جمهورية افكاري ( ابو تبارك الناصري )
العوق الفكري ( مزحة في زمن الزلكَـ انموذجا )
بواسطة ابو تبارك الناصري, 11th November 2012 عند 01:36 AM (626 المشاهدات)
العوق الفكري
مزحة في زمن الزلكَـ
في زمن التضخيم الاعلامي والدعاية المغرضة التي تمكنت من مسخ صورة الحقيقة وتشويهها والاتجار بها لأغراض سياسية دنيئة , حتى اصبحنا نتلقى يوميا كم هائل من الاخبار المفبركة و المجزوئة والمحورة بطريقة احترافية متمرسة لا يستطيع إلا من اوتي بصيرة ان يقف على حقيقتها وخلفياتها وما خفي بين اسطرها , اما عامة الناس و بسطائهم بطبيعتهم الميالة صوب نقل الاخبار والدعايات وقد يزيد الطين بله حين يتقدم احدهم بكل شجاعة الكذب والتلفيق ليكون شاهد مشفش حاجة يتكلم بلغة العين والحس عما سمعه من اخبار ملفقة او مفبركة ويصبح بقدرة قادر الشاهد العيان على ما حدث وجرى , فتتقبل تلك الدعايات و الاخبار المفبركة عامة الناس بفطرتها وسذاجتها .
قد يكون مبرراً في ضل جو من التضخيم الاعلامي والدعاية المغرضة التي نتذكرها جميعا منذ شهور عديدة , تلك الدعايات التي ملأت المواقع الاخبارية و القنوات الفضائية عن انتشار ظاهرة الايمو و المثليين , مما ادى الى إستنفار شعبي ( لا سيما نحن شعب يتمتع بقيم عشائرية ودينية محافظة ) وتأهب في اقصى درجاته من اجل مواجهة هذه الظاهرة , حتى صار الشباب يخشون من تسريحات شعرهم او لبس بعض الالبسة ذات الموضات الضيقة , بل صار الوضع في المناطق الجنوبية ومنها الناصرية ذات الطابع العشائري محتقن الى درجة كبيرة حتى اصبح مجرد وضع بعض كريمات الشعر تهمة ومصدر اشمئزاز للفرد مما يسبب له حالة من العزلة والمقاطعة الاجتماعية
قد يكون هذا الوضع مبرراً لقوات الامن وهي تلقي القبض على حفل زفاف وهمي كان يجلس في سيارة الزفة شاب يرتدي باروكة و بدلة زفاف , لتقوم الدنيا ولم تقعد على هؤلاء الشباب حيث تناقلت معظم المواقع الاخبارية الخبر (( قوات الامن بالناصرية تلقي القبض على حفل زفاف لمثليين في الناصرية ))
قد يكون هذا كله مبرراً , في ضل الشحن الدعائي السابق حول ظاهرة المثليين والايمو , بما في ذلك نقل الخبل وتناقله .
المشكلة تكمن في تلقي هذا الخبر وليس في تحريره , فلأسف الشديد تلقي المواطن العراقي لأي خبر على انه قرآن منزل ومصدق لا سيما الاخبار الغريبة والمثيرة و الانسان بطبيعته ميال نحو الاثارة, ليس عيبا ان تتناقل وسائل الاعلام اخبار اولية او مستعجلة او غير دقيقة او حتى مفبركة , في جميع العالم هذا موجود وكنا نطلق عليه في السابق كلام جرايد ورغم مقتنا لهذه الظاهرة وكثرة الاخبار وقلة مصداقيتها إلا اننا نتلقاها ونستقبلها وكأنها حقائق دامغة ونصدر الاحكام المسبقة بل اكثر من ذلك نعمم هذه الاحكام , حتى صار الكثير ممن تلقوا هذا الخبر يتهجمون على ابناء الناصرية , واقلهم يعتبون على ابناء الناصرية ويحملونهم المسؤولية واقل هذا العتب بان يقولون نحن سمعنا بان الناصرية مدينة النخوة والقيم والشهامة كيف يسمحون لهكذا ظواهر في مدينتهم , هكذا كان اخف العتب واكثر انصافا !!!
ليعم الصمت المطبق على وسائل الاعلام وعلى عوام الناس ونخبهم ايضا بعد ان كشف التفصيل الحقيقي لقضية زفة العرس المشبوه في شارع الحبوبي في الناصرية , حسب اطلاق سراح المتهمين من قبل قاضي التحقيق بالقضية بعد ان ثبت عنده بان كل ما بالأمر ان الموضوع كان مزحة (مقلب ) اراد مجموعة من الشباب ايقاعه بصديقهم في ليلة زفافه , ومن يعلم قد يكون القاء القبض عليهم والتشهير بسمعتهم وسمعة مدينة الناصرية هو ايضا مقلب اراد العريس ايقاعه بزملائه وفق مبدأ المقولة (اتغدة بيهم قبل لا يتعشون بيك ) !!!
ما هذا إلا مثال بسيط لأصل المشكلة وهو كيفية تلقي القارئ لأي خبر اولي او مستعجل او مفبرك , الان بعد ان انكشفت الحقيقة وظهر ان الامر لا يعدو كونه مزحة , ولكن سيبقى الخبر في ارشفة جميع المواقع وبعد حين سينسى الجميع او يتناسى الحقيقة ( التي تناولتها المواقع بخجل ) وسيعود خبر زواج المثليين العلني في الناصرية هو الحقيقة وسيستشهد بنشره الكثيرون في اول زوبعة اعلامية ستثار لاحقا حول ظاهرة المثليين والايمو .
نعم ان المشكلة الكبرى هي ذلك العوق الفكري الذي يعانيه الشعب العراقي وطريقته المشوهة في تلقي الاخبار المفبركة و التي من اعراضه هو النسيان السريع والأبدي للحقائق المرافقة للخبر ,حتى وان امن بها واقتنع فان قناعته تكون مؤقتة بدوافع الهروب من مرارة الافحام في الحوار والنقاش , لا بدوافع الاقرار والإذعان .
وسرعان ما سيعود لما كان عليه من عوقه الفكري الذي اصبح عاهة مستديمة اصابت جميع جسد المجتمع ابتداء من مرتزقة المؤسسة الدينية ونخبه انصاف المثقفة انتهاء بعوام الناس و بسطائهم
لم يكن خبر زفة العرس الا مثال على العوق الفكري الذي نعانيه
للاسف الشديد فالجميع يذكر خبر شراء مصفحات للبرلمان وكنا جميعا معارضين له وتم الغائه
لكن كثيرون ممن يسمون انفسهم مثقفين لحد الان يتناولون الخبر حينما يودون نقد اي ضاهرة سلبية ,, بل يوردونه على انه حقيقة دامغة وان البرلمان فعلا قد اشترى سيارات مصفحة
لا نستطيع ان نتخطى الدائرة الضيقة من مساحة التفكير التي احطنا انفسنا بها
ربما هذا عيب البعض وهم قله
اما الاغلبية فلا توجد دائرة للتفكير لديه ( لا صغيرة ولا كبيرة )
دائرة التفكير لديه تقلصت الى درجة كبيرة ثم تحولت الى دورة !!! لأستنساخ الافكار
فوظيفة عقله هي مجرد استنساخ الافكار من الاخرين ,, الذين اوكل لهم مهمة التفكير بالانابة عنه
وقد تكون الجزئية الاخيرة ولست الاخرة التي نتلقها ب وهي لا تخلو من العوق الفكري والطريقة المشوهة في تلقي الاخبار والتفكير و مصداقها البطاقة التموينية
هذه الجزئية تتناقلها اغلب ان لم اقل كل قنوات و وكالات الانباء على انها ( الغاء البطاقة التموينة ) وحتى في جدالنا حول الموضوع بعيد عن الموضوعية بما فيهم المتكلم فنحن نناقش الغاء وكيف بالفقير
وحقيقة الامر هو انها (( استبدال مفردات البطاقة الخمس بمبالغ مالية ))
وليس الغائها
للاسف بهذه الطريقة المشوهة يتلقى المواطن البسيط هذا الخبر , وبنفس الطريقة تُناقشه النخب المثقفة !!