جميل مانع البزوني
الشباب وآلام الولادة
بواسطة جميل مانع البزوني, 29th January 2017 عند 04:16 PM (260 المشاهدات)
الشباب وآلام الولادة
عندما بدأ الألم ينتاب أم أحمد لقرب ولادتها كان ابنها الوحيد خارج المنزل يتحدث مع صديقه حول دروسهما اليومية، وفجأة أخذ الألم يزداد شيئا فشيئا وأخذت أم أحمد تنادي ابنها، وجاء أحمد مسرعاً ليكون قرب أمه وهي تضع ابنها الجديد الذي انتظرته الأسرة منذ سنوات.
وبينما كان أحمد يحاول الاتصال بابيه كان امه تحاول ان تجمع أغراضها التي تحتاجها في حالة الولادة ولما شعرت بالولادة فعلا قالت: بني عليك بالذهاب الى بيت خالتك وأخبارها أن امي قد جاءها الم الولادة وتحتاج الى ان تكوني قربها لأن أبي ليس في البيت وانا لا أعرف ماذا اعمل لها.
سمع أحمد كلام أمه وهي تتعثر بكلماتها من الألم وخرج مسرعاً بعد أن أوصته بعدم الرجوع وحده فإنها تريد ان تكون هناك امرأة بجانبها.
خرج احمد مسرعا وهو يحاول ان يصل الى بيت خالته من أقرب الطرق المؤدية الى محل سكناها ووصل فعلا ووجد خالته تستعد للخروج ففرح كثيراً أنه وصل الى بيتها قبل أن تخرج ويبقى حائراً في امره.
قالت له خالته: كيف تركت أمك في البيت؟
قال وهو يكاد يقع من طوله من شدة الإعياء الذي اصابه وهو يركض: إن امي تريدك أن تكوني معها فإنها تتألم وطلبت مني أن اخبرك وانا من شدة خوفي نسيت حتى أن أتصل بك وجئت مسرعاً، والحمد لله أني وجدتك قبل أن تخرجي من البيت.
قالت الخالة: يا ابن اختي قد كنت في طريقي اليكم فانا أعلم أن ولادة أمك قريبة جدا وقد رأيت في ليلة أمس أن هناك سيدة عظيمة الشأن كانت تقف عند راسها وهي تضع ابنها؛ لذلك كنت أريد المجيء إليكم قبل أن ترسلوا لي أو تتصلوا بي.
فرح أحمد بذلك وأخذ خالته التي كانت امرأة معروفة بالتدين وحمل عنها حقيبتها التي تحملها معها دائما ثم قال: يا خالتي هل الولادة بهذه الصعوبة فقد رأيت امي وهي تتلوى من الألم ولا تكاد تستطيع أن تتكلم بشكل صحيح؟
قالت الخالة: نعم إن الولادة أمر صعب جداً على المرأة وهو أشبه بالبلاء الذي لا يخرج منه الانسان الا كيوم ولدته أمه ألم تلاحظ الحرب الحالية الأن فان ثواب المرأة قد يفوق أجر المقاتلين في سبيل الله فإن الله تعالى جعل الألم معوضاً ولم يجعله عبثاً فإن كل ألم له غاية وهدف في حياتنا.
ولما وصلت الخالة وجدت اختها قد تألمت كثيرا وقيما هي تساعدها في الولادة وإذا بصوتها يختفي فجأة ثم تمت عملية الولادة دون صراخ، وجاء الولد سويا سالماً من العيوب. فرح أحمد وأبوه بالولادة التي لم تكن صعبة جدا على أمه خاصة أن هذا المولود كان قد تأخر كثيرا على الاب والابن.
وبينما كانت الخالة تساعد اختها في البيت قالت لها: انا كنت خائفة عليك عندما اختفى صوتك وأنت تلدين ابنك هذا، وكنت أعتقد أن أمراً قد أصابك بسوء في العادة فإن صوت المرأة يزداد عند شدة الطلق وانت لم تفعلي ذلك بل كنت ساكتة حتى خرج الولد.
قالت أم أحمد: انا كنت أتألم فعلا لكني فجأة تذكرت أمراً جعلني أسكت.
قالت الأخت: وما هذا الأمر الذي خطر على بالك؟
قالت أم أحمد: تعلمين إننا أقمنا عزاء قبل ايام للسيدة الزهراء عليها السلام وكانت الخطيبة تتحدث عن مصيبتها وكيف تعرضت للأذى، فقلت في نفسي كيف تحملت الزهراء(غ) ذلك وانا لا أفعل مع إن الزهراء(ع) أصيبت ونزل ابنها في نفس الوقت وأخذت أشعر بزوال الألم عني وبقيت هكذا حتى رأيتك تحملين ابني وتقولين لي: إنه صبي إنه صبي...
قالت الأخت: الحمد لله انا رأيت في عالم الرؤيا ان هناك من يرعاك ولهذا كنت استعد للمجيء قبل أن يصل ابنك احمد.
قالت أم أحمد: إن ابني أحمد اصيب بالذعر لما راني أتألم ولهذا طلبت منه الذهاب اليك حتى أبقى وحدي وأستطيع الصراخ كما اريد.
وفي هذه اللحظة جاء أحمد وقال لهما: انا تعلمت من هذه التجربة ما معنى أن تكون المرأة أماً ولماذا يجب علينا أن نقدس الامهات فإن ألم الولادة ليس له مثيل ومع ذلك تتحمل الأمهات ذلك ثم تكمل المسيرة بالرضاعة والسهر والاهتمام بالطفل حتى يصبح قادرا على القيام بأمره، كم هي عظيمة هذه المرأة التي تؤدي هذه الامور مما يريد الله منها لا شك إن الجنة ستكون تحت اقدامها.
وفعلا عندما رأى أحمد ما مرت به أمه من الألم أخذ يساعدها في كل عمل يستطيع القيام لأنه رأى بعينه ماذا تبذل الأم من أجل إنقاذ ابنها من الموت وتخرجه بكل قوتها مع أنها قد تموت في أي لحظة.
جميل مانع البزوني