جميل مانع البزوني
المجاهدون في ارض المعركة واخطاء المهمة المقدسة
بواسطة جميل مانع البزوني, 3rd September 2016 عند 07:13 PM (355 المشاهدات)
المجاهدون في ارض المعركة واخطاء المهمة المقدسة
منذ ان صدرت الفتوى الالهية كما عبر السيد الخامنئي قبل عدة أشهر والناس تتوافد بشكل كبير على جبهات القتال من اجل الذود عن حرمات هذا البلد المسلم وحماية مقدساته.
وكان الظهور الاول للمجاهدين عفويا بكل معنى الكلمة حتى ان البعض منهم كان قادما من دون توديع أحد ولا يحمل في جيبه حتى هوية تعرف عنه او مالا يستعين به في اطعام نفسه وما شابه ذلك.
كما ان الجهد التدريبي للمقاتلين لم يكن بالمستوى المطلوب حتى ان البعض منهم تدرب لمدة اسبوع واحد ثم ذهب للقتال ولذلك كانت التضحيات التي وقعت في ارض المعركة كبيرة جدا حتى وصل الامر الى سقوط عدد كبير من طلاب العلم بين الضحايا لأنهم كانوا يذهبون في مقدمة مناطق المواجهات وامام المقاتلين من اجل شحذ الهمم وتحفيز المجاهدين على اقتحام الصعاب.
وكانت تظهر بين فترة واخرى بعض الاعتراضات التي تصدر من هنا وهناك ضد مقاتلي الحشد الشعبي الا ان أكثر هذه الاتهامات كانت كيدية ومفبركة من اجل التخفيف من شدة المعركة ضد الارهابيين في مناطق المواجهة.
ولكن هذا لا يعني اننا نبرئ ساحة المقاتلين من كل خطأ فنحن لم نات بملائكة من السماء ليقاتلوا في ارض المعركة ومن الطبيعي ان تحدث في ارض المعركة بعض الاخطاء التي تسمى بالأخطاء البشرية وحتى الاخطاء غير البشرية اي الاخطاء ذات الطابع الشخصي.
وعند النظر طويلا في اسباب وجود مثل هذه الامور في معركة من هذا القبيل نجد ان هناك عددا من الامور والعوامل كانت وراء ظهور مثل هذه الاشياء على العلن منها:
الاول: عدم وجود رؤية واضحة في مهمة القوات الشعبية من جهة ادارة المعركة ومن ناحية تبعية القرار العسكري للقيادة العامة للجيش، وقد ادى هذا الاضطراب في الرؤية الى حصول عدد من التجاوزات على الاوامر وظهور بعض الاجتهادات الشخصية في تسيير المعركة بصورة لا تمت الى الجهد العسكري بصلة فادى الى وقوع خسائر كبيرة جدا بين صفوف المجاهدين نتيجة تولي بعض الاشخاص لمهمة القيادة من دون تأهل حقيقي لذلك.
الثاني: شعور البعض من المنخرطين في المعركة انهم القيادة الحقيقية للمعركة وان دورهم الحقيقي هو قيادة المرحلة القادمة من الوضع جعل الكثير منهم لا يطبق ولا يهتم بالأوامر التي تصدر اليه من قبل الجهات المختصة وأدى ذلك الى تلكؤ في حسم بعض المعارك حتى وان كانت صغيرة واتساع مساحة الخطر الارهابي في تلك المناطق.
الثالث: عدم التأهل العسكري لكثير من الاشخاص بسبب الطريقة شبه العشوائية التي بدأت فيها عملية التحضير للمعركة والتي ادت الى انخراط كل راغب في المعركة حتى وان لم يكن عنده قابلية للمشاركة الفعالة في مثل هذه المعارك الخطيرة وقد ساهم هذا في سقوط العديد من الاشخاص ضحية الجهل بقوانين الاشتباك في ارض المعركة والذي يعد بمثابة العامل التكتيكي في الحفاظ على روح المقاتل وسلامته.
الرابع: وجود رغبة حقيقية عن الكثير من الاشخاص والجهات في تسجيل التقدم والنصر باسمهم دون بقية الفصائل ادى الى عدم وجود تعاون حقيقي بينهم وظهور الجيش والحشد الشعبي بصورة الجيوش التي تعمل في اتجاهات مختلفة وان كانت تقاتل في جانب واحد.
الخامس: وجود اختلافات بين بعض الفصائل جعل رغبة البعض منهم في القيام بمهمة خاصة دون المشاركة في للمعركة الاساسية وهي معركة التحرير وليس معركة الدفاع وهذا ادى الى تحجيم دور بعض الفصائل بالمعركة مع وجود قدرة كبيرة لأفرادها على التأثير في نتيجة المعركة او المساهمة في تقليل الخسائر على اقل تقدير.
السادس: انطلاق القضية في حالة مفاجئة للشعب ادى الى انخراط الجميع من دون تأهيل نفسي للقيام بمثل هذه المعارك التي قد تحتاج احيانا الى كثير من الانضباط النفسي اثناء الرد على العدوان ومعالجة مصادر النيران في المعركة او في اثناء تحرير بعض المناطق وقد ادى هذا قطعا الى الرد بصورة غير منسجمة مع الخطر المحدق بالمقاتلين.
وبعد اتضاح هذه الامور التي لعبت دورا في ظهور الاخطاء نجد ان الاخطاء كانت ايضا على شكل نماذج مختلفة منها:
1- الاخطاء العسكرية: وتمثلت هذه الاخطاء في طريقة التعامل والرد مع القضايا العسكرية من قبيل الاوامر العسكرية او التحركات او التبليغات ونحوها وبسبب هذه الاخطاء تأخر الكثير من جهد الحسم العسكري عن ان يرى النور بسبب هذه الاخطاء المتكررة في ارض المعركة والتي ادت احيانا الى تقديم ضحايا من دون مبرر واضح واخرى الى عدم تأثير الاشتراك في هذه المعركة لحسم المعركة.
2 -الاخطاء الشخصية: وتمثلت في عدم التأهيل الشخصي للتواجد في مثل هذه المعارك من قبل عدد غير قليل من الشباب المتحمس من المندفعين نحو الشهادة او الحفاظ على المقدسات ولما كانت المعركة تحتاج الى انضباط عسكري عند التحرك من مكان لآخر وعدم اعتبار المكان تابعا للإرهابيين لأنه تابع لأهل المدينة وهو مكان محتل فحرمته باقية من هذه الجهة واعتباره جزءً من الجهد العسكري المضاد يسقط حرمته وحرمة الحفاظ عليه من قبل الجنود.
3- الاخطاء المالية: وتتمثل في عدد من المخالفات التي وقع فيها البعض من المقاتلين اثناء الاستيلاء على بعض الممتلكات الخاصة بالمقاتلين او بأصحاب البيوت التي يتواجدون فيها فقام البعض منهم بالاستيلاء على بعض تلك الممتلكات اما من اجل الاستخدام الشخصي او من اجل التملك وان كان الاستعمال الشخصي ربما يكون احيانا له ما يبرره فان التملك ليس له مبرر شرعي لان هذه املاك شخصية وحتى لو كان للمقاتلين الا انها ليست موجودة في ارض المعركة وانما توجد في محلها كالبيوت والاموال والمقتنيات الخاصة.
ومثل هذه الحوادث متوقعة خصوصا في الاوضاع التي تمر بها المعركة عندما يكون القتال احيانا في نفس المناطق السكنية فيعتقد المقاتل ان القتال من قبل اصحاب هذه الاموال جعل اموالهم مباحة له لأنها غنائم حرب او ما شابه.
ولعل الامر الاكثر ابتلاء خصوصا في بداية المعركة -عندما كانت الحكومة السابقة تقصر حتى في توفير الطعام للمقاتلين – هو تناول المقاتلين لبعض المأكولات الموجودة في البيوت المتروكة وهذه هي الحالة الاكثر وقوعا في تلك الاماكن ومع ذلك كان الكثير من المقاتلين يصرون على عدم التناول ويعمدون الى ان يحصلوا اذن من اصحاب الاموال او يأكلون ما يصلهم من مؤن الجيش العراقي الخاصة بالمقاتلين.
4- الاخطاء القانونية: وهي المتمثلة بوجود تجاوز واعتداء على الاخرين من غير المقاتلين من دون مبرر شرعي وربما يقال ان هذا هو اقل الاخطاء حصولا في هذه المعركة لان البيوت التي يصل اليها المقاتلون هي في العادة فارغة وليس فيها أحد لكن بعض المقاتلين ربما يتسببون بسبب الحماس الزائد في ايجاد بعض هذه الاخطاء عندما ينزلون اصحاب البيت والارهابي بنفس المنزلة وهذا خطا عسكري غير مقصود لكنه خطير الاثر لأنه يؤدي الى اسقاط حرمة الاثنين وهذا امر غير صحيح.
5- جرائم الحرب والعداء: وهي التي تتمثل في ايقاع قتل جماعي او ايجاد عداء على اساس ديني وهذا ايضا من الاخطاء النادرة في هذه المعركة وكانت هناك ردود افعال على بعض الجرائم المرتكبة من الطرف الاخر وتم الرد احيانا بالمثل وهو امر مؤسف لان الرد لم يكن حقا عاما حتى تكون عملية الرد مبررة شرعا حتى وان كانت الجرائم حاصلة من الطرف المخالف ومتكررة.
وخلاصة الكلام:
ثبت من خلال الاستقراء والسؤال المباشر لعدد كبير من الجنود المشاركين في هذه المعركة ان اكثر هذه الاخطاء حصلت لكن بنسب متفاوتة وهي لم تكن مقصودة احيانا بسبب عدم التأهيل الشرعي واخرى بسبب المطامع الخاصة لبعض الاشخاص ولعل اكثر المخالفات انتشارا هي المخالفات المالية واكثر الاشخاص براءة منها هم الجنود فان هذه الجرائم عادة تكون من بعض القادة كما اخبر بذلك عدد من الجنود وكانت هناك مخالفات خاصة بتعنت بعض الفصائل التي تر نفسها غير تابعة للحكومة وفوق القانون الا ان الجرائم القانونية كجرائم القتل ليست الا ردود افعال على بعض الجرائم من قبل الارهابيين ويوجد بعض الاشخاص يمارسون بعضها متعمدا وهم حصة قليلة جدا .
اما المخالفات التي تحصل من دون قصد فهي حالة العداوة التي تحدثها تصرفات بعض المقاتلين مع بعض الناس في مناطق القتال وعدم السماح للأهالي بالعودة الى مناطقهم الى بعد فترة طويلة كما ان بعض الاهداف التي اصابتها طائرات الجيش احدثت نفس الاثر لان الناس لا تعرف السبيل الى تجنب الارهاب من جهة ونيران الطيران من جهة اخرى.
وتعليمات المرجعية العليا واضحة ودللت على عمق الشعور الموجود من وجود عدد من المخالفات التي وقعت في هذه المعركة والتحذير واضح من ان هذا النهج مخالف للهدف الذي جاء المقاتل من اجل الوصول اليه وهو تحرير الارض وحفظ الكرامة وحماية المقدسات.
جميل مانع البزوني