مدونة جعفر التميمي
صلال الموح من قادة ثورة العشرين
بواسطة JAAFAR2012, 10th December 2012 عند 09:07 PM (1488 المشاهدات)
صلال الموح من قادة ثورة العشرين
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 واتمام احتلال العراق من قبل الجيش الإنكليزي المحتل شرعت السلطات المحتلة بتعيين حكام سياسين من بين ضباط الجيش ، وقد اساء هؤلاء الحكام العسكريين معاملة العشائر ورؤسائها وسعوا بكل السبل الى اذلال هذه العشائر . وكان من نصيب منطقة الديوانية الحاكم السياسي ( الميجر ويلي ) .
كانت منطقة الديوانية العشائرية الكبيرة تعد انذاك من اكبر مناطق العراق حيث تضم عشائر كبيرة ومدن مهمة مثل السماوة والشامية وعفك والرميثة واراض زراعية واسعة تمتد من جنوب الحلة وحتى الناصرية وتعيش فيها عشائر كبيرة ومتمرسة على المعارك وتتقن مختلف فنون القتال مثل الأكرع وال غانم وال احمد وعفك وال بدير والسعيد وزبيد والخزاعل وبني جحيم والظوالم وال ازيريج وبني عارض والبوحان وغيرهم .
سعى الحالكم السياسي للديوانية الى اذلال العشائر ورؤسائها بشتى الوسائل والأساليب ومن هذه الأساليب مثلاً منع رجال العشائر من دخول المدينة على ظهور الخيل حيث انه على الفارس ان يترجل عن فرسه ويدخل المدينة راجلاً وكذلك اخذ يسخرهم لمختلف اعمال السخرة الأمر الذي حدا بالشيوخ الى مقاطعته واعلان تمردهم على الحاكم الطاغية . ولكن من اجل التنكيل بهم وتحطيم كبريائهم بعث الحاكم السياسي عدة رسائل الى رؤساء العشائر مع سيارات عسكرية . الرسالة الأولى بعثها الى الشيخ الحاج مخيف ال محمد رئيس ال غانم وهو خال صلال الموح وقد اعتقلوه واتوا به مع حراسة مشددة وتم تسفيره فورا الى البصرة ومنها نفي الى جزيرة ( هنجام ) في الهند، والثانية الى الشيخ شعلان العطية رئيس الأكرع ووضع في السجن، والثالثة الى الشيخ سعدون الرسن رئيس ال احمد الذي لم يحضر وذهب الى جهة الرميثة، والرابعة الى الحاج مظهر الصكب شيخ عشيرة السعيد الذي خرج الى الجزيرة ولم يحضر، والخامسة الى الشيخ شعلان ابو الجون في الرميثة رئيس عشيرة الظوالم الذي وضع في سجن الرميثة ومعه سعدون الرسن ، وعندما بعث ابو الجون برسالته المعروفة الى ابناء العشيرة يطلب فيها عشر ليرات ذهبية صاغ ( اصلية ) وفهم ابناء العشيرة مضمون الرسالة التي يطلب فيها عشرة رجال شجعان لإخراجه من السجن . وبالفعل هجم هؤلاء الرجال على السجن وأخرجوه مع الشيخ سعدون الرسن . وتلك كانت الشرارة الأولى لإندلاع ثورة العشرين .
توجه الشيخ سعدون الرسن الى اهله حيث جمع عشيرة ال حمد والعشائر المتحالفة معها وتوجهوا الى منطقة غربي الديوانية واحتلوها بما فيها منطقة الجدول .
اما الشيخ صلال الموح فقد جمع عشائر عفك وهاجموا سراي الحكومة في عفك واحتلوه وهرب الحاكم السياسي لعفك ( الكابتن ويب) . وفي ذلك الوقت كانت عشائر الرميثة والسماوة قد اصطدمت بالجيش الإنكليزي في منطقة ( العارضات ) وحدثت معارك طاحنة .
احس الحاكم العسكري للديوانية ( الميجر ويلي ) بالخطر الذي يتهدده فحاول تملق العشائر واسترضائها عن طريق الوعود المعسولة فأطلق سراح شعلان العطية وارسل وفود للعشائر تعرض عليهم المساعدات المالية والإعفاء من الضرائب ولكن ذلك لم يجد فتيلا .
يقول الدكتور علي الوردي في كتابه ( لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ) ان صلال الموح وسعدون الرسن توجهوا الى شعلان العطية في الدغارة بعد اطلاق سراحه ، وكان الإنكليز قد اعتقلوا ابنه ( موجد ) كرهينة لضمان عدم انضمامه الى الثورة . ولما علم من الموح انه هو الأخر قد اعتقلوا خاله الشيخ مخيف ال محمد لضمان عدم قيامه بالثورة وانه على رغم ذلك مستمر على طريق الثورة اعلن انضمامه للثوار . وهكذا اشتعلت الثورة بين كل عشائر الديوانية .
يضيف الدكتور الوردي ( بعد انضمام كل العشائر الديوانية الى الثورة اصبح وضع حامية الديوانية في غاية الخطورة فأبرق الجنرال هالدن من بغداد الى الجنرال كوتنهام قائد حامية الديوانية يأمره فيها بالإنسحاب مع الحامية الى الحلة بواسطة القطار ) .
احتلت العشائر مدينة الديوانية بعد اخلائها من الجيش الإنكليزي ، وفي اثناء ذلك كانت جيوش العشائر قد تكاملت وبدأت بمطاردة الجيش المنسحب حيث كانوا يطاردون القطار على ظهور الخيل ويقلعون السكك الحديدية مما شكل مصاعب هائلة للجيش . اضافة الى الغارات الليلية والنهارية التي لا تنقطع على ارتاله . وفي اثناء ذلك كان السيد الحسيني قاطع العوادي يتجول بين العشائر يحثها على الجهاد ويثير فيها النخوة العربية .
توجه صلال الموح مع شعلان العطية الى عشائر البو سلطان في الحلة من اجل ان يشتركوا في القتال ، وبالفعل انضم للثوار عداي الجريان ولهيمص والبراك . وهكذا اتسعت الثورة لتشمل كل عشائر الحلة . وعلى رغم القصف المدفعي وقصف الطائرات الذي كان شيئاً جديدا في الحروب فقد زحف الجيش العشائري ليحاصر مدينة الحلة حيث احاطت بالصوب الشرقي عشائر عفك والأكرع وال بدير والسعيد والبو سلطان والمعامرة والجحيش والعزة في حين احاطت بالصوب الغربي عشائر الجبور وال فتلة وخفاجة وبني حسن اضافة الى عشائر الشامية التي التحقت بالثوار بعد انتصارها في معركة ( الرارنجية ) .
وفي ذلك الوقت الحرج من عمر الثورة بدأت الخيانة تطل برئسها ، فقد وصلت الى الشيخ صلال الموح رسالة من الشيخ عجيل السمرمد شيخ زبيد في الصويرة يخبره فيها بان احد رؤساء العشائر قرر ان يدس له السم خلال دعوة غداء لذلك فإن عليه ان يكون حذرا ، ولما علم قادة الثوار بذلك ارسلوا بعض رجالهم واحرقوا مضيف الشيخ الخائن .
بعد اشتداد الحصار على الحلة سعى الإنكليز شق وحدة الثوار وزرع الفرقة بينهم فأخذوا يرسلون معتمديهم الى كل شيخ على انفراد لإغرائه بمختلف الوعود لترك الثورة وقد نجحت الخطة مع الكثيرين ولكنها فشلت مع صلال واخوانه . وهكذا تشتت شمل الثوار واضطرت العشائر الثابتة على موقفها الى الإنسحاب تحت وابل قصف الطائرات الإنكليزية التي لاحقتهم حتى مناطقهم حيث قتل القصف بعض النساء و الأطفال بعد قصف البيوت .
اضطر من بقي من الثوار ترك العراق والهجرة الى الحجاز ومنهم السيد جعفر ابو التمن والسيد نور الياسري وصلال الموح وشقيقه مهدي الفاضل والسيد هادي المكوطر والسيد محسن ابو طبيخ وعلوان السعدون رئيس بني حسن ومرزوك العواد رئيس العوابد والحاج رايح العطية رئيس الحميدات وشعلان الجبر رئيس ال ابراهيم . وصل الثوار الى مدينة حائل في نجد حيث استقبلهم عبد العزيز رشيد امير شمر وقد اقاموا لديه عدة اشهر رحلوا بعدها الى الحجاز مع وفود من قبل ابن رشيد ، وصلوا الحجاز واقاموا في مكة لدى الملك حسين ملك الحجاز وبقوا هناك الى ان عقد مؤتمر القاهرة برئاسة تشرشل حيث تقرر انشاء مملكة العراق وتنصيب عبد الله بن الحسين ملكاً عليها ولكن بعد ان طرد الفرنسيون الملك فيصل بن الحسين من سوريا قرر الإنكليز ان يكون فيصل ملكاً للعراق وعبد الله اميراً لإمارة شرق الأردن .
وهكذا عاد الثوار مع الملك فيصل الأول بالباخرة عن طريق البصرة بعد تأسيس الحكومة العراقية الموقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب وصدور قرار العفو عنهم
التعديل الأخير تم بواسطة JAAFAR2012; منذ دقيقة واحدة، الساعة 9:02 متوقيع JAAFAR2012