رؤية
وقت .
بواسطة fairy touch, 3rd December 2015 عند 04:13 PM (752 المشاهدات)
الساعة تعلن الثالثة ما بعد الظهر ..
انتهى يوم عمل آخر ، انزلت غطاء حاسبها اللوحي ، أطفأت قابس الكهرباء الاقرب ، اغلقت الشباك الذي يتنفس خلفها و اسدلت ستارته...
الاقدام تتزاحم وراء الباب مسرعة للخارج ..تمطت هي في كرسيها المتحرك ، و استمتعت بسيمفونية الهرولة اليومية تلك ...لم تكن على عجلة ...و ما كان شيء بانتظارها .
كل شيء حولها كان جاهزا للوداع ..ليس بينها و بينه سوى ان تنهض ..
طرق الباب و فتح على عجل ، حشرت زميلتها رأسها من زاوية ضيقة فيه ...( انتهى الدوام ...هل ستبيتين هنا ؟! )
تبسمت لها بصمت ، فاختفت من حيث ظهرت .
كما لو انها الوحيدة التي امتلكت الوقت ..كلهم بدوا مفلسين منه ...غاضبين ..ناقمين في عجالتهم ..
مدت يدها الى الحقيبة السوداء المنتظرة مثلها بصمت ، استلت الورقة المطوية و وضعتها على المنضدة ..نظرت اليها نظرة مطولة ....نقرت بأصابعها عند حافتها بنفاذ صبر يخالف كل ما في الغرفة الساكنة من صبر ...كانت تتوق للنظر اليها ، لمعاودة قراءتها ...هي التي قرأتها مئة مرة ربما قبل الان .
مدت كفها الى طياتها بلطف ، داعبت قفاها الوردي المعطر بوجل ، كمن يوشك على سرقة ما ...و سافرت في قارب وجومها ...نسيت كل شيء ...الباب ..الاصوات التي تلاشت وراءه ...وحدتها و انطفاء الغرفة المغلقة عليها ...
كانت بلا شعور تضغط على الورقة اكثر فأكثر مع ازدياد وجيب قلبها ...
فتح الباب ببطء ، فصر ، و تنبهت ....
- مرحبا .
جاء صوته هامسا ....بنكهة خوف .
ما زال كل كيانه خارج الباب .كمستأذن بلا امل .
تبسمت بصمت ..
فازداد انفراج الباب عن ازمته .
- اسف حقا ...انتظرت في الخارج طويلا على امل ان تخرجي كالمعتاد ..خفت في النهاية ان تكوني قد غادرت قبل الموعد ، فتجرأت على البحث عنك هنا ...تأخرت كثيرا ..غادر كل الزملاء .
ما تزال تحافظ على موقفها في زاوية الصمت ...
نظر الى كفها القابض على الورقة ..فغاضت ابتسامته ..و جمد في مكانه .
جثم الصمت على المشهد كهم ثقيل ....غاص قلبه فيه هلعا ..تمنى ان تقول شيئا ..و تمنى الا تقول ...
سمعها تشهق بعمق ...و رآها تنهض ، تناولت حقيبة الجلد السوداء ، دست فيها الورقة ...و توجهت نحوه ..ارتد الى الفراغ وراءه ..فمرت الى الخارج .
ما زال ممسكا بأكرة الباب ناظرا اليها ..التفتت مستغربة :
- ماذا تنتظر ؟ اقفل الباب ...الطريق ما زال طويلا ..لا يجب ان نجعله اطول و نحن نتشبث بالخطوة الاولى ...
غادرت على عجلة كمفلسي مصرف الزمن ...
كانت سعيدة فهي اخيرا امتلكت ما يجب ان تتعجل من اجله .