Hussain Ussif

من محاضرات الدكتور/ مصطفى محمود

تقييم هذا المقال
بواسطة Hussain Ussif, 11th October 2015 عند 11:08 PM (483 المشاهدات)
من محاضرات الدكتور/ مصطفى محمود


هل سمعتم بقصّة الشيخ الوقور وركاب القطار ؟؟

إذاً فاقرأوها الآن فكم هي شيّقة !! وكم هي معبّرة !! وكم هي خاصةبكل واحدٍ
منّا !! فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظة بلحظة .. !!

حصلت هذه القصة في أحد القطارات ففي ذات يوم اطلقت صافرة القطارمؤذنةً بموعد
الرحيل .. صعد كل الركاب إلى القطار فيما عدا شيخ وقور وصل متأخراً .. لكن من
حسن حظّهِ أن القطار لم يفته .. صعد ذلك الشيخ الوقور إلى القطارفوجد ان الركاب
قد استحوذو على كل مقصورات القطار .. توجّه إلى المقصورة الأولى ... فوجد فيها
أطفالاً صغاراً يلعبون و يعبثون مع بعضهم .. فأقرأهم السلام .. وتهللوا لرؤية
ذلك الوجه الذي يشعّ نوراً وذلك الشيب الذي أدخل الى نفوسهم الهيبةوالوقار له
. أهلاً أيها الشيخ الوقور سعدنا برؤيتك .. فسألهم إن كانوا يسمحونله بالجلوس
؟؟ .. فأجابوه : مثلك نحمله على رؤسنا .. ولكن !!! ولكن نحن اطفالصغار في عمر
الزهور نلعب ونمرح مع بعضنا لذا فإننا نخشى أن لاتجد راحتك معناونسبب لك
إزعاجاً .. كما أن وجودك معنا قد يقيّد حريتنا .. ولكن إذهب الىالمقصورة التي
بعدنا فالكل يودّ استقبالك ...

توجه الشيخ الوقور الى المقصورة الثانية .. فوجد فيها ثلاثة شبابيظهر انهم في
آخر المرحلة الثانوية .. معهم آلات حاسبة ومثلثات .. وهم في غايةالإنشغال بحل
المعادلات الحسابية والتناقش في النظريات الفيزيائية .. فأقرأهمالسلام ....
ليتكم رأيتم وجوههم المتهللة والفرحة برؤية ذلك الشيخ الوقور .. رحبوا به
وأبدوا سعادتهم برؤيته .. أهلا بالشيخ الوقور .. هكذا قالوها .. فسألهم إن
كانوا يسمحون له بالجلوس ..!!! فأجابوه لنا كل الشرف بمشاركتك لنافي مقصورتنا
ولكن !!! ولكن كما ترى نحن مشغولون بالجا والجتا والمثلثات الهندسية .. ويغلبنا
الحماس أحيانا فترتفع أصواتنا .. ونخشى أن نزعجك أو أن لاترتاح معنا .. ونخشى
أن وجودك معنا جعلنا نشعر بعدم الراحة في هذه الفرصة التي نغتنمهاإستعداداً
لإمتحانات نهاية العام .. ولكن توجه الى المقصورة التي تلينا .. فكلمن يرى
وجهك الوضاء يتوق لنيل شرف جلوسك معه ...

أمري إلى الله .. توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التالية .. فوجدشاب وزوجته
يبدوا أنهم في شهر عسل .. كلمات رومانسية .. ضحكات .. مشاعر دفاقةبالحب
والحنان ... أقرأهما السلام .. فتهللوا لرؤيته .. أهلاً بالشيخالوقور .. أهلاً
بذي الجبين الوضاء .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس معهما فيالمقصورة ؟؟؟
فأجاباه مثلك نتوق لنيل شرف مجالسته .. ولكن !!! .. ولكن كما ترىنحن زوجان في
شهر العسل .. جونا رومانسي .. شبابي .. نخشى ان لاتشعر بالراحة معنا .. أو ان
نتحرج متابعة همساتنا أمامك .. كل من في القطار يتمنى أن تشاركهممقصورتهم ..

توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التي بعدها .. فوجد شخصان في آوخرالثلاثينيات
من عمرهما .. معهما خرائط اراضي ومشاريع .. ويتبادلان وجهات النظرحول خططهم
المستقبلية لتوسيع تجارتهما .. وأسعار البورصة والأسهم .. فأقرأهماالسلام ...
فتهللا لرؤية .. وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيها الشيخ الوقور .. أهلاً
وسهلاً بك ياشيخنا الفاضل .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس ؟؟؟فقالا له :
لنا كل الشرف في مشاركتك لنا مقصورتنا ... بل أننا محظوظين حقاًبرؤية وجهك
الوضّاء .. ولكن !!!! " يالها من كلمة مدمرة تنسف كل ماقبلها " .. كما ترى نحن
بداية تجارتنا وفكرنا مشغول بالتجارة والمال وسبل تحقيق مانحلم بهمن مشاريع ..
حديثنا كله عن التجارة والمال .. ونخشى أن نزعجك أو أن لاتشعر معنابالراحة ..
اذهب للمقصورة التي تلينا فكل ركاب القطار يتمنون مجالستك ..

وهكذا حتى وصل الشيخ إلى آخر مقصورة .. وجد فيها عائلة مكونة من أبوأم
وابنائهم .. لم يكن في المقصورة أي مكان شاغر للجلوس .. قال لهم : السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته .. فردوا عليه السلام .. ورحبوا به ... أهلاأيها الشيخ
الوقور .. وقبل أن يسألهم السماح له بالجلوس .. طلبوا منه أن يتكرمعليهم
ويشاركهم مقصورتهم .. محمد اجلس في حضن أخيك أحمد .. ازيحوا هذهالشنط عن
الطريق .. تعال ياعبدالله اجلس في حضن والدتك .. حتى افسحوا مكاناًله .. حمد
الله ذلك الشيخ الوقور .. وجلس على الكرسي بعد ماعاناه من كثرةالسير في القطار
..

توقف القطار في احدى المحطات ... وصعد اليه بائع الأطعمه الجاهزة .. فناداه
الشيخ وطلب منه ان يعطي كل افراد العائلة التي سمحوا له بالجلوسمعهم كل
مايشتهون من اكل .. وطلب لنفسه " سندويش بالجبنة " ... اخذت العائلةكل ماتشتهي
من الطعام .. وسط نظرات ركاب القطار الذين كانوا يحتسرون على عدمقبولهم جلوس
ذلك الشيخ معهم .. كان يريد الجلوس معنا ولكن ..

صعد بائع العصير الى القطار .. فناداه الشيخ الوقور .. وطلب منه انيعطي افراد
العائلة مايريدون من العصائر على حسابه وطلب لنفسه عصير برتقال .. يالله بدأت
نظرات ركاب القطار تحيط بهم .. وبدأو يتحسرون على تفريطهم .. آه كانيريد
الجلوس معنا ولكن ...

صعد بائع الصحف والمجلات الى القطار .. فناداه الشيخ الوقور وطلبمجلة الزهرات
أمل هذه الأمة .. للأم ... ومجلّة كن داعية .. للأب .... ومجلة شبلالعقيدة
للأطفال .... وطلب لنفسه جريدة أمة الإسلام .. وكل ذلك على حسابه ... ومازالت
نظرات الحسرة بادية على وجوه كل الركاب ... ولكن لم تكن هذه هيحسرتهم العظمى .

توقف القطار في المدينة المنشودة .. واندهش كل الركاب للحشودالعسكرية والورود
والإحتفالات التي زينت محطة الوصول .. ولم يلبثوا حتى صعد ضابطعسكري ذو رتبة
عالية جداً .. وطلب من الجميع البقاء في أماكنهم حتى ينزل ضيف الملكمن القطار . لأن الملك بنفسه جاء لاستقباله .. ولم يكن ضيف الملك إلا ذلكالشيخ الوقور ..
وعندما طلب منه النزول رفض أن ينزل إلا بصحبة العائلة التي استضافتهوان يكرمها
الملك .. فوافق الملك واستضافهم في الجناح الملكي لمدة ثلاثة أيامأغدق فيها
عليهم من الهبات والعطايا .. وتمتعوا بمناظر القصر المنيف .. وحدائقه الفسيحة .


هنا تحسر الركاب على أنفسهم أيما تحسّر .. هذه هي حسرتهم العظمى .. وقت لاتنفع
حسرة ..

والآن بعد أن استمتعنا سوياً بهذه القصة الجميلة بقي أن اسألكمسؤالاً ؟؟؟

من هو الشيخ الوقور ؟
ولماذا قلت في بداية سرد القصة :
وكم هي خاصة بكل واحدٍ منّا !! فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظةبلحظة .. !!


أعلم انكم كلكم عرفتموه .. وعرفتم ماقصدت من وراء سرد هذه القصة ..

لم يكن الشيخ الوقور إلا الدين ...

إبليس عليه لعنة الله إلى يوم الدين توعد بإضلالنا .. وفضح اللهخطته حينما قال
في كتابه الكريم " ولأمنينّهم "

إبليس أيقن انه لو حاول أن يوسوس لنا بأن الدين سيئ أو انه لا نفعمنه فلن ينجح
في إبعادنا عن الدين ... وسيفشل حتماً .. ولكنّه أتانا من بابالتسويف .. آه ما
أجمل الإلتزام بالدين .. ولكن مازالو اطفالاً يجب أن يأخذوا نصيبهممن اللعب
واللهو .. حرام نقيدهم .. عندما يكبرون قليلاً سوف نعلمهم الدينونلزمهم به ..
ما اجمل الإلتزام بالدين ولكن .. الآن هم طلبة مشغولون بالدراسة .. بالواجبات
والإمتحانات .. بعد ماينهو دراستهم سيلتزمون بالدين .. وسيتعلمونه ..
اووووهـ مازلنا في شهر العسل .. الدين رائع ولكن سنلتزم به غداً ..
مازلنا نكوّن أنفسنا بعد أن أقف على رجلي في ساحة التجارة سأهتمكثيراً بديني .
وسألتزم به ..
ولا ندري هل يأتي غداً ونحن أحياء .. أم نكون وقتها تحت الثرى .... !!!


التسويف هو داء نعاني منه في امورنا كلها .. نؤمن بالمثل القائل : لاتؤجل عمل
اليوم إلى الغد ولكننا لا نطبق مانؤمن به على أرض الواقع .. لذانفشل في بناء
مستقبلنا في الدنيا .. كما في الآخرة .. فالعمر يمضي ونحن نردد .. غداً سأفعل .
سأفعلها ولكن بعد أن أفرغ من هذه .. مازلت صغيراً إذا كبرت سأفعلها .. بعد ان
أتزوج سألتزم بالدين ..بعد أن أتخرج .. بعد أن أحصل وظيفة .. بعدأن .. بعد أن...
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال