عبدالله يوسف نافع

دمى العروش: من يحرك الخيوط في الظلام؟

تقييم هذا المقال
بواسطة عبدالله يوسف نافع, منذ يوم مضى عند 10:59 PM (130 المشاهدات)
السياسة ليست كما تبدو على السطح؛ إنها ليست خطاباً جماهيرياً ولا تصويتاً في صندوق انتخابي. إنها شبكة معقدة من الخيوط الخفية، تُحرك فيها دمى العروش كما تُحرك البيادق على رقعة شطرنج. السؤال الذي يجب أن يطرحه الجميع: من يمسك بالخيوط حقاً؟ ومن يرسم اللوحة النهائية في الظلام؟

في السياسة، لا يوجد بريء. كل زعيم هو انعكاس لقوة أكبر، تحركه مصالح مختبئة خلف الأقنعة البراقة. القرارات التي تهز العالم لا تُصنع في قاعات البرلمان، بل في الغرف المظلمة التي تُحاك فيها الصفقات. تلك الغرف لا تُسمع فيها أصوات الشعوب، بل تُسمع فيها همسات النخب التي تعرف كيف تُقايض النفوذ بالدماء، وكيف تُحول المصالح إلى قوانين.

عندما يُثار جدل حول حرب أو أزمة أو حتى كارثة، فإن الحقيقة الأكثر رعباً هي أن كل ذلك قد تم التخطيط له مسبقاً. الحروب ليست أفعالاً عشوائية، إنها مشاريع تجارية تدر مليارات. الأزمات الاقتصادية ليست مصادفة، بل أدوات لإعادة توزيع الثروة بين الأقوياء. حتى الثورات، التي تبدو كأنها صوت الجماهير، كثيراً ما تكون دمية أخرى في مسرحية أكبر.

لكن ماذا عن الشعوب؟ ماذا عن أولئك الذين يدفعون الثمن؟ الحقيقة الصادمة هي أن الشعوب ليست أكثر من وقود لهذه اللعبة. يُمنحون أملاً زائفاً في التغيير، ولكنهم يظلون عالقين في دائرة مغلقة تُعاد صياغتها من جديد كلما ظنوا أنهم اقتربوا من الخروج.

السياسة ليست حرباً بين الخير والشر كما يُروج لها، بل هي معركة بين قوة الظاهر وقوة الخفاء. أولئك الذين يُشاهدون على المسرح ليسوا أبطال القصة، بل ممثلون بُعثوا لإلهاء الجمهور عن حقيقة ما يحدث خلف الكواليس.

العظمة الحقيقية لا تكمن في فهم القوانين التي تحكم السياسة، بل في اكتشاف اليد الخفية التي تُديرها. اليد التي تجعلنا نصدق ما يُقال، وننحني لما يُفرض، ونشارك في لعبة لا نعرف قواعدها.

السياسة ليست لعبة عادلة، إنها رقصة مع الظلال، حيث لا شيء كما يبدو، وحيث الحقيقة تُدفن تحت أطنان من الأكاذيب. في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل نحن اللاعبون أم مجرد بيادق تُحركها يد لا نراها؟
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال