Namer Alani
بغداد / حي الخضراء الاولى - م/٦٢٧ ز/٣٥ د/٩
بواسطة Namer Alani, 3rd August 2016 عند 10:56 PM (365 المشاهدات)
فاجعة الانبار ... قِراح وجِراح
بقلم : نمير العاني
الفصل الاول : كم أنتِ رائعة
يُحكى في غابر ألازمان
في تاريخ نُثِرت فيه الورود
وزُخرُفت فيه الارض بعبق الأمان
أن نفراً من الجن المؤمن بالله
سكنوا ارض الأمان والانام
سكنوا كوخاً اروع ما فيه
بٰركة ماء وواحة خضراء مباركة
يطّل عليها الكوخ بسلام
وورود البنفسج والنعمان
تُعطّر الروض بأريج الريحان
كوخ وبركة ماء وورود وروض الريحان
ما اروع هكذا مكان ما أروعه
جان ومكان وحكايات تذوب في الوجدان
ما أكرمك يا الله ما اعظمك ما أروعك
حكايات وأساطير تحكيها حتى الجدران
قلوب مؤمنة بالله تسكن بأمان وسلام
كوخ يملئه الفرح بقصص الجان
ويُحكى ان عوائل الجن تسكن هناك
في قوارير مُعلّقة بنواعير بركة الماء
ما أجملها من نواعير مُخلّقة من شجر
التوت ومن بركات الاجداد والأحفاد
ومن يُحرّك النواعير وهي تدور
كالسكرى في ماء الروض ؟
ومن يغرف من ماء الروض
ليسقي واحة الورود والبستان ؟
انها الجان في كل مكان !!
تسكن في ارض الله بأمان
انها الانبار ارض الخيرات والبركات
ارض طرّزتها الأساطير والحكايات
وعطر تاريخها من روح الاجداد
ومن قصص الأحفاد الافذاذ
وفي المساءات تسمع أصوات صرير
النواعير وهي تدور مع خرير الماء
صرير النواعير يختلط بخرير الماء
بالم وأنين وحزنٍ دفين
ولكن بِرقّة وحنين
كأنها موسيقى شجيّة تبكي
فراق الأحبّة والأجداد والأحفاد
موسيقى بلا نوتة ولا فنان
موسيقى تنزف دمعاً وشوقاً
وعِشقاً الى ديار اسمها الانبار
فمراعيكِ ومروجكِ وبساتينكِ
فيها اجمل عِشق ...
ومياهكِ وسماؤكِ ففيهما
أعذب عِشق
اما مساجدكٍِ ومنابركِ إلبهيّة
فان اروع وأعذب ما فيها
كلام الله وقول :
لا اله الاّ الله
فهل نَسِي التاريخ من أنتِ ؟
كلاّ وعِزّة مُحَمَّد سيّد الكون
كلاّ وعِزّة تُرابكِ الطهور
كلاّ لم ينسى أبد الدهور
ولِمَ ينسى وانتِ سيدة الأشهاد
وكل الأشهاد دونٓكِ تبور
أأنتِ صقراً شامخاً ؟ نعم
وكل الصقور في أفلاككِ تدور
فراتكِ وبساتينكِ وضفافكِ
وسعف نخيلكِ مُعطراً بعبق ارضكِ
وهواؤكِ ما أروعه من هواء
ونقاوة ألقلب في طيبة أهلكِ
ومضايف الكرم فيكِ يا أنبار
منثوراً فيها ألجود بسخاء
وأي سخاء هذا ... أهو من
جود حاتم أم جود أهلها الاصلاء
وفلوجتكِ وعامريتُكِ يا أنبار
ومنابركِ ومنارات جوامعكِ
تصدح بالغفران وتوبة الراكعين
تُكبّر لله في فجر كل يوم وليد
وماء الفرات قد سقاكِ وِداً
وفاض على جنباتكِ حباً
وحفرَ اسمٰكِ كان للوفاءِ فداءُ
كم أنتِ رائعة ياانبار ياديرة هلي
رائعة أنتِ ببرائتكِ ونقاوتكِ
رائعة أنتِ بصدقكِ وصبركِ
رائعة أنتِ برجالكِ الاشداد
رائعة انت ببطولات الافذاذ والأحفاد
رائعة أنتِ في حنينكِ ودُفئكِ
في أشرعة الأمان ومراسيكِ الناعسات
تغفو في كل اطلالة فجر جديد
رائعة أنتِ في مجدكِ التليد
وقصصكِ وحكاياتكِ واساطيرُكِ
من غابر الأزمان ...
تُحكى بلا ملل ولا استئذان
وخرافات ومآثر ما أروعها
وضحكات طفولة تدغدغ الوجوه
بلا موسيقى ولا ألحان
شجية ترقص بكل إفتنان
ما أروعكِ يا أنبار ما أروعكِ
ما انقاكِ يا أنبار ما أطهركِ
هكذا عرفتكِ يا أنبار
أيتها النائمة على ضفاف الفرات
ليس لأنك دياري وفيكِ طيبة هلي
بل لأنك الاصالة والجذور
ولأنك عروس الوطن المُهان
طيبة واصل وكرم وجود
غيرة رجال وشرف وناموس
ونساء الانبار ما اروعهن
من نساء ... عراقيات في الأصل
انباريات في العهد ...ما أشجعهن ...
بالعِفّة والكرم كالسيف البتّار
بنت الاصالة والكرم والجود
وخبز التنور ببيادر محبة
تصول وتجول ...
تخبز وتزرع وتدفع عن العرض والأرض
كرامات يا ديرة الرجال
كرامات ياديرة هلي واحبّتي
كرامات يا ارض الاخيار
كرامات لولائمكِ وأعراسكِ
كرامات لقناطرك وعِبق بساتينكِ
وعِطر مقاماتكِ الفوّاح
كرامات لامجادكِ وتاريخكِ التليد
كرامات لكِ يا أنبار
يا دُرُة يحلو فيكِ الغزَلُ
الفصل الثاني : فاجعة الانبار
هل نسأل الدار إن كانت تذكرنا
أم انها نسيت إذ أهلها رحلوا
أن نسأل السقف هل مازال منتصباً
فوق الجدار رغم ما فعلوا
أم أنها ركعت للأرض ساجدةً
تشكوا الى الله في حزن وتبتهلُ
فهل التاريخ هو السبب ...
سبب الدمار والتخريب والهمجية ؟
الدموع تسيل وتنهمر كالوديان ...
ام الدماء تجري خارج الاجساد ...
مذبوحة وملقاة كالنفايات !!!
دماء الابرياء الساكنين في ارض الله ...
تُباح ليل نهار ...
تسيل بلا ذنب وبلا سبب ...
لتختلط بالسواقي والأنهار ...
انها الانبار ابنة العراق ...
أليست إبنة العراق ...
أم انها إبنة ألمجوس الظلماء ...
انها أسيرة الغدر والهمجية ...
انها الانبار جنة الدنيا وثغر العراق العذب ...
انها الانبار اجمل درة غافية على الضفاف العطرة ...
انها ثكلى ليس على وليدها المفقود بين ركام الهمجية ...
ولا على بقايا اطلال المحبين ...
غادروها قبل الاوان ...
ولا على بقايا أشباه رجال مدسوسين كالغربان ...
انها ثكلى على تاريخها وأمجادها...
وماؤها ونخيلها الشامخات ...
انها ثكلى على كرمها وجودها العطرات ...
وعلى رجالها رحلوا حزَناً بين التراب ...
رحلوا بليالٍ مخاض ...
ثكلتها أُمَم من كل الدنيا ...
اما ضباع الخضراء وجحوش حشودهم الغبراء ...
فهم الشياطين الخرساء الصمّاء !!
يتفرجون فرحين من على بسيطياتهم الجوفاء ...
ضباع وخنازير وذئاب ...
نهشوا الانبار وتركوها للضياع ...
تتربص بها الغربان بليالي ظلماء ...
وأية ليالي ؟
ليالٍ ينعق فيها البوم الأغبر من فيافيه الخضراء ...
أكلوا من مضايفكٍِ وولائمَكِ بنهم كنهم الضباع ...
دنّسوا مكارمكِ يا أنبار ...
نفثوا بسمومهم وحقدهم في بيادر الكُٰرماء ...
فلا ذنب للتاريخ ولا لصفحاته ...
البيضاء والسوداء والحمراء ...
إنما هو ذنب السلاطين الطغاة الاوغاد ...
اسياد الفساد والقتل والارهاب ...
اسياد الطائفية غربان المنطقة الخضراء ....
جعلوا منكِ يا أنبار قرباناً لأراذلهم ...
حوّلوكِ الى ضريح للموت والاستشهاد ...
ارتكبوا بحقكٍِ المعصيات والآثام ...
استباحوكِ كما اسستباح فرعون الأنبياء ..
. ذبحوا أهلكِ في عقر الدار ...
قطعوا عنكِ الزاد والماء وانتِ أم الكرم والجود ...
أهلكوا النسل والحرث حرقاً وذبحاً ...
نحرواانسانيتكِ في مهدها ...
وحرموكِ حتى من الأمان إلاّ بكفيل !! والكافِل هو الله ...
اغتصبوا ضحكاتكِ وفرحكِ في عِز الظُهر ...
اغتالوا آمالكِ واطفئوا بريق عينيكِ ...
دفنوا قهقهات طفولتكِ في مقابر النسيان ...
سرقوا عُذريتكِ وطهارتُكِ ...
وجردوكِ حتى من ورق الصفصاف ...
وتركوك نهباً للضياع والهِجران ...
وقاصفات الغدر عليكِ كالجرذان ...
اين أنتِ يا أنبار ؟ ...
لم أعد اراكِ إلاّ في الاحزان ؟ ...
لقد جرّدوكِ من وشاحكِ الأبيض ...
كما جرّد الشيطان آدم وحواء ...
أأنتِ حزينة ؟ ...
أنتِ تلال من الاحزان ...
فأنتِ قلعة الجروح ...
وانتِ باكِية الاحزان ...
صبراً يا أنبار .. .
صبراً يا مرابع الكُرماء ... صبراً فالحُزن لن يطول ...
فالفرج قادم وقريب بإذن الله ...
إغسلوا وجوهكم بماء طهور ...
وتبسّموا لله فالفرح آتٍ لا محال ...
لأن الله أكبر ...
من جهاز الـ iPad الخاص بي