خريجين الهندسة والعلوم الهندسية الزراعية والطب البيطري والقانون
الحفظ
بواسطة أســــــــــــــد العراق, 23rd April 2023 عند 09:36 PM (445 المشاهدات)
الحفظ ليس مزاحماً للفهم بل هو معين عليه وسبيل إليه، فمن ثم لم تزل العقلاء والعلماء تعنى به وتدعو إليه، لأنه يجعل المحفوظ منصوباً بإزاء الذهن متهيئاً لاتصال شعاع الفهم بينهما متى ما ومض برقه. وقد نقلت شهادات عدد من كبار عقلاء نبلاء العلماء في مختلف الفنون على مر العصور على هذا، فضلاً عن كونه مجرباً محساً. وهو مما يفسر عناية السلف به، ومما يفسر امتيازهم بجودة الفهم لحضور المعلومات في خواطرهم وتفسير بعضها لبعض. ومن أكثر ما يجي التخليط في الفهم بسبب التهاون بالحفظ، أعني: ضبط الألفاظ، ولاسيما الألفاظ النبوية وكلام السلف الذي يختل كثير منه بتغيير ألفاظه ولاسيما ممن لا يحسن التعبير عن معانيهم. * قال أبو الفتح عثمان بن جني: قال لنا أبو علي الفارسي يومًا: قال أبو بكر بن السراج: إذا لم تفهموا كلامي فاحفظوه، فإنكم إذا حفظتموه فهمتموه. * قال الشيخ محمد بن يوسف السنوسي (-٨٩٥) : «الحفظ أعون شيء على الفهم، وأحوط لدوام الذُكر، وأنور للباطن؛ لإسراجه بسراج العلم، وقد أكثر الناس في مدح الحفظ والحض عليه، وذم الاتكال على مجرد الكتب». * قال الإمام الغزالي عن كتابه «المستصفى في الأصول»: «جمعتُ فيه بين الترتيب والتحقيق، الترتيبُ للحفظ، والتحقيقُ لفهمِ المعاني، فلا مَندُوحَةَ لأحدِهما عن الثاني». فيه مع بيان أهمية الحفظ المعينة على الفهم: بيان أسلوب مهم معين على الحفظ، وهو: الترتيب، وهذا الأسلوب من أعون الأشياء على الحفظ عند من يحفظ بفهم، كما أن الاختصار معين لمن يحفظ بطريق مجرد التكرار، هذا حفظ صوتي أو لفظي، وذاك عقلي. وقد ذكر السخاوي في ترجمة شيخه الحافظ ابن حجر المفردة: أنه كان يتحفظ مجالس إملائه قبل خروجه إلى المجلس بالتأمل «على طريقة الأذكياء». وذلك والله أعلم بناء على استحضار الترتيب. ومما يدخل في الترتيب: التشجير المتعارف في عصرنا.