(المتدفق)

مشاهداتي من المعركة.

تقييم هذا المقال
بواسطة زاهــــد, 17th March 2022 عند 04:13 PM (104 المشاهدات)
قد يندفع اولئك الذين يقاتلون في الحروب والمعارك في بادئ ذي بدء بدوافع شتى منها الذود عن الوطن والدفاع عن كل ماهو مقدس
لكن الدافع الحقيقي والأهم من كل ما أُشير له ، هو الدافع الخفي الذي يتخفى خلف كل هذه العناوين المُعلنة.

فأغلب المقاتلين الذين صمدوا أو استشهدوا ،لم يكن صمودهم وتضحياتهم دافعها حب الأرض والوطن أو ينالوا استحسان الله الذي سيكافئهم بالجنة ، قد تكون هناك عقيدة أو هدف ينتظمون حوله ، لكنها ليست المنظومة التي تحركهم ضد عدوهم .
إنما محركها هو قدرة العامل المؤثر (اعلام او خبراء علم التعبئة أو رجال الدين او ..او...) الذي يستطيع ان يرسم صورة سواء حقيقية أو مزيفة عن عدوك ويطبعها على جدار ذهنك ، تلك الصورة التي تولّد مزيداً من الحقد والكراهية.
لن تستطيع أن تقاتل عدواً دون ان تكرهه(لا اقصد الكره الطبيعي) انما هناك نوع من الكره الذي يُحفر في الذاكرة ويعتمل في الشعور ولا يزول لأنه يرتبط بقصة تاريخية او حادثة أو تصرف لا يمت لطبيعة الانسان، يستغلها المسؤولين عن التوجيه المعنوي لأستثارة الحقد والكراهية فيك ،كل هذا يولّد عند المواجهة شعور الثأر والأنتقام ، عندها تتسامى الأنا عن حب الحياة، وتتعاظم الإرادة التي لا تنثني أما بكسر إرادة العدو أو الموت .

بتلك اللحظات كأنك تعيش وسط عالم مبهم غريب جاء بك المجهول من اجل ان تمحو تلك الصور السوداوية التي تم تعبئتها في رأسك من اجل تُفرغ حقدك وتثأر لكل التشوّه الروحي الذي حدث بداخلك ، و من شدة تعطشك للنيل من عدوك ،تنسى حياتك العادية حتى تسنى أن هناك احداً ينتظرك ان تعود ، وحتى الله، إذا استطعت أن تتذكره ستتصوره واقف في عليائه مبهوراً ببطولتك وعلى عجالةٍ منه سيدون مكافئتك ورضاه عنك، وهذا سيدفعك اكثر في البطش بعدوك ، يتوقف عندك شعور الرحمة والشفقة يموت الانسان الرحيم فيك، بل يتولد عندك شعور انك يد الله الذي سخرك لتُخلص الأرض وتنظيفها من كل هؤلاء المتخندقين ضدك ، وان لم تستطع فتغدو بذاتك حاملاٌ روحك بجلالٍ مهيب الى حيث الردى موقناً مؤمناً بأنك لم تذهب سُدى بل سيزيد يقينك أنك لم تُخطئ بحق الذين قاتلتهم وقتلتهم حين تحاملت وحملت عليهم.

من الصور المروعة عندما تقاتل عدوك وهو يتحصن بين المدنيين ،حتى هؤلاء المدنيين الذين ساقهم قدرهم أن يكونوا في ميدان القتال يكونون عرضة لنار سلاحك الذي قد يصوب نحوهم في أي لحظة تحت هشاشة انضباط اعصابك التي تنفلت أمام ردة فعل ان يسقط احد اصدقائك ،او أي موقف طارئ لم يكن في الحسبان .

من أسوأ صور التوحش التي رأيتها، أن تأكل من طعام عدوك الذي يحمله على ظهره وهو ميت.

كل الذين هربوا من المواجهة لم يحقدوا على عدوهم جيداً.

تم تحديثة 18th March 2022 في 12:21 AM بواسطة زاهــــد

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال