فجر السعودية

الشيخ العلامة الإمام محمد بن عبد الوهاب، رحمة الله دعوته وسيرته.

تقييم هذا المقال
بواسطة فجر السعودية, 27th December 2018 عند 11:27 PM (383 المشاهدات)
لا يعد الإمام “محمد بن عبد الوهاب” زعيم حركة إسلامية سلفية فحسب، وإنما يعد أحد رواد الإصلاح الديني، ومجدد نبع الإسلام الصافي، الذي كادت تكدر صفوه تلك البدع والأوهام التي شاعت بين كثير من الناس في العصر الحديث،

ميلاده ونشأته
وُلد “محمد بن عبد الوهاب بن داود” سنة (1115هـ = 1703م) في “العيينة” من بلاد “نجد”، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وتلقى العلم عن أبيه الذي تولى القضاء في بلدان العارض من أقاليم نجد، منذ سنة (1139هـ = 1726م) وحتى وفاته سنة (1153هـ = 1740م).

كان شديد الذكاء، سريع الإدراك والحفظ، كما عُرف بحبه للعلم وشغفه به منذ نعومة أظفاره، فذهب إلى مكة وحج بيت الله الحرام وهو بعد في سن الشباب، وأخذ عن علمائها، ثم قصد المدينة المنورة وأقام بها نحو شهرين، وعاد إلى بلده فاشتغل بدراسة الفقه على مذهب الإمام “أحمد بن حنبل”.
سافر إلى كثير من بلدان العالم الإسلامي، وحواضر العلم والثقافة؛ لينهل من العلم والمعرفة على أعلامها وعلمائها، فرحل إلى البصرة حيث أقام بها أربع سنوات، وسافر إلى بغداد فقضى فيها خمسة أعوام، وعاش في كردستان لمدة عام، وأقام في همذان عامين آخرين، وانتقل إلى “أصفهان” ورحل إلى “قم”.


الدعوة إلى التوحيد
دعا إلى التوحيد، وتنقية الدين من البدع، وتخليصه مما داخَلَه من انحراف، فدعا قومه إلى نبذ البدع، وطرح كل ما لم يرد في القرآن والسنة من الأحكام والتعاليم، والرجوع بالدين إلى فطرته النقية وبساطته الأولى، وسعى إلى تنقية العقيدة والعودة إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصافية؛ ولذلك فقد أطلق على حركته اسم “التوحيد” وعلى أتباعه اسم “الموحدين”، أما اسم “الوهابيين” الذي عُرفوا به فيما بعد، فقد أطلقه عليهم خصومهم، واستعمله الأوروبيون حتى صار عَلمًا عليهم.
وقد قامت دعوة “ابن عبد الوهاب” على فكرة التوحيد، فالتوحيد أساسه الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق هذا الكون، وأنه هو المسيطر عليه، وواضع قوانينه التي يسير عليها، وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه، ولا من يعينه على تصريف أموره؛ فهو وحده الذي بيده الحكم، وهو وحده الذي يملك النفع والضر، وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم سواه.


بين ابن عبد الوهاب وابن تيمية
وقد تأثر الإمام “محمد بن عبد الوهاب” في دعوته وتعاليمه بعالم آخر جليل ظهر في القرن السابع الهجري هو الإمام “ابن تيمية الحراني”، الذي عُرف بالشجاعة وقوة الحجة، وكان لا يخشى في الله لومة لائم، حتى تعرض للسجن والتعذيب.

وقد وجدت دعوة “ابن تيمية” صدى لها في قلب وعقل “ابن عبد الوهاب”، فأخذ كثيرًا من أفكاره وآرائه التي نادى بها.
فدعا إلى محو كل ما هو مخالف للإسلام الصحيح، والعودة إلى الإسلام في صورته الأولى، في بساطته وطهارته ونقائه، وصدق التوحيد واتصال العبد بربه من غير واسطة ولا شريك.
وكان “ابن عبد الوهاب” يرى أن ما لحق بالمسلمين من ضعف وسقوط إنما هو بسبب ضعف العقيدة، والبعد عن التوحيد، فقد كانت العقيدة الإسلامية في أول عهدها صافية نقية، وبهذه العقيدة وحدها انتصر المسلمون وفتحوا العالم.


انتشار دعوته
لم يجد الاستجابة المنشودة من أبناء بلده، فارتحل إلى “عيينة”؛ حيث وجد معاونة- في أول الأمر- من أميرها “عثمان بن حمد بن معمر”، ولكنه ما لبث أن انقلب عليه وخذله، فانتقل بعد ذلك إلى “الدرعية” سنة (1157هـ = 1744م) التي كانت مقر “آل سعود”، وهناك عرض دعوته على أميرها “محمد بن سعود” فقبلها، وتعاهدا على الدفاع عن الدين الصحيح ونشر الدعوة في جميع جزيرة العرب، وأعلن الأمير “محمد بن سعود” مناصرته للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمة الله

موقف العثمانيون
وفي نهاية ربيع الآخر (1206هـ = 1792م) توفي الإمام “محمد بن عبد الوهاب”، بعد أن قويت دعوته، وانتشرت بين القبائل.
وظلت الدعوة بعد وفاة مؤسسها تنمو ويتسع نفوذها ويزداد أتباعها، وبلغ نفوذ أقصاه، وامتد سلطانهم من أقصى الجزيرة إلى أقصاها، وشعرت الدولة العثمانية بالخطر يقترب منها، وأن الحجاز يوشك- في ظل هذه الدعوة الفتية- أن يخرج من قبضتها، وهو أمر في غاية الخطورة والحساسية بالنسبة للدولة العثمانية، فالحجاز يمثل السيادة الروحية على العالم الإسلامي كله؛ نظرًا لوجود الحرمين الشريفين فيه، وفقده يعني زوال تلك السلطة الروحية والسيادة والزعامة الدينية التي يتمتع بها الخلفاء العثمانيون.


فاستنجد العثمانيون بمحمد علي باشا- والي مصر- وطلبوا منه تجهيز جيش لمحاربة الوهابيين، وبعد عدة معارك استطاع “محمد علي” تحقيق النصر

وبالرغم من تلك الهزيمة التي مُني بها فإن تلك الدعوة ظلت باقية إلى أن هُيئ لها الانتشار والتأييد من جديد، فانتشرت في كثير من الأقطار الإسلامية: كالهند، والجزائر، واليمن، وتأثر بها في مصر عدد كبير من العلماء المجددين من أمثال: “جمال الدينالأفغاني“، والشيخ “محمد عبده“، وتلميذه “محمد رشيد رضا“.
وما تزال تلك الدعوة- السلفية- تجتذب المزيد من الأتباع والأنصار كل يوم

مؤلفاته
ترك الإمام “محمد بن عبد الوهاب” رحمة الله عددًا كبيرًا من الرسائل والكتب التي تدعو إلى التوحيد، وتكشف ما قد لحق به من بدع وشبهات، ومن ذلك:
1 – كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العباد.
وقد شرحه عدد من العلماء منهم:
– “أحمد بن حسن النجدي” بعنوان “الدر النضيد”.
– و”حامد بن محمد بن حسن” بعنوان “فتح الله الحميد المجيد”.
– و”عبد الرحمن بن حسن قصيلة” بعنوان “فتح المجيد”.
2 – كشف الشبهات من التوحيد.
3 – تفسير الشهادة.
4 – رسالة في مبحث الاجتهاد والتقليد والاختلاف بينهما.
5 – الكبائر.
6 – مسائل خالف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها ما عليه أهل الجاهلية.
7 – فضل الإسلام.
8 – السيرة: وهو مختصر من “سيرة ابن هشام”.
9 – نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين.
10- رسالة في الاعتقاد وفي التوسل إلى الله.
11- أصول الإسلام.
12- أصول الإيمان.
*من مصادر الدراسة
– تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان- ترجمة: د. عمر صابر عبد الجليل- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة (1415هـ = 1995م)- (القسم التاسع).
– زعماء الإصلاح في العصر الحديث: أحمد أمين- مكتبة النهضة المصرية- القاهرة (1368هـ = 1948م).
– عصر محمد علي: عبد الرحمن الرافعي- (مكتبة الأسرة: 2000م)- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة (1421هـ = 2000م).

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية ايليتا
    ....................................
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال