جمهورية افكاري ( ابو تبارك الناصري )
النصف الفارغ , والنصف الملئان ( هل يستويان ) ؟؟
بواسطة ابو تبارك الناصري, 16th October 2012 عند 03:46 AM (642 المشاهدات)
النصف الفارغ , والنصف الملئان ( هل يستويان ) ؟؟
قال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات : 12]
{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام : 116]
نهانا الله سبحانه وتعالى عن أتباع الظن
وروي في الحديث
( احمل أخاك على سبعين محمل )
وفي حكمة تمثل الحياة او الدنيا : بالكوب
قد ينظر البعض لنصفه الفارغ ,, وينظر الأخر لنصفه الملئان
وقد يتفلسف البعض في هذه الحكمة في ان يساوي بين النظرتين , ويعتبر كلاهما نظرة واقعية تصيب شيء من الحقيقة
ولذا قيل بان رأيك صواب يحتمل الخطاء ورأي غيرك خطاء يحتمل الصواب
وحقيقة انا فلسفتي حول الأولى تختلف تماما
فإذا كان نصف الكوب فارغ ونصفه ملئان , لا يمكن ان نساوي بين النظرتين
على اعتبار كلاهما تصيب شيء من حقيقة الكوب ( اذا ما مثلناه بالحياة )
لان النظرة للجزء الفارغ يترتب عليها شيء
والنظرة للجزء الممتليء يترتب عليها شيء اخر
ومن جملة ما يترتب على من ينظر للجزء الفارغ انه سيبقى عطشان ولا يتمكن ان يروي ضماه , وبالتالي سيبقى في دائرة الظن السيئ وما يترتب على الظن السيئ من أثار نهانا الله تبارك وتعالى وأمرنا باجتنابه
بل أمر باجتناب كثيرها لما يترتب على بعضه من أثم , وهذه طريقة في النهي عن امر لم يسبق ولم يلحق بان استخدم هكذا اسلوب القران الكريم في نواهيه
فحتى حينما ينهى عن الخمر والميسر باعتبار ان مضاره أكثر من نفعه
وبهذه الطريقة والأسلوب ينفرد الظن فقط بهذا النهي
(( النهي عن كثيره لان بعضه " قليله " اثم ))
بهذا الأسلوب المميز نهانا الله عن الظن لما يترتب عليه من آثار سيئة في علاقاتنا الاجتماعية وعباداتنا ومعاملاتنا
وفي نفس الوقت أمرنا الحديث الشريف المروي عن المعصوم بالحمل للمؤمن على سبعين محمل
وهنا يقول المفسرون بان هذه الأرقام التي تأتي في القران بسبعين عام وسبع سنبلات هي للدلالة على الكثرة وليس العدد
ولذا في مقابل الظن والنهي عن كثيرة يأمرنا الحديث بالإكثار من الحمل للمؤمن و إعذاره
لم يتكلم عن قبول أعتذاره , وإنما يأمرنا بان نوجد له الأعذار , قبل ان يعتذر , بل يأمرنا بان نكثر له الأعذار . وهذا هو حال من ينظر للنصف الملئان
فهل يستويان ؟؟
وانا أرى وللأسف الشديد ان البعض دوما ينظر للنصف الفارغ من القدح
فحين تحدثه بايجابية تقول له تؤمرني أمر , وتتدلل , وانأ ممنون منك , وما شاكلتها من العبارات
يحاول جاهدا ان يبحث عن كلمة في كلامك ويجتزئها من سياقها او يقتطع جزء من جملة ,
ليبرر ظنه السيئ بك
وحتى لو جاء الكلام بعنوان الاعتذار والطلب والرجاء ....
تجده يبحث عن كلمة يقتطعها من سياق الاعتذار ليصور للناس بأنك تسيء له و مفتري
بل يريدك ان تتقبل اتهامه لك برحابه صدر دون ان يزعجك هذا او يخدش مسامع ومناظر متلقيه
وحقيقة هذا هو الداء الذي اصبنا في هذا العصر ,, فلا نستطيع ان ننظر لاي شيء بايجابية ,, الاخبار , الاحداث , الاصدقاء , الاقارب , حتى الازهار البعض ينظر ان خلف كل زهرة توجد شوكة !!
بالرغم من ان الشوكة بطبيعتها صغيرة الحجم يفترض ان تحجبها الوردة المتفتحة
واذا كانت هناك شوكة فاعلم ان خلفها زهرة بل تستطيع الزهرة بطبيعتها المتفتحة وكبر حجمها ان تحجب تلك الشوكة الصغيرة لكل ذي بصيرة .
اما من كان على بصره غشاوة , لا ينظر الا بعين واحدة فلا يرى من تلك النافذة الا الشوك تقدم او تاخر .
لهؤلاء الذي لا يرون من القدح سوى نصفه الفارغ أقول :
سيقتلكم ضماكم , وستعيشون طول الدهر عطشا لن تجدوا ما يسد عطشكم وما يرويه
ان شئتم ان ترتووا فانظروا للنصف الملئان من القدح , ففيه ستجدون ضالتكم , وسترتوون منه بما ينعش عقولكم وأفكاركم ويفتحها ويخرجكم من دائرة الظن الى دائرة الحمل الحسن للأخر على سبعين محمل , وان لم يكفي السبعون , فقل عسى أن يكون له عذرا لا اعلمه