جمهورية افكاري ( ابو تبارك الناصري )
العَوَق الفكري ( النفاق السياسي ) نتيجتاً
بواسطة ابو تبارك الناصري, 15th November 2012 عند 01:03 PM (702 المشاهدات)
العَوَق الفكري ( النفاق السياسي ) نتيجتاً
من السهل جداً ان تتمكن من اضحاك طفل بعد عويل وبكاء طويل بمجرد دغدغة بسيطة تحت ابطيه لتتغير مشاعر الغضب لديه الى مشاعر سعادة وسرور , متمكناً من السيطرة التامة على مشاعره بمساعدة القصور التفكيري الذي يتصف به الاطفال بسبب عدم نضوجهم الفكري , ومن السهل جدا ان تعقد الامل في مخيلته او تزرع الخوف لديه بكذبة بسيطة ممكن ان تنطوي عليه لنفس الاسباب والتداعيات .
النفاق السياسي :
نعم هكذا يتعامل السياسيون مع الشعب العراقي مستفيدين من عاهة العَوَق الفكري والقصور الفكري الذي اصبح من متلازمات الشعوب العربية ومنها العراقي بشكل خاص , فاذا ما بحثنا بعمق بأصل المشاكل السياسية التي يعانيها العراق في عصره الحديث وخصوصا بعد التغيير الطارئ والمفاجئ الذي حدث في العراق بعد 2003 تجد ان المشكلة الحقيقة او المُعوق الحقيقي الذي يقف امام جميع محاولات الاصلاح سواء في المجال السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي هو ظاهرة النفاق السياسي التي امتهنها الاعم الاغلب من السياسيين العراقيين .
فإذا اخذنا بعضٍ من المصاديق و الامثلة للنفاق السياسي في الدورة الاخيرة لمؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية , حيث وصفت الحكومة بأنها حكومة شراكة
( فجميع الكتل السياسية والأحزاب مشتركة في الحكومة بنفس النسب التي تتواجد بها في البرلمان )
بل وصفت في بواكير تشكيلها بأنها ستكون حكومة قوية تستمد قوتها من قوة الاحزاب المشتركة فيها فجميع شخوص اعضائها من الوزراء بنسبة تفوق ال 80 % هم من الشخصيات الحزبية ذات النفوذ الكبير في احزابهم ابتداء من رئيسها الذي يتزعم كتلة تتكون من ما يقارب الـ 90 نائب , الى السادة نوابه الذين احدهم زعيم تكتل رئيسي ومحوري في القائمة العراقية ويتمتع بقاعدة عريضة في المحافظات الموصوفة بأنها سنية , والأخر يعتبر امتداد لتيار المرجعية رغم كونه يحمل مسمى مستقل لكن الجميع يعلم بأنه دخل كتلة الاتلاف الاولى بإرادة المرجعية الدينية ليستمر وجوده داخل دولة القانون مرة اخرى بنفس الارادة ونفس المسمى والنائب الثالث الذي هو ايضا شخصية حزبية كبيرة في التحالف الكردستاني وليس انهاء بالسادة الوزراء الذين معظمهم شخصيات حزبية ذات نفوذ كبير داخل احزابهم وكتلهم بحيث تكاد تفتقد هذه الحكومة للشخصيات المستقلة او التكنوقراط
قد يرى البعض هذا عيباً اذا ما انطلق من خلفية مشوهة لنظرته لأهمية عمل الاحزاب في النظام التعددي الديمقراطي , ولكن في علم السياسة توصف مثل هكذا حكومات حزبية بأنها (( حكومات قوية )) ودما ما تلجأ لهذا النوع من الحكومات الدول التي تسعى لتحقيق قرارات قوية ونافذة لِتتغلب على تحديات جسام .
ليس العيب بطبيعة تشكيلتها السياسية , فالعيب الحقيقي هو في ظاهرة النفاق السياسي الذي اصبح هو الاخر من متلازمات الساسة في ضل القصور الفكري وقلة الوعي الثقافي الذي يعانيه الشعب .
ونحن نعلم ان جميع قرارات مجلس الوزراء في الحكومة تتخذ بالتصويت وغالبا ما نسمع ان تلك القرارات تم التصويت عليها بالإجماع !! وفي اول احتكاك لهذه القرارات مع مشاعر وعواطف الناس تجد المزادات السياسية قد فتحت على مصراعيها , والمؤسف ان الارقام القياسية لأعلى تلك المزايدات المنافقة هي من تلك الكتل التي كانت من اشد المؤيدين لذلك القرار , بل في كثير من الاحيان تكون تلك المزايدات المنافقة هي التي تؤجج مشاعر الناس وعواطفهم العمياء ضد قراراتهم التي كانوا مجمعين عليها قبل سويعات
( في محاولة رخيصة للنيل من منافس سياسي )
ليسجلوا بذلك رقما قياسيا في السبق النفاقي سيتنافس لاحقا مع الارقام القياسية لأعلى قيم هذا النفاق اذا ما بلغت ثورة التلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم الى ذروتها .
النفاق السياسي هو النتيجة الحتمية لعاهة العوق الفكري الذي اصابنا وما كُتب له ان يستمر لولا ان اصابنا هذا المرض العضال , فتلك الكذبة الساذجة والدغدغة الخداعة التي اضحكت الطفل سيكتشف لاحقا حقيقتها مصحوبة بمشاعر السخرية من نفسه اذا ما نضجت مداركه الفكرية ببلوغه , فقصوره الفكري مرهون بمرحلته العمرية
ولكن هذا المرض العضال بعد ان استفحل في المجتمع فهل من بصيص امل بالشفاء منه ؟؟ والعودة الى منطق التفكير السليم ام انه سيكون السبب الرئيسي الذي سيكتب في شهادة وفاة هذه الامة المحتضرة ؟؟
ومضة امل
امشي وَرَة اليْبَجيك ولا تمشي وَرَة اليْضَحكك