جمهورية افكاري ( ابو تبارك الناصري )
الولاية التكوينية في حاكمية النص القراني
بواسطة ابو تبارك الناصري, 9th May 2013 عند 01:28 PM (551 المشاهدات)
الولاية التكوينية في حاكمية النص القرآني
لا يختلف عاقلان على حاكمية النص القرآني في التشريع والاعتقاد بل قيمومته على جميع نصوص الاخبار والاثار الاسلامية فالنص القرآني سيد على جميع النصوص بفعل قطعية صدوره التي اتفقت جميع الفرق الاسلامية على ان التشكيك بقطعية صدوره امر يترتبعليه نوع كبير وعظيم من الكفر يلحق ضرراً قيما في اعتقاد الفرد وعقيدته التي هي اساس كل اعماله العبادية والمعاملاتية والتي لا صحه لها ولا قبول من دون ارتكازها على قاعدة عقدية صحيحة وثابته .
فأمر قيمومه النص القرأني مفروغ منه ومجمع عليه سوى بعض الفرق التي تحكم بإمكانية نسخ النص القرآني بخبر وحديث مروي وحتى لدى هذه الفرقة فالأمر لا يتجاوز الحالة الخاصة في مواضع خاصة جداً وهم انفسهم لا يعتبرون هذه الامكانية وهذا الحكم حالة عامة او شائعة .
الحديث والخبر والرواية امر ظني الصدور وجميع مراتب الحديث التي ينالها بعد ادخاله ماكنة الجرح والتعديل هي لا تعدو كونها في احسن صورها عملية نقل للنص من مرتبة الظني الى مرتبة الحجة الظنية , وهذا هو الذي يجعل قول امكانية نسخ النص القرآني بنص روائي قول يتهافت امام الدليل المنطقي والعقلي .
هذه المقدمة البسيطة كنت اود الدخول منها الى موضوعة جد مهمة الا وهي الولاية التكوينية لله على الكون و ذراته وجميع الموجودات والمخلوقات من خلال استعراض بعض النصوص القرآنية التي تتحدث عن اطلاقيتها وحصريتها بالباريء جل شأنه .
ليس المقال بموضع طرح رأي خاص تجاه ( معنى الولاية التكوينية لله ) او الايات الواردة في القرآن الكريم بخصوص هذا المعنى بقدر ما هي دعوة للتفكر الجماعية وتدبر هذه الايات الكريمة ومعانيها , وسيكون طرح هذه الايات على شكل مجاميع بما يساعد فهم المعنى التراكمي الذي ارادت ان ترسخه هذه الايات الكريمة في قلوب الناس في هذه الجزئية
ستكون المجموعة الاولى للآيات التي فيها تحدي لمن ينفي هذه الولاية او يشك فيها
المجموعة الثانية للآيات التي تتحدث عن امثله لهذه الولاية وقدرة الله وملكه وحدود ولايته
المجموعة الثالثة للآيات التي تذكر حالات خاصة كالمعجزات
بالتأكيد ما سيتم الاستشهاد به من ايات شريفة في هذه المجاميع سيكون على سبيل المثال الاجمالي وليس على سبيل الحصر
قال تعالى
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)المائدة
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة
وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (22) العنكبوت
وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31) الشورى
اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)البقرة
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)البقرة
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ( 73 ) الحج
اذا تدبرنا هذه المجموعة من الايات القرآنية نجد ان جميعها جاءت بتحدي معجز لكل من يحاول ان يشكك في قدرة الله وملكه , هذه المجموعة ( وهناك ايات اخر لا تعد ولا تحصى بمكان )جميعها جاءت بمعاني التحدي من قبل الخالق الى البشر اذا ما شككوا في قدرت الله و ولايته التكوينية او اذا ما ادعوا قدرتهم على شيء من هذه الولاية .
اما المجموعة الثانية التي من خلالها نفهم شيء من ماهية هذه الولاية والقدرة لله جل شأنه وحدودها
قال تعالى
إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) الشورى
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) طه
قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) المؤمنون
فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) يس
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)الاعراف
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الاعراف
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) النحل
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32) وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)ابراهيم
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (65) الحج
أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) النحل
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) الفرقان
وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) الزخرف
وكذا ذكرت جملة ( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) في البروج 9 و التوبة 116 و البقرة 107
مجموعة اخرى
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (80) المؤمنون
اما جملة (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وردت في مجموعة كبيرة جدا من الايات الشريفة نذكر منها على سبيل المثال ال عمران 26 و ال عمران 29 وال عمران 156 وال عمران 189 والمائدة 17 و المائدة 19 و المائدة 40 والمائدة 120 والبقرة 220 والبقرة 106 والبقرة 109 والبقرة 148 والبقرة 229 والبقرة 284 والانعام 102 والاعراف 89 والانفال 41 والتوبة 39 والنحل 77 وفاطر 1 وفصلت 39 والشورى 9 والاحقاف 33 والفتح 21 والحديد 2 والحشر 6
وجاءت جملة (على كل شيء شهيد ) في المجادلة 6 وفصلت 53 والحجر 17 والنساء 33 وسبأ 47
وجاءت ( على كل شيء حفظ ) في هود 27 وسبأ 21 و( على كل شيء رقيبا ) في الاحزاب 52 و ( وكيل ) في هود 12 والانعام 102 والزمر 62 و( مقتدرا) في الكهف 54 و( رقيبا ) في الاحزاب 52
نلاحظ في هذه المجموعة بالإضافة لصيغ التحدي والتفرد جاء وصف وأمثله مستفيضة لقدرة الله و ولايته على الكون وملكه للسماوات والأرض والليل والنهار والقمر والنجوم والفلك والرياح والطير والحجر و البشر وخير مثال الكم الهائل من جملة (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التي ربما لم توازيها أي جملة من حيث الاطلاق و التكرار التأكيدي في القرآن .
الى هنا لا مناص من الاقرار بان الله احكم اياته وكلامه في كتابه الكريم بالتحدي والتفرد وعدم تفويض شيء من ولايته التكوينة والكونية لأي احد من خلائقه سواء اكان ملك مقرب او نبي مرسل والنكتة الطريفة ان جميع هذه الايات الكريمة السابقة و اخواتها التي لم يسعفنا المكان لذكرها جاءت مرتبطة بمفهوم التوحيد والدعوة للعبودية لله وحده لا شريك له بالتالي سيكون أي فهم مغلوط (حول قدرته و ولايته التكوينية والكونية و حصريتها له وحده ) بما يدخل احد من خلائقه في شيء من شؤون كونه شرك صريح والله يغفر الذنوب كلها إلا ان يشرك به .
نعم قد يسأل سائل وماذا عن المعاجز التي جاءت على يد الانبياء والأولياء والصالحين من عباده ؟!
فنقول اولا المعزة حالة خاصة وليست عامة وهذا امر لا يختلف عليه عاقلان , ورغم كونها حالة خاصة وليست عامة و مقيدة وليست مطلقة , فلننظر للمجموع الثالثة من الايات الكريمة ونستلهم معانياها
قال تعالى
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ( 10 ) سبأ
واضح جدا ان فعل الامر( أوبي ) صدر من الله جل شانه والفعل الاخر فاعله الضمير العائد له تبارك وتعالى
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) سبأ
(ارسل) الفعل المضارع فاعله الضمير العائد للمتكلم جل شانه بالإضافة الى ان (عمل) الجن بين يديه جاء مقيدا بأذن الله
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (13) النمل
فعل الامر ( ألق ) صدر من الله وكذا ( أدخل ) , بعد ذلك تصريح واضح بان ( الايات المبصرة ) هذه هي ايات الله باسنادها الى ضمير المتكلم جل شأنه
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) المائدة
في ( ايدتك ) الفاعل هو التاء ( تاء الضمير ) فالفاعل هو الله جل شأنه فتكليم الناس في المهد بفعل التأييد من الله , بعد ذلك كل افعال الاعجاز الواردة مقيدة باذن الله
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) الانبياء
( كوني ) فعل امر صادر من الله
في هذه الفئة من المجموعة الثالثة من الايات الشريفة واضحة جدا وهي لا تحتاج اصلا لهذه التعليقات المتخللة لها , ولكن كان ودي التذكير بان معجزات الانبياء التي جاءوا بها لا تعدو كونها حالات خاصة وليست مطلقة كما قلنا سابقا بان المعجزة حالة خاصة وليست هي الحالة الطبيعية والحالة الخاصة تحتاج اولا لإثبات وقوعها ( كمثل معجزات الانبياء التي اخبر بوقوعها القرآن الكريم ) فكما قلنا لا يوجد شك في قطعية صدور القرآن عن الله ولا بد من تصديق جميع اخباره وقصصه ومنها معجزات الانبياء , ولكن سياق ذكر هذه المعجزات جاء مقيدا بأذن الله و افعال كان فاعلها هو الله و افعال امر صادرة من الله وبتأييد الله , ولذا لا يمكن بأي حال من الاحوال ان نجعل لله شركاء في ولايته على الكون والموجودات مهما كان هذه الشريك كريما عليه وشريفا عنده , و ان لا نرفع أي مخلوق الى مرتبه الالوهية من حيث نشعر او لا نشعر
في الختام
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) المائدة
يا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) النساء
القران ينهانا عن الغلو وقول غير الحق ,,, و يأمرنا بان لا نكون كاليهود والنصارى ونقول غير الحق ونغلو في ديننا ونرفع بعض خلائقه الى مرتبه الالوهية .... النصارى يعبدون الله ويقرون بإلوهيته ولكنهم يرفعون عيسى بن مريم الى مرتبه الالوهية ( بسبب فهمهم الخاطئ لمعجزاته ) بالرغم من اعتقادهم انه نبي ورسول ( فهم يقولون ان عيسى نبي ورسول ) ولكنهم يرفعونه لمرتبة الالوهية ولذلك اشركوا وكذا اليهود
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) المائدة
اذا تابعنا جميع ايات القران التي تتحدث عن الانبياء تجدها جميعها تصفهم (( بالعبيد )) ولا يوجد مبرر لسردها و بإمكان أي شخص مراجعتها , ادم عبد نوح عبد ابراهيم عبد موسى عبد عيسى عبد محمد عبد الخضر عبد زكريا عبد وكذا سائر الانبياء , ايات القران تصفهم بصفة العباد ومن المسلمين إلا اية واحدة تصف يحيى بالسيد
فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) ال عمران
وهنا جاءت الاية في سياق اعجازي ايضا لولادة يحيى على كبر , ولا يمكن اخراجها عن السياق العام الذي وصف الله فيه انبيائه بالعبودية ... و انهم لا يملكون من دون الله شيء
قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ( 188) الاعراف
وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ( 31 ) هود
قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (49) يونس
قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا (21) الجن
وان الامر كله لله الواحد القهار ,, وانه لله يسبح من في السماوات و الارض , وكل له خاشعون ,, وكثير من هذه المعاني التوحيدية التي تفرد ذكرها القران الكريم في مجمل اياته لله وحده و انها صفاته و افعاله وحدة لا شريك له ...
انا لست بالضد من الولاية التكوينية للأنبياء للأولياء والصالحين اذا كان فهمها كحالة خاصة للإعجاز ( تحتاج اولا اثباتها وثانيا فهمها على انها بأمر الله و انها افعاله اولاً و اخراً ) حالة خاصة بإذن الله بما يتلاءم مع صفة العبودية التي يصف الله بها خلقه بما فيهم الرسل و الأنبياء ( وان كنت لا احبذ استخدام مصطلح الولاية التكوينية لغير الله ) , كان جل همي ان نؤسس لخطاب خالي من الغلو وقول غير الحق على الله , وان يكون المرجع الاول والأساس في جميع اعتقاداتنا هو القران الذي يصفه الباري بان فيه تبيان لكل شيء وانه ميسر للناس ومن ثم السنة النبوية بما لا تتعارض مع ما هو واضح من معاني هذه القرآن