حسن هاشم
هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء العرق الآري؟ ربما نعم أو لا الكاتبة الاء عمارة
بواسطة حسن هاشم, 16th June 2021 عند 03:49 AM (231 المشاهدات)
“نجد أنّ كل ما تطالعنا به الحضارة البشرية من نتاج الفن والعلم والتكنيك، يكاد يكون كله ثمرة النشاط الآري الخلاق، وهذا الواقع يجيز لنا أن نستنتج بحق أنّ الآريين قد أسسوا في الماضي بشرية متفوقة..لقد كان الآري وما زال المشعل الإلهي الذي يضيء السبل أمام البشر، فشرارة العبقرية الإلهية انبعثت دائمًا من جبينه المشرق، وهو الذي قاد الإنسان على دروب المعرفة. ودله على السبل التي تجعل منه سيد الكائنات الحية على هذه الأرض، فإذا توارى الآري، يغشى البسيطة ظلام دامس، وتتلاشى الحضارة البشرية في بضعة قرون ويستحيل العالم فقرًا.”
تحدث هتلر كثيرًا عن العرق الآري، وذكر في كتاباته وأحاديثه مدى نقاء وعراقة الآريين. كان هتلر من مؤيدي داروين فيما يخص البقاء للأصلح، واعتنق هذا المبدأ وقرر أنّ العرق الآري هو الأقوى والأفضل، وذكر في نفس الكتاب أنّ النكسات التي تعرضت لها الحضارة البشرية، تعود لاختلاط الأعراق، ما أدي إلى شيئين:
- تدني مستوى العرق المتفوق. (يقصد الآريين)
- تأخر مادي وروحي، يُفضي في النهاية إلى التفسخ والإنحلال.
صورة لـ هتلر.
زعم هتلر أنّ العرق الآري هو مُوجد الحضارة البشرية القديمة، وصنفه على أنه سيد الأجناس كلها، أي يتوقف عليه ارتقاء أو اضمحلال تقدم الحضارات البشرية. ربما كانت لوجهة نظره هذه دور في قتل 6 ملايين من اليهود الألمان. لكن، هل كان هتلر على حق فيما يتعلق بذكاء العرق الآري؟ أم أنّ هذا ما هو إلا انحياز لبني جلدته؟
اختلافات البشر في اللون أو الشكل أو الدين أو الطباع أو.. إلخ، كلها مفهومة وجميعنا يستوعبها، لكن هل تؤثر هذه الاختلافات على مستوى الذكاء؟ حسنًا، إجابة مثل هذا السؤال صعبة وتحتاج إلى النظر من زوايا عديدة، لنبدأ..
اقرأ أيضًا: من شابه أباه فما ظلم… هل الذكاء مكتسب أم للجينات يد خفية في الأمر؟
اختلاف العرق
بعدما اكتُشفت الأمريكتين عام 1492، وهمّ رجال الأعمال الأوروبيين للذهاب إلى تلك البلاد الواعدة، أحضروا أعدادًا كبيرة من السود سكان بلاد القارة الأفريقية، ليكونوا عبيدًا للأبيض الأوروبي.. بمرور الزمن، ومع اقتراب انتهاء الرق، تحرر الأمريكيين من أصول أفريقية، وصاروا مواطنين حاملين للجنسية الأمريكية.
تسعى هيئات حقوق الإنسان دائمًا لمساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، لكن يبدو أنّ اختلافات العروق ستظل عائقًا على عدة مستويات، ويظهر ذلك جليًا في الاضطهادات والعنصرية الواضحة في بلاد تتخذ من الحرية شعارًا لأسباب عديدة، تحتاج إلى تقرير آخر. لكن هنا سنلقي الضوء على اختلاف آخر محير. إنه اختلاف العرق وتأثيره على مستوى الذكاء!
وُجد أن الأمريكيين الأوروبيين يحققون علامات أكبر من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية في اختبارات قياس الذكاء الدراسي، والأدهى من ذلك، ظهر هذا التفاوت في العلامات قبل دخول الأطفال رياض الأطفال. لكن هذا لا يعني أنّ مستوى ذكاء جميع السود أقل من البيض. في نفس الوقت، سجل نحو 75% من السود علامات أقل من الآخرين، ما يعود على البلاد بالعواقب الوخيمة سواء اجتماعية أو اقتصادية في المستقبل.
فوفقًا لموقع “U.S. Census Bureau“، في عام 2019، كان الأمريكيين من الأصول الأفريقية يشكلون 13.4% من سكان الولايات المتحدة، وهي نسبة غير قليلة وتؤثر بقوة على الاقتصاد العام للبلاد.
ملخص السابق أنّ الولايات المتحدة تواجه عدة مشكلات، منها انخفاض علامات الأمريكيين السود في اختبارات الذكاء، وارتفاع نسبتهم بين السكان، ما يحفز الدولة على البحث عن حلٍ فعّال لهذه المعضلة، على الأقل لتحقيق المساواة التي تطمح إليها والتخلص من الصراع العنصري، فعند إغلاق هذه الفجوة، ستزداد فرصة ارتفاع أعداد السود الذين أكملوا دراستهم الجامعية، حتى يتساوى عددهم مع البيض، وبالتالي تتحسن المعايير الانتقائية للجامعات، إذ تعتمد بعضها على اختلافات العروق – بحجة تفاوت درجات الذكاء – ما يقلل من حدة الصراعات العنصرية في المجتمع الأمريكي.
عام 1932، أُجريت اختبارات لقياس مستوى الذكاء، ومنذ ذلك الحين، لُوحظ ارتفاع متوسط ذكاء الأفراد في جميع أنحاء العالم، وظهر ذلك جليًا في اختبارات جامعة ستانفورد التي أُجريت عام 1978، وأظهرت أن 82% من الأمريكيين ارتفع متوسط معدلات الذكاء لديهم وسجلوا علامات أعلى من ذويهم الذين أجروا اختبارات عام 1932. وفي حالة الأمريكيين السود خاصة، لُوحظ أنهم سجلوا علامات أعلى. منذ عام 1970، أظهرت تقديرات التقييم الوطني للتقدم التعليمي (NAEP) انخفاض فجوة القراءة والاطلاع بين الأطفال في سن الـ 17 من السود أو البيض بين عامي 1971-1994. كل هذا ساهم في تضييق فجوة الذكاء بين الأمريكيين السود والبيض، ولم ينتج هذا عن انخفاض متوسط ذكاء البيض مثلًا، وإنما نتيجة ارتفاع معدل ذكاء السود. لكن مهلًا، من أين تأتي هذه الفجوة من الأساس؟
في ستينات القرن الماضي، أُلقي اللوم على 3 عوامل وهي:
- فقر الأمريكيين السود.
- العنصرية الواضحة.
- إهمال مدارس السود.
مع ذلك، كانت علامات اختبارات أطفال السود الأغنياء منخفضة عن ذويهم من أطفال البيض الأثرياء. وبمرور الزمن ضاقت الفجوة بين السود والبيض، عندما وُفرت لهم الإمكانات الدراسية المساوية للبيض. وأشارت الدراسات التي أجريت في هذا الصدد إلى تأثير البيئة الواضح، فقد حصل الأطفال السود الذين تبناهم آباء بيض على علامات مرتفعة في الاختبارات أثناء مرحلة الطفولة (قبل المراهقة)، ما يعني أنّ البيئة تؤثر على مستوى الذكاء وبقوة، فلا يوجد أي دليل وراثي يُرجع الاختلاف بين الأسود والأبيض إلى الجينات. (سنطرح رأي الجينات في هذا الأمر بعد قليل)
في الآونة الأخيرة، أصبح التركيز صوب الثقافة والبيئة، لمعرفة المزيد عن التأثيرات النفسية على مستوى ذكاء الطفل، وهذا ما شجع عليه معظم علماء النفس. ببعض من التفكير، هل سيتساوى أطفال تربوا مع عائلة ليست متعلمة أو تعليمها محدود مع طفل آخر نشأ وسط أبوين متعلمين واعيين للحياة والعالم؟ بالطبع لا، هذا ما أيّده العلماء، فالأطفال الذين تربوا في العائلات السود- في الغالب – لا يكتسبون مفردات كثيرة مثل التي يتلقاها الأبيض الذي يعيش بين أبوين على مستوى أعلى من الثقافة.
باختصار شديد، إنها ثقافة الأسرة هي التي تحسم أمر انخفاض مستوى ذكاء الأطفال السود قبل المدرسة، بسبب النشأة، فالأمر يتعلق بكيفية تفاعل الأب والأم مع الأطفال وطريقة تعاملهم معهم. لذلك، يرى العلماء أنه يجب الاهتمام بأولياء الأمور وتطويرهم تمامًا كما يسعون لتطوير الأطفال، فالأب والأم هما مربط الفرس.
اقرأ أيضًا: من “عليك الأمان” إلى أنا “أحبك أو أحترمك”: تعرف على ما يمكن أن تنقله التحية بشكلها البسيط من التواصل
اختلاف الدين والمعتقدات
كانت هذه النقطة غريبة بعض الشيء بالنسبة لي، عندما كنت أبحث، لقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة وجود علاقة سلبية بين التدين والذكاء. أي أنّ الشخص المتدين أقل ذكاءً من غير المتدين. ما أثار حيرتي وفضولي حقًا، هو أنّ هناك العديد من الأمثلة لعلماء عِظام، كانوا أشخاصًا متدينين وآخرين غير متدينين، وهناك من تخلى عن الدين تمامًا وبعضهم احتاروا واصطفوا وراء مصطلح لا أدري!
منهم المتدين والملحد واللا أدري
يذكر التاريخ لنا، الإمام “الشافعي”، الذي كان يقرأ صفحة من الكتاب ويحفظها من أول مرة، لقد كان أيقونة للعلماء المسلمين في العلوم الخاصة بالشريعة الإسلامية، وعُرف بذكائه الحاد، وقدرته المذهلة على حل المعضلات الفقهية..هناك أيضًا عالم الأحياء والوراثة النمساوي “مندل”. الذي يُدرس علمه واكتشافاته المذهلة حتى يومنا هذا، لقد كان رجل دين مسيحي وراهب في الدير.
من ناحية أخرى، لدينا عالم الفيزياء والفلك العبقري “ستيفن هوكينغ”، الذي أعلن إلحاده وتخليه عن الدين بصراحة. ولا ننسى “كارل ساغان”، صاحب سلسلة وثائقيات الكون، ومؤلف كتاب الكون العبقري، الذي جعل العامة يُطلون على الكون من خلال نافذة كتبه وأعماله، لقد صرح بإلحاده أيضًا..
الرجل الذي اختلف عليه التاريخ والعلماء وطعن البشرية في كبريائها، ووضع نظرية أثارت الجدل لقرون وما زالت.. إنه “تشارلز داروين”، بالرغم من تزعزع عقيدته، إلا أنه رأى أدق وصف له “لا أدري”، وهو الشخص الذي لا يصدق ولا يكذب الأديان. أطلق هذا المصطلح “توماس هنري هكسلي”، صديق داروين المقرب. وعلى نفس المنوال، كان “ألبرت أينشتاين”، عالم الفيزياء المعروف، يعرف نفسه على أنه لا أدري أيضًا، بالرغم من نشأته في بيت لا يهتم بطقوس الديانة اليهودية ويراها تقاليد بقيت في التراث، أصر أينشتاين على ممارسة طقوس اليهودية، وعندما كان يسأله أي شخص، يرد قائلًا: “عجبًا، لا أدري!”.
إضافة إلى ذلك كله، أثناء الحقبة الزمنية التي عاش فيها السيد داروين – القرن التاسع عشر – كان رجال الدين يتجهون إلى دراسة الطبيعة، حتى إنه عند البحث عن الكثير من علماء الطبيعة في ذلك الوقت، كانوا في الأساس رجال دين، يعملون في الأديرة ويُجرون تجاربهم هناك. ويذكر أيضًا عدد من العلماء المسلمين، من أمثال ابن سينا وأبي بكر الرازي وابن البيطار وابن النفيس والخوارزمي وآخرين.
يجتمع هؤلاء العلماء جميعًا في صفة الذكاء، لا، ليس الذكاء، بل إنها العبقرية التي جعلتهم يسبقون الزمن بعلمهم وما توصلوا إليه. ولكنهم يختلفون في الخلفية الدينية، هناك من تمسك بالدين أكثر في رحلته العلمية، وهناك من تخلى عنه، وبعضهم وقف حائرًا، لا يستطيع جزم أو نفي ما تقوله الكتب الدينية. (يذكرني موقفهم هذا بمحمود درويش عندما قال: “وآه من خطوة واقفة!” )
حسنًا، أردت ذِكر الأمثلة السابقة قبل الخوض في الدراسات التالية، لغرض في نفس يعقوب! سنتعرف عليه بعد قليل..
(ملاحظة: السطور القادمة تستند إلى دراسات أُجريت على أشخاص من ديانات محددة، وليس كل الديانات، ما يعني أنها قد لا تكون صحيحة بنسبة 100%، فهناك العديد من الاستثناءات، ذكرنا أمثلة عليها، بعبارة أخرى، إنها معلومات منقولة لك، فقط للأمانة العلمية، ولها ضرورة في حديثنا هنا، مستعدون؟ هيا بنا)