منوعات عراقية
كمن يعيش في تحدي مستمر: تمكين المرأة العراقية في القطاع الخاص ودورها الاقتصادي
بواسطة Naw Fal, 29th January 2023 عند 10:03 PM (1507 المشاهدات)
حسب تعريف التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية يقصد بتمكين المرأة Women's Empowerment رفع الوعي والتفهم والاستعداد لدى المرأة بذاتها. وأن تنمي شعورها بالقوة والاستقلال الذاتي والقدرة على اتخاذ القرار والإدارة وتغيير السلوك والاتجاهات, والخروج من دائرة التهميش الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وممارستها بوجه خاص.
خلال عقد من الزمن في منطقة الشرق الأوسط لا يشارك سوى 20.5% من النساء في القوى العاملة, مما دفع هيئة الأمم المتحدة الى عمل برامج من شأنها دعم المجتمع المدني والقطاع الخاص بهدف الوصول الى التمكين الاقتصادي للمرأة والذي يعد هدف من أهداف التنمية المستدامة التي تسعى العديد من الشعوب ومنها العراق لتحقيقها.
فقد خلقت سنوات الصراع وعدم الاستقرار تحديات جسيمة للنساء في العراق. فنسبة النساء اللاتي في سن العمل ويبحثن عن وظيفة أو عمل لا تتجاوز 13%، وتقل هذه النسبة كثيرا عن مستوى مشاركة الرجال في سوق العمل (72%)، وهي أقل من المتوسط الإقليمي البالغ 22% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذلك وفق أحصائيات البنك الدولي.
تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء في العراق
أن تمكين المرأة اليوم يحظى باهتمام من العالم اجمع كما ان الدول العربية بدأت تضع هذا الموضوع ضمن أولويات جدول أعمالها ولكن ليس بالنسبة للعراق الذي شهد تراجع في نسبة توظيف النساء من 0.4% في عام 2017 الى 0.2% في عام 2019 وهي نسب قليلة جدا تستحق تسليط الضوء عليها ودراسة أوضاع المرأة العراقية في سوق العمل والتحديات المتجددة التي تواجهها. أذ تعد تحديات تعزيز المرأة العراقية في القطاع الخاص مشكلة جديرة بالاهتمام, وذلك لأن المرأة نصف المجتمع وتذليل الصعوبات امام مشاركتها في بناء المجتمع هي احدى أهم آليات تمكينها وتعزيز دورها.
حيث يساهم تواجد المرأة في قطاعات العمل والدولة بصورة عامة الى زيادة الناتج المحلي الأجمالي للبلد. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يشارك سوى 20.5% من النساء في القوى العاملة. وتشير التقديرات إلى أن 33% من النساء في المنطقة يشاركن في العمالة الهشة مقارنةً بنسبة 23% للرجال. وتُمثَّل المرأة تمثيلًا زائدًا في المهن ذات الأجور المتدنية، بينما يوجد عدد قليل جدًا من النساء في المناصب العليا في المنطقة وذلك وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
معوقات تمكين المرأة
أن العراق بلد مر بالعديد من الصراعات وعدم الاستقرار التي حالت دون تمكين المرأة العراقية في مختلف جوانب الحياة. أذ أنعكس هذا الأمر على المرأة العراقية بزيادة التحديات والمعوقات التي منعتها من الحصول على أبسط حقوقها كا امرأة في المجتمع وفيما يتعلق بأهم المعوقات المرتبطة بتمكين المرأة تتمثل بتعدد الأدوار والضغوط التي تعاني منها المرأة للالتحاق في الاعمال غير التقليدية وضعف الوعي الاجتماعي بأهمية دور المرأة, عدم قدرة المرأة على اتخاذ قرار مشاركتها ببعض الأعمال في ما يتعلق بالمعوقات الثقافية المجتمعية تتمثل بعدم وجود دور حضانة لرعاية الاطفال و العادات والتقاليد التي تحد من مشاركة المرأة بالكثير من المهن حيث لا يزال المجتمع غير مقتنع بانخراط المرأة في الأعمال التي يزاولها الرجل وترفض العديد من الأسر السماح بالعمل في الأعمال التي فيها اختلاط بين الجنسين وتدني مستويات الشمول المالي وغيرها من المعوقات الهيكلية.
إضافة إلى كل هذه المعوقات المذكورة, لا يزال هناك تفضيل واسع للوظائف في القطاع العام من قبل المجتمع، وتسود الأعراف والتقاليد الخاصة بالدور التقليدي للمرأة داخل البيت وعدم ضرورة العمل والمشاركة في المجتمع كما هو الحال مع سجى التي ترفض اسرتها العمل في القطاع العام حيث تقول "لقد تخرجت من كلية علوم الحاسوب منذ أكثر من خمس سنين ولكن لم أحصل على تعيين حكومي الى الان وعندما اريد التقديم على وظائف القطاع العام ترفض أسرتي ذلك كونهم لا يرون أن هناك أهمية للعمل ما لم تكن لي وظيفة حكومية ". علاوةً على ذلك، أدى الصراع وعدم الاستقرار إلى تراجع فرص الحصول على الخدمات، وانتكاس في القوانين التي أصابت الحرمان للنساء والفتيات أكثر من غيرهن خاصة خلال فترة داعش والنزوح والمشاكل التي أثرت على الكثير من النساء العراقيات خلال تلك الفترة، مما أدى بدوره إلى صعوبة حصولهم على فرص العمل.
أما فيما يتعلق بمعوقات ريادة الأعمال للمرأة وتمكين الرائدات من النساء فقد حددت دراسة معوقات ريادة الأعمال للمرأة ضمن أربعة معوقات أساسية تحول دون المساواة بين الجنسين في ريادة الأعمال وهي الأمومة وإدراك ريادة الأعمال والمعايير والتمويل. حيث يعتبر الدعم المالي (التمويل) من أهم القضايا التي تعيق مشاركة المرأة في بيئة ريادة الأعمال والقطاع الخاص. قد تكون هذه المعوقات ناتجة عن جوانب مختلفة أحد الأمور التي تتعلق بالمواقف التي يتم تبنيها تجاه مشاركة المرأة في المجتمع ووفقا لتقرير مشترك من قبل الدعم المالي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة وأوكسفام, فإن 6.8% فقط من الشركات في العراق مملوكة من قبل النساء.
التصدي لتحديات تمكين المرأة
يحتاج العراق لكي ينهض وينافس الدول الأخرى, الى شراكة حقيقية بين الرجال والنساء شراكة تضع الوطن كحجر أساس تبني عليه تطلعاتها وطموحاتها. أذ تساهم المساواة بين الجنسين في النهوض باقتصادات المجتمعات والتنمية المستدامة، مما يضمن حياةً أفضل للمجتمع ككل.
49.7% هي نسبت الإناث في العراق, حرفيا تمثل النساء نصف سكان العراق، فماذا يمكن أن يكون المصير إذا كان هذا النصف من سكان العراق يعاني من التمييز الاجتماعي والعائلي والاقتصادي وأنواع أخرى من الصعوبات لمجرد كونك أنثى؟
من البديهي, لا يمكن أن يتطور مجتمع أو بلد عندما يكون النصف من مواطنيه غير متطور.
فعلى الرغم من وجود نظام الكوتا في العراق الا أنه لا تزال المرأة بعيدة عن المساواة في العديد من آفاق الحياة. فمن أهم الوسائل التي تساعد في تمكين المرأة في المجتمع هو التعليم. فالتعليم هو أقوى سلاح يمكن من خلاله تغيير العالم. فهو نقطة مهمة لتمكين المرأة وأيضًا تقديم جميع التطورات الاقتصادية الشاملة للبلد. عندما تُمنح النساء حقوقًا متساوية في الوصول المتساوي إلى التعليم ، فإنهن يواصلن المشاركة في النشاط الاقتصادي لهذا البلد. أن تعليم المرأة كاف لإعدادها لتكون جزءا من القوى العاملة والمجتمع, 47% من النساء هن تحت خط الفقر فعندما تمنح النساء حقوقًا متساوية في الوصول المتساوي إلى التعليم، فإنهن سيشاركن في النشاط الاقتصادي. يمكن للمرأة أن تزيد من إمكانات مكافحة الفقر الحالي والمرتقب من خلال المساعدة في العمل والأنتاج في المجتمع. نظرًا لأن التعليم هو الوسيلة التي لا غنى عنها لتمكين المرأة بالمهارات المناسبة. هذا بالإضافة إلى ما تواجهه المرأة الريفية من قضايا خاصة, أذ أن هناك 32% منهن أميات ويواجهن عقبات من ناحية التعليم وانعدام الأمن الغذائي ومشاركتهن في القطاع الخاص.
في النهاية, على الحكومة العراقية أن تسعى للتصدي لتحديات تمكين المرأة والعمل على وضع خطة عمل للتمكين الاقتصادي للمرأة لتمهيد الطريق في المستقبل. وكذلك معالجة الشمول الاقتصادي للنساء ومعالجة المعوقات عن طريق التعاون مع القطاع الخاص لتطوير قدرات رائدات الأعمال من خلال حاضنات الأعمال، وللنساء الريفيات من خلال أنشطة التدريب المهني. والتنسيق مع المنظمات غير الحكومية لتشارك مشاركة كاملة في الأنشطة التي تهدف إلى التمكين الاقتصادي للمرأة العراقية. علاوة على ذلك على الحكومة ان تراعي وضع موزنات من شأنها تحقيق المساواة بين الجنسين.