محمد كليب أحمد

مساهمة صحفية منشورة في الصحف اليمنية

تقييم هذا المقال
بواسطة محمد كليب أحمد, 29th April 2016 عند 03:39 PM (525 المشاهدات)
لُقمَة الخانوق
كتب / محمد كليب أحمد
هذه ( اللقمة ) العجيبة التي يعرف عنها الكثير من أبناء عدن وحكايتها في إظهار الحق وكشف المستور ، وعن مدى حقيقة هذه الوجبة ومناسبتها أو حكايتها ، ولست هنا بصدد تناولها ، بل أنني أحببت التذكير بها كمثل شعبي ساخر متداول بين عامة الناس ، حين يُراد التعبير عن تلك الهبة التي يمنحها أحدهم فتصبح سبباً في الاختناق بها أو قطع النفس ، وكأنها قـُدِّمَتْ للقتل وليس للإشباع !
وهذا المثل الساخر قد يتشابه إلى حدٍ كبير مع معاشات أولئك المتقاعدين الشيوخ والعجزة التي مَـنـّتْ عليهم الدولة بوريقات متهالكة لسـَد رمقهم أو الحفاظ عليهم أحياء لفترة من الزمن حتى تستمتع بعذاباتهم قبل أن تنقضي آجالهم وهم يلهثون بعد تلك المعاشات .
وجميعنا يشهد تلك المعاناة التي يتعرضون لها أمام مكاتب البريد والتردد اليومي منذ الفجر وحتى نهاية النهار دون ماء أو طعام وكأنهم في صحارى الربع الخالي يتضرعون أن ترحمهم السماء بقطرات ماء ينقذهم من الموت !
وعند إلحاحهم لكل من هبّ ودَب ، تجد الإجابة النموذجية جاهزة من ذوي الاختصاص :
ــ مافيش سيولة ، خلصت الفلوس ، المبلغ لا يكفي ، لم يصل التعزيز بعد .... وغيرها من تلك الإجابات الواهنة التي أصبحت مقززة ومدار سخرية لدى الآخرين ، وأسواط عذاب لؤلئك العجزة المتضرعين لاستلامها وبفارع الصبر .
هذه هي المكافأة الإنسانية التي تقدمها الدولة في اليمن لكل من خدمَ هذا الوطن التعيس لأكثر من خمسة وثلاثون عاماً ، لم يعرف خلالها طعم الراحة أو الاستقرار ولم يستطع التفريق خلالها بين أيام الأسبوع ، بل أن غالبيتهم كان يحلم بذلك اليوم التعيس الذي سيحال فيه للتقاعد حتى يخلص من عناء الدوام والعمل المضني الذي لا يتناسب أو يتوازى مع الجهد الجهيد الذي يبذله في العمل منذ مطلع شبابه حتى أواخر شيخوخته .
وتجدني هنا أوجـّه الرجاء للمختصين في أمور معاشات المتقاعدين والعجزة أن يتقوا الله في هؤلاء المعذبون ، وأن يحاولوا بذل ما يستطيعون للتخفيف من معاناة هذه الكتلة العريضة من الناس .. أنا لا أخاطب هنا قيادة الدولة ، فهم منشغلون بجني الأموال الطائلة ورفع أرصدتهم المذهلة في هذه الفترة المستعرة التي دفع فيها أبناء هذا الشعب الطيب أغلى الأثمان ، وقـُدّمـَتْ قرابين دماء الشباب لوطنٍ لم يقدم لهم أبسط مقومات الحياة .
لذا أتوجه بالنداء والرجاء إليكم أيها المختصون بمعاشات آبائنا المتقاعدين الذين كاد القدر أن يداهم أعمارهم وهم يركضون خلف ذلك المعاش الهزيل الذي أصبح هو المصدر الوحيد لقوتهم الضروري قبل أن ينقرضوا تحت وهج الشمس وحرارة الجو أمام أبواب مكاتب البريد يستجدونكم – بعد الخالق – لإنقاذهم من براثن الحاجة ومخالب الجوع والمهانة ، فغداً ستكونون في مثل مكانهم وربما تكون المعاناة أكثر وطأة عليكم منهم !
الكلمات الدلالية (Tags): واقع الحال
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال