تاليا♪
فرانكشتاين 2
بواسطة تاليا♪, 22nd August 2024 عند 03:12 PM (3158 المشاهدات)
الى Talya Al Rubayi
عندما أراد السيّاب أن يفتتح انشودته للمطر لم يجد بدا من أن يعرج في البداية على وصف عيون محبوبته ، وما الذّه من وصف ، النخيل والسحر .... اه قلة هم الذين يعرفون هذا الوصف حق معرفته ، الشرفتان والقمر ، ثم يقول أن العيون تبتسم ؟؟!! يا إلهي أيّ نقاء قلب يستطيع أن يرى ابتسامة العيون ؟ وهل يوجد أحد قادر على ذلك ؟
ثم لا يشرع في وصف المطر وإنما يبدأ بوصف خلجات نفسه وهي تستقبل هذا الحدث الجلل ، فتستفيق ملء روحي رعشة البكاء ، أو نشوة وحشية تعانق المساء ...
في الواقع هذا السؤال لطالما ارّقني ، لماذا ارغب في البكاء كلما بكت السماء ؟ وكم كنت سعيدا حين عرفت للمرة الأولى أن السيّاب يشاركني هذه العواطف ، حتى وان لم يعرف السر هو ايضا ، لكن فكرة انني لستُ وحيدا في هذا العالم كانت مطمئنة جدا .
لم اكن اعرف كيف أنه يستطيع سماع النخيل يشرب المطر ؟ وكنت اظن انها إحدى الاستعارات البلاغيّة ، حتى عرفت الحب من خلالكِ ، عندها ادركت اننا عندما نحب شيئا او شخصا نصبح كلًا واحدا مع الطبيعة حتى أننا نستطيع سماع العراق يذخر الرعود ونحن في الكويت !!
غير أن السيّاب يعلمنا ان المطر لا يرتبط بالحب فقط ، فهو استذكار الطفل بوالدته التي تنام نومة اللحود فوق التل ، والجوع في العراق ، أنين القرى والقلوع وحزن الصيّادين ...
ها انا ذا اكتب لكِ وصوت قطرات المطر وهي تقذف نفسها على الشباك يصنع إيقاعا يجعل القلم يثب على السطور برشاقة حتى يكاد يجري دون إرادة مني ، لقد كنت متحمسا جدا هذا المساء -على الرغم من انشغالي- لاحدثكِ عن هذه القطرات الخجولة التي تنبأ ببداية الموسم المطري مع أماني صادقة بأن يكون وفيرا هذه السنة ، إذ لا تحتمل هذه الأراضي الجرداء موسم آخر من الجفاف .
اتخيل يوما ما اننا سنسمع الانشودة معا تحت المطر وهو يغسل قلوبنا معا لاول مرة ، عسى أن تحمل اليكِ ريح اذار القادمة مشاعر الود التي لا تنتقل عبر الحروف ، وارجوا ان لا تقتربي مــن السيد فلان مجددا فقد بدأت افقد الثقة فيه خصوصا ان كل رسائله اليّ كانت محاولات لثنيي عن التشبث بكِ وترهيبي وتصوير الواقع بشكل وحشي دون اي تشجيع او بادرة امل وهو ما سبب لي احباطا في الايام المنصرمة .
وآمل انكِ ستعلمين يوما : أي حزنٍ يبعث المطر ؟
المخلص مصطفى
الماجدية معقل الحركات اليسارية في الجنوب
2/3/2024