جعفرابراهيم
جامعة ستانفورد .. حكاية أغرب من الخيال ) ...
بواسطة جعفرابراهيم, 5th October 2012 عند 11:43 PM (535 المشاهدات)
(
ليس كل خطاب يمكن أنيقرأ من عنوانه كما يقول المثل الشائع , كما أن ظاهرة الشيء ( أي شيء ) ليس بالضورةأن يكون مرتبطاً بباطنه , وبمعنى أوضح , لا تحكم على الناس من مظهرها أوشكلهاأوحتى تصرفاتها .
...
وهذه القصة تمثلتجسيداً حياً لهذا المعنى , وهي قصة واقعية وموثقة وليست من نسج الخيال , لذلكفإنها جديرة بالقراءة والفهم والاستيعاب .
والقصة تبدأ بتوقف القطارفي إحدى المحطات بمدينة بوسطن الأمريكية , حيث يخرج منه رجل وزوجته يرتديان ملابسمتواضعة ,فقد كانت الزوجة ترتدي ثوباً من القطن , بينما كان الزوج يرتدي بزةمتواضعة صنعها بيديه , وبخطوات وئيدة توجه الزوجان إلى جامعة هارفارد الشهيرةوقصدا مكتب رئيس الجامعة وطلبا مقابلته دون أن يكون قد حصلا على موعد مسبق , غيرأن مديرة مكتب الرئيس رأت من وجهة نظرها أنهما غير جديرين بذلك , وبالتاليأخبرتهما بأن الرئيس مشغول جداً ولن يستطيع استقبالهما في وقت قريب.
ولكن سرعان ماجاء ردالسيدة الريفية حيث قالت بثقة : ( سوف ننتظره ) , وظل الزوجان ينتظران لساعاتطويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماماً , على أمل أن يفقدا الأمل والحماس الباديعلى وجهيهما وينصرفا , ولكن هيهات , فقد حضر الزوجان فيما يبدو لأمر هام جدا .ً
ومع انقضاء الوقتوإصرار الزوجين , بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد , فقررت مقاطعة رئيسها , ورجته أنيقابلهما لبضع دقائق لعلهما يرحلان .
هز الرئيس رأسه موافقاًبغضب وبدت عليه علامات الاستياء , فمن هم في مركزه لا يجدون الوقت لملاقاة ومقابلةإلا علية القوم فضلاً عن أنه يكره الثياب القطنية الرثة وكل من هم في هيئةالفلاحين , لكنه وافق على رؤيتهما لبضع دقائق كي يضطرا بعد ذلك للرحيل.
وحينما دخل الزوجان إلىمكتب الرئيس قالت له السيدة إنه كان لهما ولد يدرس في هذه الجامعة لمدة عام ثمتوفى في حادث , وبما أنه كان سعيداً خلال الفترة التي قضاها في هذه الجامعةالعريقة ,فقد قررا تقديم تبرع للجامعة لتخليد اسم ابنهما .
لم يتأثر الرئيس كثيراًبما قالته السيدة , بل رد بخشونة : ( سيدتي , لا يمكننا أن نقيم مبنى ونخلد ذكرىكل من درس في { هارفارد} ثم توفى وإلا تحولت الجامعة إلى غابة من المباني والنصبالتذكاري ).
وهنا ردت السيدة : نحنلا نرغب في وضع تمثال له , بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة {هارفارد} .
لكن هذا الكلام لم يلقأي صدى لدى رئيس الجامعة , فرمق بعينين غاضبتين ذلك الثوب القطني والبزة المتهالكةورد بسخرية : ( هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى ) .
لقد كلفتنا مبانيالجامعة ما يربوا على سبعة ونصف مليون دولار .
ساد الصمت لبرهة ظنخلالها الرئيس أن بإمكانه الآن التخلص من هذين الزوجين , ولكن السيدة استدارت نحوزوجها قائلة له :
سيد ستانفورد : ما دامتهذه تكلفت إنشاء الجامعة كاملة ,{ فلماذا لا ننشىء جامعة جديدة تحمل اسم ابننا ؟}
هز الزوج رأسه موافقاً, ثم غادر الزوجان ( ليلند و جين ستانفورد ) وسط ذهول وخيبة الرئيس , وسافرا إلىكاليفورينا حيث أسسا هناك جامعة {ستانفورد}العريقة التي مازالت تحمل اسم عائلتهماوتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئاً لرئيس جامعة {هارفارد} .
حدثت هذه القصة عام1884م .
من المهم دائماً أننسمع , وإذا سمعنا أن نصغي ونتفهم , وسواء سمعنا أم لا , فمن المهم ألا نحكم علىالناس من مظهرهم وملابسهم ولكناتهم وطريقة كلامهم , كما أن من المهم أن لا نقرأكتاباً أبداً من عنوانه حتى لو كان ثمنه عام 1884م سبعة ملايين دولار.
هذه قصة حقيقية رواها (مالكوم فوربز ) , وما زالت أسماء عائلة {ستانفورد} منقوشه في ساحات ومباني الجامعة