علاء

كان هذا العيد أول أعيادي .... أتعرفون لماذا ؟؟

تقييم هذا المقال
بواسطة علاء, 16th September 2010 عند 12:33 PM (784 المشاهدات)
كان هذا العيد أول أعيادي .... أتعرفون لماذا ؟؟



منذ سنين طويلة ، ولم أعد أشعر بنشوة العيد ، مثلي مثل الكثير الكثير من العراقيين ، الذين بدأوا أعيادهم منذ السبعينيات بأعوام (حرب الشمال) ، تلتها (اعتقالات حزب الدعوة) تلتها (الحرب العراقية الإيرانية) تلتها (حرب الخليج) ، تلتها أعوام (الحصار) ، تلتها أعوام (الإحتلال) ، وما تسلل بين هذه التوالي من متاعب ومحن ومطارق ومصائب ومصاعب تصك سمع الملكوت .

صحيح أن الأعياد السابقة ، وحتى هذا العيد ، لم تكن لتخلو من هم وطني ، أو هم عائلي ، أو هم مجتمعي ، ولكن هذه المرة / حاولت أن أهرب من تذكر النساء الثواكل وهن يتوجهن قبل فجر العيد لزيارة القبور ، وحاولت أن أحجم عن تصوّر العذارى وهن يلطمن الخدود بقرب قبر الحبيب ، وحاولت أن أبتعد بمخيلتي عن طفل يلعب بين القبور لا يدري بأن القبر الشاخص هو قبر أبيه الذي أكلته الردة والفتنة الطائفية والأطماع البعثية (الصدامية) في زمن الردة .

حاولت أن أقتصر هذا العيد على دفع (زكاة الفطرة) ، وأن أغلق بابي بوجه الفقراء الذين يزورونني طلباً للمساعدة ، هؤلاء الفقراء الذين يأتون لطرق بابي متصورين بأنني (المستشار الثقافي للتيار الصدري) وأنني أملك من المال ما يكفيني ويكفيهم ، دون ألأن يلتفتوا بأنني أعجز عن دفع (أجار بيتي) لولا مساعدة الشيخ (الموفق) بـ (توفيق) الله .

لم يحرمنا الله تواجد أوراق (الشاي) في بيوتنا ، فنضطر لتقديمه لأخوتنا الزائرين صيفاً وشتاءً ، ونضطر لإبتلاع خجلنا وهم يطالبوننا بـ (العيدية) متصورين بأننا رجال السيد القائد ، وأننا قياداته ، وأننا الأقرب إليه ، وأننا بعض رجالاته ، وأننا نملك ونملك ونتحكم ، وأننا نملك فانوس (علاء الدين السحري) ، وأننا في سعة بحيث نستطيع إعالة غيرنا ، وأننا نملك الأبراج في (أبو ضبي) ، ونملك الشق الفارهة في (الميكاديللي) ، وأننا نملك (البيوت الفارهة) على كورنيش الكاظمية ، ............ فيطلبون مساعدتنا ، ويشكون إلينا همومهم ، فنسكت ، ونخجل ، وتصفر وجوهنا ، ونعتذر إليهم ، فيتهموننا بالكذب ، ويتهموننا بالبخل ، وهم لا يعرفون بأننا لا نملك غير التسميات الموهومة .

وقد يأتينا شخص - (مصدك بالإسلام) - فيطرح علينا مشروعه الثقافي ، ويطلب منا أن نتبناه (مادياً ومعنوياً) كوننا المستشار الثقافي لتياره ، وينتظر منا أن نقدم له المساعدة ، وأن نرفده بالمال والبنين ، لكي يقوّم مشروعه ، فلا يجد منا غير السكوت ، أو يجد منا التصفيق (المنافق) ، وحين يبدأ عد مبلغ الدعم ، تكفهر منا الوجوه ، ويضيف بنا المتسع ، وننسلخ من جلودنا كانسلاخ الذبيحة .

مشكلتنا اننا نعيش مع اخوتنا في وطن (التماس) ولسنا في الغربة (المعتمة) حيث لا يرانا من يريد أن يرانا ، ولا يتصل بنا من يريد الإتصال بنا .

فنحن نعيش بعناوين معروفة ، وأماكن مألوفة ، وليس من الصعب على احد أن يطرق بابنا ليلاً ونهاراً ، سراً وجهاراً ، لكي يفصح لنا عن مكنون همومه ، بعكس البعض ممن آثروا العيش في أماكن لا يعلمها إلاّ الله والراسخون بالعلم تماشياً مع المثل القائل (لا أرى القرد ، ولا القرد يراني) .... لا أستثني منهم أحدا .

هذا العيد ، آثرت أن أبتعد عن النكد ، وآثرت أن أبتعد عن المنغصات من العدة والعدد ، وحاولت ان ابتعد عن طموحات الفقراء ممن يبحثون عن وظيفة يعتاشون منها ، وحاولت ان لا استمع لتوسلات الفقراء ، وأن لا اسمح باستقبال (الساسة اللعناء) ، وابتعدت كثراً عن أخبار رئاسة الوزراء ، وتداعيات السياسة الرعناء ، وتقلبات الأمزجة والأهواء ، وتغير القناعات تحت الأضواء ، وخارج الأضواء ، وابتعدت عن تفكيك أراء الساسة الأغبياء ، وهيئاتهم (المومياء) ، وقادتهم الأثرياء ، وقواعدهم من الضعفاء .

قلت لأهلي :- لا تفتحوا الباب للسائل والمحروم ، ولا تستقبلوا (برلماني) مأثوم ، ولا ذا منصب معلوم ، ولا تستقبلوا الشعراء ، ولا الأذكياء ، ولا الأثرياء ، ولا السفهاء ، ولا الأقرباء ، ولا المعممين ، ولا الراديكاليين ، ولا الليبراليين ، ولا المثقفين ، ولا المتشدقين ، ولا المتخرصين ، ولا المنافقين .

فعشت أول يومي معيداً مسروراً ، لا أنفق سوى كلمة (إش !! اسكتوا) كلما طرق طارق بابي ، وعشت يومي الثاني أحتفل بالعيد ، وكأنني مولود جديد ، وفي اليوم الثالث ... كانت الحطمة .

خرجت لأرش باب داري بالمتوفر من ماء الإسالة ، ولأكبس التراب على الأرض المحالة ، فبدرني مبادر من أهل (منطقتي) على عجالة ، وفاجأني بالتحية والسلام وشدق المقالة ، والمعايدة والإنسجام والزمالة ، فلم يعد بوسعي الهرب ، والموت مني قد اقترب ، فسألني :- هل وافقتم على إعادة ترشيح المالكي الذي قتل أبنائكم ، وهتك أعراضكم ؟ وسبى ذراريكم ؟؟؟

فتبددت فرحة العيد ، ولم يجد مع أهلي الوعد والوعيد ، ولم أجد مكاناً أستريح إليه سوى (القبر) والصعيد .

ولكنه – عليه اللعنة والرحمة – فجأني بسؤال آخر ، حيث قال لي :-

إذا كنتم تعرفون بأنكم ستخضعون للضغوط الداخلية والخارجية ، فلماذا دخلتم حقل السياسة أصلاً ؟؟ أليس من الأجدى لكم أن تبقوا رمزاً من رموز المقاومة ؟؟

فلم أجد جواباً غير أنني قلت له :- اسمح لي بالذهاب الى (المرافق الصحية) ..... فلا رأي لحاقن .


راسم المرواني
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية نـــائل
    لن اقول سوى

    الحمد لله على كل حال
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال