حسن هاشم

قشرة الديموقراطية سناء الجاك كاتبة وصحافية لبنانية

تقييم هذا المقال
بواسطة حسن هاشم, 21st June 2021 عند 09:16 PM (244 المشاهدات)
أعلن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ما كان معروفا ومؤكدا عندما ناشد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله تولي التحكيم في مباريات التعطيل الدائرة منذ تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة، لن ترى النور على الأغلب.
ولا عجب أو مفاجأة في إعلان باسيل. فالعالم بأسره بات متيقنا أن الأزمة السياسية في لبنان مستمرة ما دامت أوضاع التسويات الإقليمية متعثرة. كما أن مفاوضات تشكيل "حكومة إنقاذ" سقطت بضربات متلاحقة مع الألغام المتوالدة، لتتغلب عليها فكرة "حكومة الانتخابات"، التي لن يتم إخراج سيناريوهات تركيبتها إلا بعد أشهر.
والمفارقة تتجلى في ارتياح أركان المنظومة إلى الاستحقاق الانتخابي المرتقب بعد حوالي السنة، على ما يؤكد منظِّرو السلطة، كل بحسب ولائه.
ولأنهم يعرفون ما يفعلون، ليس مستغربا أن يتيقن كل زعيم بأن الانتخابات النيابية ستعيده إلى البرلمان وستمنحه طائفته كتلة نيابية أكبر من غريمه الذي لا يستغني عنه. فشعبه يحبه ولا يرضى عنه بديلا.
والأنكى أن كل من ينظر لهذه التركيبة يصر على تبشيرنا بأن التغيير عبر صناديق الاقتراع أشبه بأمل إبليس بالجنة.
ولا عجب، فلبنان ينزلق أكثر فأكثر إلى الأنظمة الشمولية المغلفة بقشرة ديموقراطية يجب أن تفرزها صناديق الاقتراع لحفظ آلية شرعنتها في عيون المجتمع الدولي. لكن خلف هذه القشرة، تبقى الانتخابات النيابية حلقة من حلقات زج الجمهورية الفاشلة أكثر فأكثر في زنزانة المنظومة الحالية.
وليس صحيحا أن المعوقات الأساسية التي تحول دون تحقيق التغيير في لبنان تكمن في أسس نظامه السياسي وطريقة عمله القائمة على "المحاصصة الطائفية".
الصحيح أن المنظومة تطوِّع النظام، مهما كان شكله، وتستغل الطائفة. وتُخضع الدستور والقوانين لقياساتها.
وهذا ما شهدناه في الانتخابات الإيرانية وقبلها السورية، حيث جاءت النتائج وفق المتوقع والمرسوم بمعزل عن نسبة المقترعين.
وكذلك كان الحال في كل انتخابات منذ الديمقراطية النازية وحرية تعبير صدام حسين والرؤية الاستشرافية الفذة لمعمر القذافي.. وغير ذلك من شواهد التاريخ القريب والبعيد. فهذه المنظومات تعيب أشكال الحكم في دول ناجحة، وتخوِّن من يلمح إلى فضائلها المفترض أن تشمل المواطنين بالاستقرار والأمان والكرامة.
هذه المنظومات تأكل شعبها لتتغذى وتستمر، أيا كان النظام المتبع في ربوعها.
وهي لا تقدم على أي خطوة إلا بما يضمن لها الاستفادة من القانون الانتخابي القائم لتحدد نتائج الانتخابات سلفاً.
ولا هدف لها إلا العمل الجاد والمجتهد لتتمكن من اختراق الساحات كلها وتتحكم بالتحالفات، فتحرِّم نضوج معارضة تستطيع تحدي تجذرها في المؤسسات الرسمية والحياة اليومية للمواطنين عبر اختلاق الأزمات القاتلة التي تزيد من الحاجة إليها، وتحلِّل الآليات المؤسسية والقمعية، ونتائج الانتخابات المطبوخة سلفا.
والمذهل أن المنظومات المستأثرة بالسلطة تحتوي في جيناتها على الموالاة والمعارضة. وتلك هي معجزتها.. ممنوع على من هو خارجها أن يعارض. مسموح له أن يغرق في إحباطه ويمتنع عن المشاركة في العملية الانتخابية ترشحا واقتراعا، ما يوفر لها وسيلة التلاعب إن بالأصوات أو النتائج. واستغلال كل صغيرة وكبيرة للوصول إلى الهدف المنشود.
ليظهر بعد ذلك أن شعوب العزة والكرامة اختاروا بأغلبية كبيرة إعادة انتخاب نفس الأحزاب والقيادات القديمة. بالتالي لا يحق لهم الاعتراض.
ولبنان لم يعد يخرج عن السياق، على ما قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون غداة جريمة تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020. ولدى مطالبة "الجمهور الساذج" له بمساعدته على التخلص من الطبقة السياسية القائمة. ليضيف بأن هذا الجمهور مدعوٌّ إلى التغيير عبر صناديق الاقتراع.
لعل أحداً لم يهمس في أذن ماكرون أنه بهبوطه الاضطراري على الأزمة اللبنانية، ساهم بتعويم هذه الطبقة السياسية "المنتخبة ديموقراطيا". بالتالي إذا الشعب يوما أراد التغيير فعبر هذه الصناديق التي يسيطر عليها أركان المنظومة التي أفلست البلد. فهم حملة مفاتيح تأمين الوظائف الحكومية والخدمات العامة لمن يواليهم، وهم رعاة شبكات الزبائنية المستندة إلى الطائفية، المتحالفة مع محتكري التجارة والأعمال والتلزيمات المتخمة بالفساد.
والأهم أن أركان المنظومة وعبر استخدام موارد الدولة لتحقيق مصالحهم، إنما عملوا ويعملون على ضمان تصميم القوانين الانتخابية والدوائر الانتخابية بشكل يعزز من موقفهم ويحول دون ظهور حركات عابرة للطوائف وقادرة على انتشال لبنان من انهياره.
من هنا، يرتاح جبران باسيل عندما يناشد حسن نصر الله. ومن هنا يطالبه بالتحكيم، تماما كما يطالب خصومه نصر الله بالضغط على غريمهم المتهم بالتعطيل.
وبين المطالبات على ضفتي نهر الممانعة، يعيش المحور الإيراني شهر عسل متجدد، سواء بقشرة ديمقراطيته الخاصة او بقشرة الديمقراطيات التي تخضع لوصايته حتى يقضي الله أمرا كان معلوما
الكلمات الدلالية (Tags): قشرة. الديمقراطية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال