علي جاسم الكعبي
العبر من ثورة الحسين - عليه لسلام - الجزء الثاني
بواسطة علي جاسم الكعبي, 22nd October 2015 عند 11:54 PM (422 المشاهدات)
العبر والدروس التي نستخلصها من ثورة الحسين - عليه السلام - كثيره
ومنها صدق القول المأثور الآخر (( الظلم لا يدوم ))
وان تراه احيانآ يستمر عشرات الاعوام فانها قليله وضئيله الى عمر الزمن ولو قدر لدوله ظالمه ان تدوم وتستقر
على الظلم والعدوان لدامت الدوله السفيانيه التي اسسها معاويه بن ابي سفيان في الشام . ولكنها زالت بعد هلاك
مؤسسها باربع سنوات فقط . وقامت على انقاضها دوله مروانيه بعد فتره من الفوضى والانحلال . وان الجهود التي
بذلها معاويه بن ابي سفيان كانت تستهدف بقاء الملك في اسرته آل ابي سفيان عبر مئات السنين . ولكن رب ساع لقاعد
ولكي تعرف مدى قوة ذلك الملك الذي اقامه معاويه لاسرته وبنيه . هاك استمع الى فقرات من وصيته ساعة موته الى
ولده وخليفته يزيد لعنه الله :
( واعلم يا بني اني قد كفيتك الرحل والترحال ووطأت لك الامور وذللت لك الصعاب واخضعت لك رقاب العرب وجعلت
الملك وما فيه طعمه لك واني لا اتخوف عليك فيما استتب لك الا من اربعه ... )
الخلاصه التي لا خلاف حولها هي : ان الدوله والحكومه التي خلفها معاويه كانت حصينه وقويه الى اقصى ما يمكن .
قد توفرت فيها كل عناصر البقاء والدوام ما عدى عنصر واحد فقط وهو العدل والحق . وهذا العنصر هو الاصل والاساس
لدوام كل شيء في هذه الحياة خاصه الدوله ( العدل اساس الملك الدائم ) لذا فلقد انهارت تلك الدوله باسرع وقت كما ذكرنا
في الجزء الاول . وذلك عندما تنازل معاويه الثاني ابن يزيد عن العرش دون ان ينصب احدآ مكانه ومات بعد ثلاثة ايام .
ومما يذكر انه رقي المنبر قبل اعلان تنازله عن العرش والقى خطبه بليغه تعرض فيها لمظالم جده معاويه بن ابي سفيان
ولجرائم ابيه يزيد بن معاويه ومآثم آل ابي سفيان وأكد ان آل محمد - صل الله عليه واله - اجدر واحق بالخلافه والسلطان
ومما قاله في تلك الخطبه :
( ايها الناس انا بلينا بكم وبليتم بنا فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا الا وان جدي معاويه بن ابي سفيان نازع الامر من
كان اولى به منه في القرابه من رسول الله - صل الله عليه وله - واحق في الاسلام سابق المسلمين واول المؤمنين وابن
عم رسول رب العالمين وابا بقية خاتم المرسلين فركب منكم ما تعلمون وركبتم منه ما لا تنكرون حتى اتته منيته وصار رهنآ
بعمله , ثم قلد ابي وكان غير خليق للخير فركب هواه واستحسن خطئه فاخلفه الامل وقصر عنه الاجل فقلت منعته وانقطعت
مدته وصار في حفرته رهنآ بذنبه واسيرآ بجرمه . ثم بكى وقال : ان اعظم الامور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه
وقد قتل عترة الرسول - صل الله عليه واله - واباح حرمة المدينه . واحرق الكعبه المشرف . وما انا المتقلد اموركم ولا
المتحمل تبعاتكم فشانكم امركم فو الله لئن كانت الدنيا مغنما فلقد نلنا منها حظآ وان تكن شرآ فحسب آل ابي سفيان ما اصابوا
منها .... )
ثم نزل من المنبر ودخل داره ومات بعد ثلاث ايام .
هناك كلمه للعقاد ( في ابو الشهداء ) ص194
( وباء الحسين في ذلك الموقف بالفخرالذي لا فخر مثله في تواريخ بني الانسان غير مستثني منهم عربي ولا عجمي ولا قديم
ولا حديث )
وجميل جدآ ما شبه به بعض الكتاب موقف الحسين - عليه السلام - وموقف خصومه يوم كربلاء فقال ما مضمونه :
ان ساحة الصراع في كربلاء كان اشبه بمعرض عالمي اقيم على تلك البقعه وكان لذلك المعرض جناحان فقط . جناح الحسين
- عليه السلام - واصحابه وجناح اعدائه ومقاتليه وقد عرض كل من الجانبين في جناحه الخاص نماذج وصور عن هذا الجنس
البشري في طرفي صعوده وسقوطه .
فعرض الحسين - عليه السلام - واصحابه للعالم بماذج مثاليه خالد عن اقصى مراحل التكامل البشري والكمال الانساني من مصنع الاسلام وصناعة القران .
كما عرض اعدائه في الجانب الآخر نماذج خالده للعالم عن اسفل درك المسخ والسقوط والانتكاس البشري من مصنع الجهل وصناعة الحكم الاموي .
فكربلاء اذآ معرض بشري عالمي قائم ومفتوح حتى يومنا هذا دون منافس ولا نظير .
والحمد لله رب العالمين