مدونة جبير (العارضي)
«لو أنّ الإنس أحبّوك كحبّنا إيّاك لما عَذّبَ اللهُ أحداً بالنار»
بواسطة جبير العارضي, 29th November 2015 عند 09:16 PM (534 المشاهدات)
(3) بالإسناد عن الصدوق، عن جابر الجعفي، عن جعفر بن محمّد(عليهم السلام) قال: بينا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) على منبر الكوفة يخطب إذ أقبل ثعبانٌ من آخر المسجد، فوثب إليه الناس بنعالهم، فقال لهم عليّ(عليه السلام): مهلا يرحمكم الله فإنّها مأمورة، فكفّ الناس عنها، فأقبل الثعبان إلى عليّ(عليه السلام) حتى وضع فاه على أُذن عليّ(عليه السلام) فقال له ما شاء الله أن يقول، ثمّ إنّ الثعبان نزل وتبعه عليّ(عليه السلام).
فقال الناس: يا أمير المؤمنين، ألا تُخبرنا بمقالة هذا الثعبان؟
فقال: نعم، إنّه رسول الجنّ، قال لي: أنا وصيّ الجنّ ورسولهم إليك، يقول الجنّ: لو أنّ الإنس أحبُّوك كحُبِّنا إيّاك وأطاعُوك كطاعتِنا لما عذَّبَ اللهُ أحداً من الإنس بالنار(4).
(4) روى ابن الشيخ في أماليه بإسناده عن ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عن آبائه، عن عليّ(عليه السلام) قال:
قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا علي إنّه لمّا اُسريَ بي الى السماء تلَقَّتني الملائكة بالبشارات في كلّ سماء حتى لقيني جبرئيل(عليه السلام) في مَحفل من الملائكة فقال: يا محمّد لو اجتمعت اُمتّك على حُبّ عليّ ما خلق الله عزّ وجلّ النار.
يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى أشهَدَكَ معي في سبعة مواطن حتى آنست بك، أمّا أوّل ذلك: فلَيلة اُسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل(عليه السلام): أين أخوك يا محمّد؟
فقلت: يا جبرئيل خَلَّفتهُ ورائي، فقال: اُدعُ الله عزّ وجلّ فليَأتِكَ به، فدعوت الله عزّ وجلّ فإذا مثالك معي وإذا الملائكة وقوف صفوفاً، فقلت: يا جبرئيل مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُباهي الله عزّ وجلّ بهم يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون الى يوم القيامة.
والثانية: حين اُسري بي الى ذي العرش عزّ وجلّ قال جبرئيل(عليه السلام): أين أخوك يا محمّد، فقلت: خلَّفتهُ ورائي، فقال: ادعُ الله عزّ وجلّ، فليأتِك به، فدعَوت الله عزّ وجلّ فإذا مثالك معي، وكشفَ لي عن سبع سماوات حتّى رأيتُ سُكّانها وعُمّارها وموضع كلّ مَلَك منها.
والثالثة: حين بعثت الى الحق، فقال لي جبرئيل(عليه السلام): أين أخوك؟ فقلت: خلَّفتُه ورائي:ُّ، فقال: ادعُ الله عزّ وجلّ فَليأتِكَ به، فَدَعوتُ الله عزّ وجلّ فإذا أنتَ معي، فما قلت لهم شَيئاً ولا ردّوا عليّ شيئاً إلاّ سمعته ووعيته.
والرابعة: خُصِصْنا بليلة القدر وأنتَ معي فيها ولَيست لأحد غيرنا.
والخامسة: ناجيتُ الله عزّ وجلّ ومثالك معي، فسألتُ الله فيك خصالا فأجابَني إليها الاَّ النبوَّة فإنّه قال: خصّصتها بك وختمتها بك.
والسادسة: لمّا طِفتُ بالبيت المعمور كانَ مثالك معي.
والسابعة: هَلاكُ الأحزابِ على يديّ وأنت معي.
يا عليّ إنّ الله أشرفَ على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثمّ اطلَعَ الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثم اطّلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين، ثم اطّلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والأئمة من ولدهما على رجال العالمين.
يا عليّ إنّي رأيتُ اسمك مقروناً باسمي في أربعة مواطن فآنست بالنظر إليه، إنّي لمّا بلغت بيت المقدس في معارجي الى السماء وجدتُ على صخرتها: «لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيّدته بوزيره ونَصرتُه به»، فقلت: يا جبرئيل ومَن وزيري؟ فقال عليّ بن أبي طالب، فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجَدت مكتوباً عليها: «لا إله إلاّ الله أنا وحدي ومحمّد صَفوتي من خلقي أيّدتهُ بوزيره ونَصَرته به»، فقلت: يا جبرئيل ومن وزيري؟ فقال: علي بن أبي طالب; فلمّا جاوزتُ السدرة وانتهيتُ الى عرش ربّ العالمين وجدت مكتوباً على قائمة من قوائم العرش: «أنا الله لا اله إلاّ الله أنا وحدي محمّد حبيبي وصفوتي من خلقي أيّدتهُ بوزيره وأخيه ونَصرتهُ به».
يا عليّ إنّ الله عزّ وجلّ أعطاني فيك سبع خصال:
أنتَ أوّل مَنْ يَنشَقُّ القبر عنه معي، وأنت أوّل مَن يقف معي على الصراط فتقول للنار خُذي هذا وذَري هذا فليس هو لك، وأنتَ أوّل مَن يُكسى إذا كُسيتُ ويحيى إذا حييت، وأنت أوّل مَن يقف معي عن يمين العرش، وأوّل مَن يقرع معي باب الجنّة وأوّل مَن يَسكن معي عِلّيين، وأوّل مَن يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامهُ مِسك وفي ذلك فليَتَنافسِ المتنافِسون(5).
(5) روى الشيخ الفقيه ابن شاذان القمي(رحمه الله) بإسناده من طريق العامة عن أبان بن تغلب، قال: حدّثني عكرمة، عن ابن عبّاس قال:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد منصرفه من حجة الوداع:
أيّها النّاس إنّ جبرئيل الروح الأمين نزل عَليّ من عند ربّي جلّ جلاله فقال: يا محمّد إنّ الله تعالى يقول: إنّي اشْتَقتُ الى لقائك فأوصِ بخير وتقدّم في أمرك.
أيُّها النّاس إنّي قد اقترب أجلي، وكأنّي بكم وقد فارقتموني وفارَقتُكُم، فإذا فارَقتُموني بأبدانكم فلا تفارقوني بقلوبكم.
أيّها النّاس إنّه لم يكُن لله نبيّ قبلي خُلِّدَ في الدنيا فأُخَلَّد، فإنّ الله تعالى قال: (وما جعلنا لبشر منْ قبلكَ الخُلدَ أفإن متّ فهُمُ الخالدون * كلُّ نفس ذائقةُ الموت)(6).
ألا وإنّ رَبّي أمَرني بوَصِيَّتكم.
ألا وإنّ رَبّي أمَرني أنْ أدُلَّكُم على سفينة نجاتكم وباب حطّتكم، فمن أراد منكم النجاة بَعدي والسلامة من الفتن المُردية، فليَتَمَسّك بولاية علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فإنّه الصِّدِّيق الأكبَر، والفاروق الأعظم، وهو إمام كلّ مسلم بعدي، مَن أحبَّهُ واقتدى به في الدنيا وَرَدَ عَلَيّ حَوضي، ومَن خالَفَهُ لَم أرَهُ ولَم يَرَني واختلجَ دوني فأخذ به ذات الشمال إلى النار.
ثم قال: أيّها النّاس إنّي قد نصحتُ لكم ولكن لا تُحبّون الناصحين، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيم لي ولَكُم.
ثمّ أخذَ رأس عليّ وقَبّلَ ما بين عينيه وقال له: يا عليّ فضلك أكثر من أن يُحصى، فو الذي فَلَقَ الحبة وبَرَأ النّسمة لو اجتمع الخلائق على محبتك وعرف حقوقك منك ما يليق بك، ما خَلَقَ اللهُ النّار(7).