علي جاسم الكعبي
مرتبة الصبر !!
بواسطة علي جاسم الكعبي, 24th July 2015 عند 05:53 PM (447 المشاهدات)
الصبر : هو السكينه وعدم الاضطراب عند البلايا والمصائب .
وعكسه الجزع واليأس , وهما اطلاق العنان للنفس عند حلول البلاء والمصيبه والصراخ ب آه وما شابه من نوح وتمزيق ثياب ولطم وجه ,
حتى تقطيب الحاجبين والعبوس وامثالها مما يصدر عن ضعف النفس .
وللصبر اقسام اخرى كالصبر في المعارك والحروب ويعد شجاعه , والصبر في حالة الغضب ويعد حلمآ , والصبر على مشقة الطاعه , والصبر على مقتضيات الشهوات وغيرها.
قال نصير الدين الطوسي في كتابه اوصاف الاشراف ص68 الفصل الخامس :
الصبر في اللغه : هو حبس النفس من الجزع في وقت وقوع المكروه , وانما يكون ذلك بمنع باطنه من الاضطراب ولسانه من الشكوى واعضائه من الحركات غير المعتاده . وقال ايضآ :
الصبر على ثلاث انواع :
الاول : صبر العوام , وهو حبس النفس على التجلد واظهار الثبات في التحمل لتكون حالهعند العقل وعامة الناس مرضيه ( يعلمون ظاهرآ من الحياة الدنيا وهم عن الاحره هم غافلون ) .
الثاني وارباب الحلم , لتوقع ثواب اخره( انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ) .
فان لبعضهم التذاذ بالمكروه لتصورهم ان معبودهم خصهم من دون الناس , وصاروا ملحوظين بشريف نظره ( وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه واولئك هم المهتدون ) .
في الحقيقه فان اكثر الاخلاق الفاضله تحت لواء الصبر . ومرتبة الصبر من المراتب الرفيعه ,
وقد نسب الله سبحانه اكثر الخيرات للصبر وخصص اكثر درجات الجنه للصابرين .
القران الكريم تحث عن الصبر والصابرين في اكثر من سبعين موضع منه , واثبت صفاتهم وغمرهم بصلوات الله ورحمته وهدايته ,
وبشرهم ان الله سيوفيهم اجورهم ,
قال تعالى : ( يا ايها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين )
وقال : ( والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون ) .
وقال : ( قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئه قليله غلبت فئه كثيره بأذن الله والله مع الصابرين ) .
وقال : انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ) .
وان الاحاديث الشريفه تحدثت عن فضائل الصبر والصابرين .
روي عن الامام جعفر الصادق - عليه السلام - ( الصبر من الايمان بمنزلة الراس من الجسد , فاذا ذهب الراس ذهب الجسد , كذلك اذا ذهب الصبر ذهب الايمان ) .
روى الكليني في الكافي عن الامام الباقر - عليه السلام قال : ( الجه محفوفه بالمكاره والصبر , فمن صبر على المكار في الدنيا دخل الجنه, وجهنم محفوفه باللذات والشهوات فمن اعطى نفسه لذاتها وشهوتها دخل النار ) .
اما طريق تحصيل مرتبة الصبر , فانه يكون بمراعات الامور التاليه :
الاول : التامل والتفكر في الاحاديث التي تتحدث عن فضيلة الابتلاء في الدنيا , وانه في مقابل أيه مصيبه يرتفع الصابر درجه او تمحى عنه سيئه , وان يستيقن انه لا خير في من لا يبتلى .
الثاني : ان يتذكر ان زمان المصيبه قصير وقليل , وانه سيرفع عنه عما قريب .
الثالث : ان ينظر الى الجزوع الذي لا صبر له , ويرى هل استفاد شيئآ من جزعه , او انه بلغه ما كان مقدرآ له , صبر عليه ام جزع ؟
وما كان مقدرآ له لا يتغير بالجزع والاضطراب وشق الثياب , بل ان الجزع يذهب ثوابه ويضيعه ويسقط وقاره.
الرابع : ان يتأمل حال من ابتلى ببلاء اعظم من بلائه .
الخامس : ان يعلم ان الابتلاء والمصائب هي دليل الفضل والسعاده , فان الانسان كلما كان مقربآ من الله اكثر كان ابتلاؤه اكثر .
السادس : ان الادمي يتكامل برياضة المصائب .
السابع : ان يتذكر ان هذه المصيبه انما اتته من الله تعالى الذي هو الموجودات اليه , ذلك الذي لا يريد سوى خيره وصلاحه .
الثامن : ان يتتبع ويتفحص في احوال المقربين وبلائهم وصبرهم عليه , الى ان تحصل عنده رغبة الصبر واستعداد النفس.
اعلم ان المراد من الصبر هو ما ذكرته لك في بداية هذا الموضوع , اما احتراق القلب وانسكاب الدموع فانه من المقتضيات البشريه للعبد وانه لا يخرج عن حد الصبر , فالمريض رغم رضاه بالحجامه والدواء , لكنه يتأثر بالالم .
والحمد لله رب العالمين