الاسود يليق بك
الجزائر ومادراك ماالجزائر
بواسطة الاسود يليق بك, 9th December 2019 عند 05:30 PM (1135 المشاهدات)
من شأن الأرواح الشريرة التي تبث بيننا اليوم روح التيئيس، أن لا تنظر لنصف الكأس المملوءة، فهي مشغولة دائما بالنصف الفارغة، لأنها تصدر من عقول فارغة، لا تفكر إلا كما يفكر “البيدون” الفارغ، حين يصدر عند القرع عليه، صوت الفراغ.
نحن نصنع التاريخ نعم، ومن يشكك في ذلك عليه أن يفرك عينيه جيدا، ليرى كيف يحاكم الشعب جلاديه، الذين أذاقوه الويلات عقودا طويلة، وكيف يجرجرهم من السجون إلى المحاكم، ومن المحاكم إلى السجون، وأيديهم مغلولة بالأصفاد، في وجوههم ذلة ترهقهم قترة.
من لا يعتقد في محاكمة العصابة أننا لسنا أمام محاكمة تاريخية بكل المقاييس، عليه أن يراجع نفسه، ذلك أنه لم يحدث في تاريخ الجزائر كلها، أن شاهدنا صورا كالتي نشاهدها اليوم، وتاريخا كالذي نكتبه اليوم، حين يتذوق رموز الفساد والإجرام بعض الذي أذاقوه للناس، فتنزل تلك الصور التي يتابعها الملايين عبر الاعلام، لعصابة مذمومة مدحورة، بردا وسلاما على قلوب الشعب، فتكون شفاء للمظلومين.
ثم شئنا أم أبينا، كنا مع الانتخابات أو ضدها، فقد كانت المناظرة التلفزيونية بين المترشحين الخمسة للرئاسة، تاريخية بكل معنى الكلمة، حتى بالنقائص التي ظهرت بها، لكنها كانت محطة تاريخية أولى، تعلمنا فيها فنا كنا نسمع عنه فقط من خلال ممارسات الدول الديمقراطية، وسجلنا في دفاتر التاريخ أننا نخطو خطواتنا الأولى نحو الحوار، وسماع بعضنا البعض، في انتظار أن يصدر الشعب حكمه بكل سيادة.
المشكلة أن هناك من يريد أن تكون المحاكمة للنظام برُمَّته، لأنه يتمرد على سنن الكون في التغيير، عبر عدم الأخذ بالأسباب والتدرج، فيسقط في التطرف والمزايدات الفارغة، وقد غاب عنهم أن “ما لا يدرك كله لا يترك جله”.
كما أن هنالك من يريد أن يرى مناظرات في مستوى مناظرات الديمقراطية الأمريكية أو الفرنسية، بينما الشعب هو الشعب الجزائري، والنظام هو النظام الجزائري، وحتى النخبة هي نخبة جزائرية، وأن الأمر يحتاج ربما إلى عقود من الممارسة السليمة، حتى يكون من المنطق رفع سقف التوقعات بهذا الشكل.
لكننا مع ذلك نكتب تاريخنا، وهذا الحراك العظيم، كتب بأحرف من ذهب تاريخ الثاني والعشرين فبراير، والذي سيكون عيدا لا يقل شأنا عن تاريخ مبايعة الأمير عبد القادر، ورغم الاختراقات التي تعرض لها هذا الحراك، إلا أن محافظته على السلمية، بمرافقة الجيش الوطني، هو بحد ذاته، كتابة جديدة للتاريخ، عن الجزائري المتحضر، الذي مزق كل الأكاذيب التي روجتها العصابة، عن شعب قالت عنه أنه شعب عنيف وهمجي لا يستحق الحرية.