يا الله أساك رَوحا طيبة
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
بواسطة وليد عدنان علامة, 1st February 2018 عند 10:53 AM (281 المشاهدات)
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا (الآية 8 من سورة آل عمران )..
وأرى أن هذا الدعاء وإن كان المطلوب دعاءه للعموم ولكنه خاص للعلماء الذين هداهم الله من خلال العلم والمعرفة والدليل القطعي اليقيني بما أنزله على رسوله محمد وما أنزله على رسله من قبل . وجاء الدعاء بصيغة (ربنا) كغالبية الأدعية وقلما جاء دعاء بصيغة (اللهم- وقد ورد فقط 5 مرات في القرآن) وما تبقى من أدعية جاءت بصيغة (ربنا- ربِّ) لأنه من التربية الإلهية أن يحرمَ ويسلبَ نعمةً لا يعرف أصحابها قدرَها ولا يستعملوها في ميزن الحق والعدل والقسط والأمانة. . وقوله تعالى: رَبَّنا لا تُزِغْ قلوبَنا بعد إِذْ هَدَيْتَنا؛ أَي لا تُمِلْنا عن الهُدَى إلى الضلال وعن الايمان إلى الكفر وعن التوحيد إلى الشرك وعن العدل إلى الظلم وعن العلم إلى الجهل وعن السعادة إلى الشقاء. وعن الجنة إلى النار..
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا.
الزيغ هو الميل : والميل هو : انحرافٌ في الشيء إلى جانبٍ منه. .قال الله : وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (الآية 27 من سورة النساء)..والميلُ خلافُ العدلِ والقسطِ وهو ظلمٌ قال الله : وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ..
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا.
وحين يظلمُ الانسانُ بتصرفه الزائغ المنحرف عن العدل ويصر عليه يختمُ اللهُ على قلبه بختم الزيغ فلا يوفّقه بعد ذلك للهدى إلى أن يلقاه عليه ويعاقبه على ما قدمه في دنيا الامتحان.قال الله :وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ. (الآية 5 من سورة الصف)..والذي لا يصر على الزيغ يتوبُ اللهُ عليه ويهديه للهدى بعد الانحراف للضلال..قال الله : لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (الآية 117 من سورة التوبة)...
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا.
ومن علامات الذين في قلبهم زيغُ من العلماء والمفكرين هم الذين يتبعون المتشابه من القول في القرآن ويجعلونه كالمحكم في العقيدة والتشريع من الأحكام..قال الله :هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (الآية 7 من سورة آل عمران)...
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا.
وكما يوجد زيغ للقلب فهناك زيغ للفكر والبصر أيضاً. قال الله لمن شك من المؤمنين بوعده لهم بالنصر في معركة الخندق بسبب الخوف وخطب الموقف المرعب : إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (الآية 10 من سورة الأحزاب :). .
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا.
وقد وصف الله بصر نبيه محمدٍ صلى الله عليه وآله:بقوله: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى.( الآية 17 من سورة النجم).. وفي الختام : نسأله أن يثبتَ قلوبَنا وأبصارنا وعقولنا على دينه وحبه ورضاه . ونعوذ به ان يستدرجنا من خلال عقلنا وعلمنا ويكلنا إلى أنفسنا لتزيغ عن الهدى والحق والنور الذي أنزله على رسوله محمدٍ صلى الله عليه وآله الكرام..
وليد علامة..