مـصطفى
رواية ابن البلد
بواسطة مـصطفى, 17th October 2020 عند 06:46 PM (699 المشاهدات)
اكملت الروايه منذ 3 ايام ولازال تأثيرها عليّ لم ينجلي
يالها من روايه مأساوية تراجيديه واقعيه مُبكيه
واحده من الروايات التي بعد الانتهاء منها واغلاقها ستشعر وكأنك اغلقت نصف قلبك وحفظت النصف الاخر بين صفحات الروايه
حيث ان تأثيرها سيبقى عليك مدة ليست بالقليله
انها روايه مهمه جداً تعالج قضيه لطالما شغلت أمريكا خصوصا و العالم عامة قضية البيض والسود (العنصريه) والصراع الممتد بينهم الى يومنا هذا وكمية غباء الافراد الذين ينظرون إلى العالم بهذه الطريفه وهذا التفكير
تلوم شخصاً ليس له علاقه في تكوين ماهو عليه شكله فقط لأنه مختلف عنك!!!
ابن البلد هو بلا شك أحد أقوى الكتب التي قرأتها
تحزم هذه القصة الكابوسية قدراً هائلاً من العاطفة والجدل لدرجة أنه من الصعب الابتعاد عن مشهد حادث سيارة مروّع على طريق سريع ، فأنت لا تريد أن تنظر ولكن يجب أن تنظر. إذا كنت تبحث عن مثال كفء وواثق من صحة الحقيقة في الأدب ، فلا داعي لمزيد من البحث. عند قراءة هذه الروايه ، تساءلت طوال الوقت ، " كم هي بشاعة البشر مقرفه تعامل شخصاً اخر نسبةً الى لونهم شكلهم ، ثروتهم مركزهم الاجتماعي مالذي يؤمنون به! متناسين بذلك اخلاقهم تصرفاتهم افكارهم .
كيف لهذه الروايه هذه التحفة الفنية ليست في الطليعة (إن لم يكن في المقدمة) ليس فقط الأدب الأمريكي ولكن بشكل أكثر تحديدًا الأدب الأفريقي الأمريكي.
تذكرنا ابن البلد بـ رواية الجريمه والعقاب لدستويفسكي ولكن على الواقع الامريكي حيث ان الكتابين يوضحان ويصفان لنا السكيولجيا النفسيه للمجرمين عند ارتكابهم الجرائم ومالذي يدور بخلدهم والتناقض النفسي الذي يتعرضون له اثناء هربهم وشعورهم بالحريه عند ارتكابهم للجرائم وعند القبض عليهم والتبريرات التي يختلقونها لكي يشعرون بأنهم اقترفوا الذنب من اجل سبب ما مهما كان السبب
بيجر توماس هو شاب قاتل وجشع تمكن من خلال أفعاله المروعة من الاغتصاب والسرقة والعنف بطريقة ما أن يثير قدرًا من التعاطف. يستطيع رايت تصويره في ضوء يجعل القارئ يفهم تمامًا أن بيجر يرتكب جرائم غير معقولة ، ولكن بغض النظر عن مدى فظاعة الجرائم التي لا تُغتفر يجعلك ريتشارد تتعاطف معه بالرغم من ذلك
حيث ان الروايه اتهام صريح لأمريكا العنصرية التي تحب ألا تعترف بأن المجرم الحقيقي هو البيئة التي يعيش فيها الزنوج.
ويعتبر النقاد رواية ابن البلد قمة التراجيديا الأمريكيه الزنجيه فهي تدور حول مشكلة عدم التوافق الاجتماعي في أمريكا وأثر البيئة الاجتماعيه في السلوك الفردي ومشاكل الجريمه والعقاب في مجتمع يقوم على العنصرية ضد السود, وأن الإنسان الأسود هو في آخر الأمر ضحية اللامبالاة في ذلك المجتمع وأن الظلم الذي يقع على الإنسان الأسود له جذور عنصرية عميقة في أمريكا.
وكذلك كرههم لــ المجتمعات التي تدافع عن الزنوج وحقوق الذين هم اضعف منهم وتطلب العداله لهم ولا تفرق بين مخلوق وآخر فــ كره المجتمع للــ الحزب الشيوعي الامريكي دليل قاطع على سطحية وسذاجة وانانية المجتمع آنذاك في أمريكا خاصه وفي العالم عامه
ولشدة ما كانت دهشة بل صدمة المحامي حين اسر اليه موكله في اللحظات الاخيرة انه لم يشعر بأنه انسان له كيان وحياة الا بعد ان ارتكب جريمته.. و هكذا ذهب بيجر الزنجي الى حتفه وهو في حالة قبول لشخصيته وقدره ومصيره. الافكار.. الرموز.. الدلالات يعبر هذا العمل عن مدى عمق الشرخ الخطير الذي كان يصيب بنيان المجتمع الامريكي ومازالت اثاره متبقية من حيث العلاقات بين البيض والسود وهي علاقات تتقاطع على صعيدها عوامل الاستعلاء العنصري والتمييز اللوني والحقد الطبقي والعزلة المخيفة بين مواطنين يعيشون في مجتمع واحد. ويوغل المؤلف في تحليل نفسية الاسود ليقول انه لا يحركه العنف ازاء الابيض قدر ما يحركه الخوف من الضياع والفقر والعوز وبطش القانون الذي وضعه مجتمع البيض.. يشير العمل ايضا الى ان تاريخا من الاضطهاد والقهر والسخرة والاستغلال من جانب البيض بحق السود يؤدي بالضرورة الى شرور وجرائم وانحرافاتوهذه المأساة تزداد عمقا وقتامة عندما ندرك كقارئين للرواية ان الفتى الاسود لم يشعر بكيانه الا وهو في زنزانة السجن.. يرفض استقبال هذا الزائر ويقبل بأن يجتمع الى من يريد.. اصبح بمقدوره ان يتخذ قراراته بغير ضغط الحاجة او املاء من جانب السادة البيض الموسرين ولكن للاسف لم يحدث هذا كله.. لم يشعر الفتى بذاته وبهويته كمواطن وكانسان الا وهو في طابور الاعدام.. و قبلها كم كان بيجر يعشق صالات السينما.. يتفرج على اطياف وخيالات كانت كلها تشكل عالما موهوما ومصطنعاً كان يهرب اليه ويلوذ به فرارا من واقعه الكئيب الذي عمل المؤلف على ان يرمز اليه في مفتتح الرواية بذلك الفأر الذي كان يعايشهم في الغرفة الوحيدة التي كانوا يأوون اليها ـ غرفة حرص المؤلف على ان يصورها مظلمة قاتمة فيما كان يصور سراي الوجيه الامثل في شيكاغو بأنها كانت تتلألأ بالانوار لكن ما اعجب المفارقات.. ان الظلام ساتر رحيم يخفي الفقر والقبح في حين الاضواء المشعة في القصر لا تخفي شيئا ولا تكشف حقيقة.. فأهل القصر لايدركون ما تصنعه ابنتهم من خلف ظهورهم بل ان سيدة القصر بجلالة قدرها عمياء لا تدري من امرها شيئا. العمل في ذاكرة الانسانية لغة الرواية تتسم مع الفصول الأولى بأنها لغة التقرير والاوصاف واحيانا لغة الشارع التي يستخدمها سوقة السود.. ثم لا تلبث ان ترتفع على لسان المحامين واهل القانون خلال مرافعات الادعاء والدفاع.. ورغم ان من النقاد من عابوا على الرواية جنوحها الى البروباجندا الدعائية او الخطابية فقد حرص المؤلف ريتشارد رايت على ان يمهد لنشرها بمقالة عن ظروف ميلاد البطل الاسود «بيجر» موضحا ان هذه الشخصية لا تصور فردا واحدا بل انها مزيج من عدة شخصيات عرفها المؤلف وعايشها وكانوا افرادا من الزنوج الامريكيين الذين كانوا يؤمنون بحق ان البيض استأثروا بكل شيء وما تركوا لنا شيئا.
الترجمه كانت بديعه جداً بكل تفاصيلها والنسخه كانت مذهله جداً
وفي النهايه لا يسعي الا ان اقول انه احد اجمل الكتب التي قرأتها والتي احب ان اعيد قراءته مره اخرى