي والدیني علی الاخر فی الدین والملة زمن الملک مبارک بن عبد المطلب المشعشعي ( 998-1025 هجري) حیث أن الأخیر کان له وزیرین مندائین فی حکومته [5] اوخزائن المکتبات العظیمه فی مدن الحویزة والدورق والخلفیة وتستراو المدارس التي کان یقصدها الطلبه والتلامیذ من جمیع البلدان المجاوره وحتی البعیده منها.ومع ان معلومتنا عن الغناء قلیلة فی هذة الفترة بالتحدید الا أن تشیر بعض الأخبار التاریخیة عن انتشارها فی الأهواز سوی علی ید بعض الجماعات التي اخذت الغناء کحرفة وهم ((الغجر)) اوعند باقی أهل الأقلیم التی رافق الغناء أفراحهم بل واحیاناً اتراحهم .خصوصاً فی البئیة المحاذیة للأهوار التی عرف عن اهلها بجودة أصوتهم وتنوعها .
بعد هذه المقدمة التاریخیة فالنعرج علی مبدع هذا المقام _ای المقام الحویزی _ هو عبد علی بن ناصر بن رحمة الحویزی المعروف بابن رحمة الحویزی کما ذکر ذلک هو فی اکثر کتبة ورسائلة التی اللفها .الا ان في احد نسخ کتابه المسمی مدارج النمل في علم الرمل الذي اطلعنا علیه جاء بها اضافة الی اسمه لقب المشعشعي [6] مما یحیل ربما الی انتسابة الی العائلة المشعشعیة .بینما ذکره بعض المترجمین ،بالبحرانی او بالبصری [7]ایضاً لمکوثة طرف من حیاته فی البصرة بعد ان تدهورت الحیاة فی وطنة وهجر هو وجانب کبیر من ابنا الحویزة الیها . بما فیهم الشاعر ابی معتوق الحویزی وعدد من الحکام المشعشعین ایضاً .
وعلی الرغم التغیرات السیاسیة التی القت بظلها علی الحیاة الثقافیة فی الأهواز الا أن هذا لم یمنع الابداع لدی أهلها .یقول الدکتور عبدالکریم اللامی محقق احد کتب ابن رحمة الحویزی (( یعد ابن رحمة الحویزی واحداً من الموهبین الذین مّن الله علیهم بنعمة الذکاء المفرط ،فی کثیر من العلوم والفنون ،ومما ساعد علی ازدهار موهبته العلمیة تلک البئیة الصالحه فی الاهواز عامة، ومدینة الحویزة بشکل خاص ، تلک المدینة التی تحولت إلی مرکز مهم من مراکز العلوم والفنون والثقافة العربیة والاسلامیة فی ظل الحکم العربی ،یقصدها الطلبة من اماکن بعیدة لغرض التحصیل فی مدارسها والتلمذه لشیوخها واساتذتها والانتفاع من مکتباتها، حتی اصبح الذکا من صفات اهلها، ومطالعة العلوم والفنون من تقالیدها، وکتابة الکتب والمصنفات من خصالهم ))[8] بعد انتقاله الی البصرة استقبله حکام الامارة الافراسیابة فیها وعاش فی کنفهم حیاة رغدا اتاحت له الأبداع أکثر فأکثر یقول ابن معصوم فی هذا ((...واتصل بحکام البصرة وولاتها فوصلته باسنی افضالها واهنی صلاتها وهبت علیه من قبلهم رخاء الاقبال وعاش فی کنفهم بین نضرة العیش ورخاء البال ...))[9]لکن هذا لم یقطع صلته بوطنه، فتراه ضل یفتخر بأنتسابه بالحویزي ویشیر إلیه کما أسلفنا فی جمیع مؤلفاته کما أنه کتب بعض رسائله باسم حکامها منها المشعشعه فی العروض التی اهداها الی المولی خلف بن عبد المطلب المشعشعی وجاء فی مقدمتها ((هذه رساله وجیزه فی علم العروض أنموذجاً لمن یتعاطی الادب وینتحل نظم شعر العرب ...وخدمت بها خزانة المولی الأعظم والصدر المکرم شمس سماء السیادة وبدر فلک السعادة ...المولی المولوی خلف السلف نفع الله الوجود بوجوده وأفاض علی العرفین فضل فیضه و جوده ...وما أنا باهدائها إلیه إلا کمهدی العوامل إلی سیبویه غیر انه کالبحر تشرب منه کالسحابة ریاً ویضل فاضل الغدران ))[10] کما انه کان فی مقدمة المستقبلین لمملک منصور عبدالمطلب المشعشعی عند زیارته للبصرة [11].وله فیه وغیرة من حکام المشعشعیین قصائد یدیعه .
وعلی العموم ممکن القول ان الظروف المناسبة التی وجدها أمامه فی البصرة أتاحت له استناف ما بداه فی الحویزه فأخذ یؤلف فی شتی العلوم والفنون ذلک انه وضع منهجه فی التحصیل ان یحرر فی کل فن المهم من قواعده واصوله وقد اشار الی هذا بقولة فی احد کتبة((کنت منذ أفاض الله علی من العلوم ما دأبت الکد في تحصیلة ،وکدحت في إدراک جمله وتفاصیله ،عزمت علی أن أحرر فی کل فن منه ما یشتمل علی المهم من قواعده واصوله وینطوی علی ما لا یستغنی عنه ابوابه وفصوله ...))[12]وتذکر کتب التراجم واعلام اضافة الی دواوینه الشعریه باللغه العربیة والفارسیة والترکیة ما یزید علی 30مولف ما بین کتاب ورساله لهذا العالم فی الادب والتاریخ والفقه وعلم الرمل والتصوف والموسیقی والتراجم والأعلام وعلم النجوم ...الخ کان فی مجملها مبدع یقول الشیخ فتح الله بن علوان الکعبی فی کتابه زاد المسافر ((کان نادرة فی زمانه فی جمیع العلوم وله من سرعة الخاطر ما لا یوجد لغیرة الا ما یحکی عن البدیع الهمدانی ))[13] الا من بین هذه المصنفات رسائله فی الموسیقی قلما ذکرها من ترجم له او ذکر مولفاته. وبالطبع هذا ناتج عن النظره التي تری استحالت اوعلی الأقل قباحت التالیف فی الفقه والموسیقي في آن معاً ،علی أعتبارهما طرفی نقیض .بینما ابن رحمة الذي یستشف القارئ لاعماله الروح السمحه له والابتعاد عن المشاحنه الدنیه او المذهبیه ،حتی لاتکاد تهتدی من خلال کتابته الی ای مذهب اسلامی ینتمی .لم یجد فی ذلک حرج بل طالما افتخر باشتغاله فی هذه الصناعه _ای الموسیقی _ وقد تناول عدد من الباحثین علی عجاله لا تتجاوزعدة سطور هذا المجال من اعماله قال البستانی فی دائرة المعارف ((کان من أفراد زمانه فی الادب والشعر والبدیع وکان فی فن الموسیقی من الافراد له اغان کثیرة تداولها الناس )) [14]واشار الی هذا الزکلی فی اعلامه ایضاً بقوله ((من کبار الشعراء فی عصرة وکان یجید النظم فی الترکیة والفارسیة وله مهاره فی فن الموسیقی واغان حسنة ))[15] بینما یذکر ابن رحمة الحویزی نفسه فی کتابة السیرة المرضیة عن سبب اهتدائه لعلم وفن الموسیقی ،انه فی سنة 1041 هجریه کان جالس فی مجلس الامیر علی بن افراسیاب فی البصرة ((واعتراض بعض جلسائه علی بعض المصنفین فی الأعمال الموسیقیة حیث صنف تصنیفاً شابه به تصنیف غیره فقال _ای الامیر علی بن افراسیاب _إن تألیف التصانیف من النغمات کتألیف الکلمات من الحروف فقد تتحد حروف بعض الکلمات مع کلمة أخری وکلٍ لها معنی غیر أختها الأخری . ألا تری اذا نظرنا الی زیدٍ وصید وجدنا ثلثي أحداهما من الآخر وکل منهما له معنی غیر الآخر فاذا حصل فی التصنیف فارق بینه وبین غیرة ولو قلیلاً لم یعبو وصح أن یطلق علیة أنه تصنیف برأسه وانتقلت من کلامه هذا الی أبواب فی فن التصنیف وأخذت أضع بالنغمات والألحان ما یصنع بالکلام من الاختصار والتضمین ونقل الوجیز الی ضده وأمثال ذلک کما یظهر ذلک لمن تتبع مصانفاتنا الموسیقیه … ))
[16]
وقد اوسع من القول محمد امین بن فضل الله المحبی فی کتابه خلاصة الاثر في اعیان القرن الحادی عشر حول هذا الجانب واورد نماذج من اغانیه والمقامات التی غنیت فیها بقوله: کان فی فن الموسیقی [ای ابن رحمة الحویزی من الافراد وله أغان متداولة ومقبولة وجاریة علی الصنعة البارعة، واکثر اغانیة من نظمه المطرب فمن ذلک ما ابتدعه فی نغمة السیکاه من الثقیل :
أما والهوی لولا العذار المنمنم لما اهتاج وجدي ساجع یترنم
ولا اهتجعت عیناي من فیض أدمعي قضی جریها أن لا یفارقها الدم
هو الحب ما أحلی مقاساة خطبه وأعذبه لو کانت العین تکتم
وله من نغمة(=مقام) الحجاز والضرب مخمس :
لا تطلعي فی قمر أننی أخاف أن تغلط أهل السفر
أو طلعت شمس فلا تطلعي أخاف أن تعمي عیون البشر
وله من هذه النغمه _الحجاز _ والضرب دارج :
لمن العیس عشباً تترامی ترکتها شقق البین سهاما
کلما برقعها نشر الصبا لبست من أحمرالدمع لثما
وله من الألحان الفارسیة المشهورة مسرت آباد في نغمة العراق وضرب ثقیل وجاء في نغمة الحسیني وضربة خفیف وغیر ذلک وأشهر ماله من الشعر قوله فی راقص :
وراقص کقیب البان قامته تکاد تذهب روحي في تنقله
لا تستقر له في رقصة قدم کأنما نار قلبي تحت أرجله[17]
ویشیر ما اورده المحبی صراحتاً علی تظلع ابن رحمة فی اصناف المقامات وضروبها خصوصاً وانه مطلع علی اللغات الترکیة والفارسیة .واخیراً اتمنی ان اکون استطعت ان اساهم علی قدر بضاعتني القلیله فی اثبات أهوازیة هذا المقام وقبلها الحث علی احیائه من قبل الفنانین الاهوازین والعرب عموماً فالنترککم لتستمعوا لهذا المقام ....
المصادر:
[1][1] راجع موسی سیادت کولیان در گذر تاریخ ،الفصل الاول
[2] الاغانی ج1ص15(بتصرف )
[3] مقامات الهمدانی ، المقامه الاهوازیه
[4] دیوان ابی الشمقمق ص59-60
[5] ب.ج.سلوت .عرب الخلیج (1784-1602) ترجمه عایده خوری ص 128
[6] مدارج النمل فی علم الرمل (ضمن مجموعة رسائل فی مکتبة مجلس الشوری الایرانی )ص1
[7] امل الامل ج ص240
[8]18 قسم التحقیق من کتاب مناهج الصواب فی علم الاعراب لعبد علی بن رحمة الحویزی ص
[9] ابن معصوم : سلافة العصر فی محاسن الشعراء بکل مصر ص539
[10] مخطوطة المشعشعه فی العروض ورقه1
[11] مخطوطة السیرة المرضیة ورقة34-35
[12] مناهج الصواب ص55
[13]43 زاد المسافر ص
[14] دائرة معرف البستانی ج11ص608
[15] الاعلام ج4ص31
[16] مخطوطة السیرة المرضیة ورقة 22
[17] خلاصة الاثر فی اعیان القرن الحادی عشر ج2ص432