مدونة الكاتب حسن سعيد
"صرخةُ غضب"
بواسطة د. حسن سعيد, 15th February 2015 عند 01:38 AM (735 المشاهدات)
"صرخةُ غضب"
بينما أنا جالسٌ في غرفتي وحيداً .. وبينما أنا أقرأُ كتاباً ما .. اذا بصوتُ شخصٍ يطرقٌ مسمعي .
ما هذا الصوت ؟ أأنا أسمعهُ حقاً أم مجردُ أوهام ؟ .. لا ، إنه صوتٌ حقيقي .. هل هو جنٌّ ؟! ماذا يجري !
مهلاً يا هذا الانسان المتسائل ، لستُ بجنٍّ ، إذاً من تكون ؟ أأنت ملاك ؟ لا يا صغيري أنا أمّك الأرض .
أمي الأرض !!! ولكن ! لا تستغرب يا فتى فأنا لا أكلّمُ الّا من يحبني حقاً .. ولكن كيف عرفتِ بأنّي أحبكِ ؟ هذا سرٌّ لا يجب أن تعرفه .
بقيتُ صامتاً لا أعرف ماذا أقول فخاطبتني بنبرةٍ يملؤها الغضب : يا هذا لِمَ أنكرت حقي ؟ لِمَ ظلمتني أنت وإخوانك الآخرين ؟ بئس الأبناء أنتم ، كيف تغدرون حق أمّكم المسكينة ؟ مهلاً أمّي .. ألم تخبريني بأنكِ لا تكلمين الّا من يحبك ، فكيف تكلمينني وأنا أظلمكِ ! إذاً أنا لا أحبكِ .. هههههه لا يا صغيري ، أنت تحبني لكنك ظلمتني لأنك نسيت حقي عليك .. وما حقكِ الذي نسيتُهُ ؟
نسيت أن تنصح الآخرين اللذين يجورون عليَّ وينتهكون حقوقي .. لقد سكتَّ عليهم وهذا شيءٌ لا يجوز .
آآآه منكم البشر .. لقد أتعبتموني ، أطعمكم من ثمار نباتاتي .. أغذيكم من لحوم حيواناتي .. أسقيكم من ماءِ أنهاري .. أحملكم على أمواج بحاري ومحيطاتي .. أمتع ناظريكم بمشاهد غاباتي الخلّابة ، وبعد كل ذلك تتعدون عليَّ وتجحدون فضلي عليكم ، بئس المخلوقاتِ أنتم .
لم يظلمني أحدٌ من المخلوقات الأخرى كما تظلمونني .. قطعتم أشجاري ونباتاتي وتركتم الغابات جرداء فحرمتم الكثير من الحيوانات من سكنها وغذائها .. لوثتم هوائي بدخانِ مصانعكم فقتلتم العديد من المخلوقات خنقاً .. سكبتم كمياتٍ هائلةٍ من النفطِ في بحاري وتسببتم بموت أعداد ضخمة من الأسماك وحيوانات الماء .. وأخيراً حروبكم أصبحت الآفة الكبرى التي لم ينجُ منها حتى أبناء جنسكم فقتلتم الآلاف وشرّدتم الملايين .. فما أشدّ اجرامكم أيها البشر !! وما أشدّ نكرانكم للجميل !! وما أجحدكم لنعمة الخالق الذي وهبني اليكم !! إنّي أشكوكم الى الله وحده الذي يستطيع أخذي حقي منكم .
بعد ذلك أليس من حقي أن أصرخ وأقول استيقضوا يا بني البشر .. انهضوا من سباتكم هذا .. كفى ظلماً لي .. كفى تعدٍّ على حقوقي .. أعيدوا بسمتي وإشراقة وجهي التي سرقتموها منّي .. كفى ظلماً كفىىىىى .
بقيتُ صامتاً لا أستطيع التكلم لكن قلبي كان يتقطعُ ألماً وكإنّ اأحدهم غرس فيه خنجراً .. وبعد هذا السكوت الطويل خاطبتني الأرضُ سائلة : ما بك ؟ لِمَ أنت صامتٌ هكذا ؟ ما الأمر ؟ لا شيء أيتها الأرض .. أنا أفكرُ بما قلتهِ لي .. لكن صدّقيني لسنا جميعاً من ظلمكِ .. قادتنا هم المجرمون ، نعم إنهم اللذين يجبرون شعوبهم على الاقتتال بينهم لتنشغل بالحرب ويبقون في الحكم .. أصحاب المآرب الشرّيرة هم من يلوث بيئتكِ فما يهمهم ملأ جيوبهم بالأرباح ولو كان ذلك على حساب كل شيء ولو على حساب من يعارضهم من الناس .. فهل كلنا مذنبون ؟
لا يا عزيزي لستم مذنبين جميعاً ولكن أوصيكم بالحفاظ عليَّ ما استطعتم ، وأوصيك أنت أن تنقل كلامي الى الآخرين لعلهم يسمعونهُ وينفذونه فهذا حقي عليك فهل تريد نكرانه كما فعل الكثير ؟ لا . لا . بكلّ تأكيد لا أريد أن أفعل ذلك .. سوف أنقل كلامكِ الى الآخرين ، وأنا أعدكِ بذلك .. حسناً أيها الفتى سوف أذهب .. عُد الى كتابك ، ولكن قبل أن أتركك عندي طلب ، تفضلي سيدتي ما طلبكِ ؟ أرني كتابك الذي تقرأهُ .. أوووه رائع أنت تقرأ كتاب جغرافية أوروبا الإقليمية شيءٌ جميل .. نعم سيدتي فأنا أحب الجغرافية كثيراً .. أيها المهمل دع كتاب الجغرافية الآن واذهب واقرأ امتحانك ألست طالباً في كلية القانون ؟ .. نعم أنا كذلك وفعلاً لديَ امتحانٌ غداً .. ولكن كيف عرفتِ ذلك .. ألم أقل لك هذا سرّ ؟ نعم قد قلتِ ذلك .. اذاً اذهب واقرأ ولا تكثر من الأسئلة الآن .. آآآآه حتى اللذين يحبونني يتعبونني بتصرفاتهم هذه.
تاريخ كتابة المقال : 21 كانون الأول 2009