HassanAboAli

الانترنت.. سلاح فتاك بايدي الثورات العربية

تقييم هذا المقال
بواسطة HassanAboAli, 3rd December 2019 عند 06:34 PM (561 المشاهدات)
"انقطاع خدمة الانترنت" او "حجب المواقع الاخبارية و تطبيقات التواصل الاجتماعي" هي عبارات نسمعها فور بدء الاحتجاجات في أي بلد عربي منذ مطلع العام 2011، فمنذ ذاك الحين شهد العالم العربي تغييرات سياسية كبيرة حصلت نتيجة لثورات و تحركات شعبية لم تكن تخطر على بال أحد ولا حتى في الاحلام. فمن كان ليصدق أن الشعب السوري سيننتفض عن بكرة أبيها ضد نظام يحكم بالسيف والنار؟
كلمة "ثورة" بحد ذاتها كانت محذوفة من قاموس الشعوب العربية في كل من مصر و سوريا و ليبيا و غيرها و أن اي ذكر لكلمة "ثورة" قد يطيح بقائلها و يلقي به الى التهلكة، ولكن كل ذلك تغير بين ليلة وضحاها فجاءت ثورة تونس لتكسر حاجز الخوف و تبعتها مصر ثم ليبيا ثم سوريا و العراق و لبنان و الجزائر لتقلب الطاولة رأسا على عقب على رؤوس حكامها واعوانهم.

ولكن مع اختلاف بنية الانظمة العربية و تفاوت ردود فعلها تجاه حراك الشعوب ضدها، الا ان اغلب هذه الانظمة اتبع او حاول على الاقل اتباع سياسة قمعية ممنهجة للقضاء على هذه الثورات واضعافها، فمنها ما لجأ الى القمع الدموي كما حصل في سوريا والعراق ومنها ما رضخ الى قرارات الشعب في النهاية كما هو الحال مع مصر مبارك.
لكن وبقليل من الملاحظة تجد ان معظم هذه الحكومات اتخذت من الانترنت سلاحاً فعالا للفتك بشعوبهم واستغلوا جهل معظمه بالعلوم التكنولوجية و كيفية عمل الشبكة العنكبوتية التي أصبحت تشكل ركنا اساسيا من اركان حياتنا اليومية، تماما كالطعام و الشراب و الهواء!
فكثير ما نسمع عن اعتقال شبان مصريين بسبب بوست على الفايس بوك او اختفاء ناشطين سعوديين بعد تغريدة تنتقد سياسة حكام المملكة، ولعل أشهر هؤلاء هو سلمان العودة الشيخ و الداعي السعودية الذي غرد بدعوة لتأليف قلوب المسلمين في الإشارة الى الحصار الجائر الذي فرضه حكام السعودية على دولة قطر.
و بينما يكون دائما من السهل الوصول الى المشاهير من الناس، يبقى السؤال كيف تستطيع أجهزة الأمن المصرية على سبيل المثال تكميم أفواه شاب يعيش في ضواحي القاهرة في حي شعبي ببناء مضمحل غير مسجل ولا عنوان معين له، كيف تتمكن هذه الاجهزة الامنية من الوصول اليه مباشرة بعد فترة وجيزة من نشره أي تغريدة معارضة لنظام الحكم؟
ما لا يعلمه الكثيرون أن الاتصال التقليدي بالانترنت يكون بمثابة أداة تجسس زرعتها الحكومة في أجهزتك الذكية، وانا هنا لا اتحدث عن خيال علمي ولست من مؤيدي نظرية المؤامرة، فلا دخل لامريكا و اسرائيل بالموضوع، بل انني كمهندس و متخصص بأمن المعلومات، احلل الامور من منظور تقني و فني بحت. و من هنا جاء السؤال:

كيف اودى الانترنت بحياة الكثير من العرب في ظل الحكومات الدكتاتورية؟

سؤال قد يبدو غريبا إذا ما طرحته في الدول المتحضرة، ولكن للأسف في العالم العربي لدينا عشرات السجون مخصصة لمسجوني الرأي بسبب تغريدة او بوست ضد النظام الحاكم، فكيف تمكنت هذه الحكومات القمعية من توظيف الانترنت لخدمتها؟
في الماضي و قبل عصر الإنترنت، كان تجسس الحكومات مقتصراً فقط على معرفة سجل المكالمات التي أجريتها والمدة الزمنية لكل مكالمة منذ اللحظة الأولى لاقتنائك رقمك الخاص، و بزرع أجهزة معينة (هاردوير) في صندوق الهاتف كان بإمكانهم سماع مكالماتك و التجسس عليك.
أما الان ومع وصول تقنية الويب وتطور شبكة الاتصالات، لم تعد الوسائل القديمة تجدي نفعا فاغلب نشاطاتنا أصبحت على الشبكة العنكبوتية، وبحسب فبحسب التقرير الرقمي السنوي لعام 2019، يمضي الشخص الواحد معدل ٧ ساعات يوميا على الانترنت.
فهناك بحر وفير من المعلومات عن كل المواطنين يسبح في فضاء الإنترنت، و هنالك عدد كبير من الجهات مهتمة بل وتسعى للوصول لهذه البيانات منها شركات التسويق الالكتروني و معاهد التحليل النفسي و الهاكرز ولعل أخطرها في حال الدول الدكتاتورية هي الحكومات و فروع أمن المعلومات.
فمع تطور و تعقيد التكنولوجيا يجهل العديد من البشر حول العالم أن مع كل مرة تقوم فيها بتصفح موقع أو تطبيق معين، فانك تقوم بتسريب كم هائل من معلوماتك الشخصية لمصدر غير معلوم داخل شركات مزودي الإنترنت وبالتالي مباشرة للحكومة، و من هذه البيانات المسربة:
  1. عناوينك والفترة الزمنية التي تقضيها في كل موقع(وهذا يعطيهم احتمالات معرفة مكان عملك وبيتك).
  2. نشاطاتك المفضلة وكل المواقع والصفحات التي تزورها كل يوم و الفترة الزمنية التي تقضيها بكل صفحة.
  3. قائمة اتصالاتك و كلماتك المرورية و بيانات بطاقات الائتمان في حال شرائك من خلال المواقع ضعيفة الحماية او استعمالك لـ انترنت عام public wifi.

وباختصار شديد وبلغة عامية بسيطة كل هذه البيانات وأكثر تقوم انت بإرسالها بشكل دوري و من دون علمك كل يوم إلى قاعدة بيانات موجودة في مكان ما تحت سيطرة الحكومة وبهذه الطريقة تلاحق النظم الامنية في مصر والسعودية وسوريا وليبيا والصين وايران وكل دول العالم الثالث كل من تسول له نفسه نقد أو النيل من "هيبة الدولة" كما يصفونها.
وهنا تجدر الاشارة ان شركات مزودي الانترنت مبنية على هذا الأساس، فهذه هي طريقة عمل الانترنت و مزودي خدمة الانترنت او الـ ISP في كل دول العالم. المشكلة ليست في الانترنت، وانما في اساءة السلطة لاستخدام هذه البيانات ففي معظم دول العالم المتحضرة يمنع منعا باتا انتهاك خصوصية أو الاطلاع على بيانات أي مواطن إلا بأمر من القضاء، أما عن مصر او السعودية فهل هناك قضاء من الأساس؟ يسأل ساخر.

فإذا كنت معارضا سياسيا داخل مصر او سوريا او السعودية او ايران مثلا يبقى السؤال الأهم لديك ,
هل من الممكن حماية بياناتك الشخصية على الانترنت و منع أي جهة بما فيها الحكومة من التجسس عليك؟

هناك العديد من الوسائل ولعل أسهلها هو الامتناع عن انتقاد هذه الحكومات والرضوخ الكامل لها كم ترغب هي.
و لكن على الجانب الآخر هناك حلول تقنية و تطبيقات تحول دون وصولهم الى بياناتك الشخصية و هذه التطبيقات تكون على مستويات مختلفة من الحماية منها ما هو ضعيف و يسهل اختراقة و منها ما يشكل حصن منيع يحول دون قدرة أي جهة من التجسس عليك.
هذه التطبيقات تعرف بالـ VPN و بالعربية تعني شبكة خاصة افتراضية. بلغة بسيطة يمكن تخيل الـ VPN كقناة او نفق مشفر وآمن تسير من خلاله نشاطاتك عبر الإنترنت.
فتقوم هذه التطبيقات بتشفير بياناتك الشخصية مما يحول دون استحواذ السلطة على معلوماتك الخاصة وبالتالي تمنع أي حكومة او شخص من الوصول الى بياناتك الشخصية، تؤمن هذه التطبيقات اقصى درجات الحماية بسبب ميزة التشفير التي تقدمها. والمقصود هنا التطبيقات الموثوقة عالميا من كبرى شركات الحاسوب بعيدا عن التطبيقات المجانية والصينية التي تقوم ببيع بيانات مستخدميها.
أيضا يميز هذه التطبيقات خاصية رفع الحظر عن المحتوى و فتح المواقع والتطبيقات المحجوبه. فباستعمال VPN تستطيع الوصول إلى أي تطبيق أو موقع إلكتروني في العالم و بسرعة انترنت قد تكون أكبر من الطبيعي بسبب تشويش اجهزة الحكومة على هذه التطبيقات.

ففي الدول الكبرى تطبيقات الـ VPN لها سوق كبير و تستثمر العديد من الشركات أموالا ضخمة في تطوير و تحسين خوارزميات التشفير و حماية الخصوصية،وكما تعمد هذه الحكومات الى حظر المواقع الاخبارية المعارضة كما أما في دول الحكومات المتخلفة فتعمد الى حظر المواقع الرسمية لهذه التطبيقات كما هو الحال في ايران و العراق و قامت السلطات المصرية في ١٦ نوفمبر الجاري بحظر الموقع الرسمي لـ NordVPN الشهير الرائد في مجال الحماية مع عدة مواقع و صحف اخبارية معارضة، بدون ذكر أي تبيان أي سبب عن حظر هذه. باستخدام الـVPN للحماية والأعمال مسموح في اغلب دول العالم المتحضر امريكا و اوروبا و كندا و استراليا و معظم الدول التي تحترم شعوبها.
لماذا عليك القلق على بياناتك الشخصية؟
في هونغ كونغ وفور بدء الثورة الشعبية ضد التدخل الصيني في الإقليم، قامت الـ LIHKG وهي المنصة الإلكترونية للمتظاهرين، بحث الناس على استعمال شبكات VPN لتجاوز عمليات قطع الانترنت ومنع الحكومة من التجسس على المتظاهرين، وفعلا اصبحت تطبيقات الـ VPN من اشهر و اهم التطبيقات في هونغ كونغ.
فكما ذكرت سابقاً، مزود خدمة الانترنت يستطيع معرفة الكثير عنك: موقع عملك، منزلك،هواياتك المفضلة، تطبيقاتك و تقريبا كل شيء!
فالعلاقة طردية بين كم المعلومات المتاحة عنك و قدرة هذه الحكومات على ملاحقتك و من البديهي أنه لا يحق لأحد الإطلاع على بياناتك الشخصية و لاسيما إذا كان بقصد المضرة كما هو الحال في أغلب البلدان الدكتاتورية.
و بشكل عام فقد عمد العديد من الأشخاص العاديين و الكتاب و صحفيي الرأي مؤخرا في امريكا و كندا واوروبا لاستعمال تطبيقات VPN لحماية لحماية خصوصيتهم. فبحسب آخر الإحصاءات يعمد عشرات الملايين من الاشخاص حول العالم بالحفاظ على خصوصيتهم السيبرانية، فهل انت منهم؟

تم تحديثة 3rd December 2019 في 06:55 PM بواسطة فقار الكرخي (حذف رابط)

الكلمات الدلالية (Tags): انترنت. تجسس. حماية.
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال