عبدالله النجار
فلسفة التوبة..
بواسطة عبدالله النجار, 15th December 2014 عند 12:04 PM (388 المشاهدات)
ربما يتوّهم أنّ في تشريع التوبة والدعوة إليها إغراءً بالمعصية ، وتحريضاً على
ترك الطاعة ، بدعوى أنّ الإنسان إذا أيقن أنّه سبحانه يقبل توبته رغم اقترافه
المعاصي ، تزيد جرأته على هتك الحرمات ، والانهماك في الذنوب ، فيدق باب كل
قبيح ، معتمداً على التوبة.
و لكنه توهم ساقط من أصله ، فإنّه لو كان باب التوبة موصداً في وجه
العصاة ، واعتقد المجرم بأنّ العصيان مرّة واحدة يدخله في عذاب اللّه ، فلا
شكّ أنّه سيتمادى في اقتراف السيئات وارتكاب الذنوب ، معتقداً بأنّه لو غيّر حاله
إلى الأحسن ، لما كان له تأثير في تغيير مصيره ، فلأي وجه يترك لذات المحرمات في
ما يأتي من أيام عمره ، وهذا بخلاف ما لو اعتقد بأنّ الطريق مفتوح والنوافذ
مشرعة ، وأنّه لو تاب توبة نصوحاً ينقذ من عذابه سبحانه ، فهذا يعطيه الأمل
برحمة اللّه تعالى ، ويترك العصيان في مستقبل أيامه ، وكم وكم من الشباب عادوا إلى
الصلاح بعد الفساد في ظل الاعتقاد بالتوبة ، بحيث لو لا ذلك الاعتقاد لأسهروا
لياليهم في المعاصي ، بدل الطاعات.
ولأجل ذلك نرى في التشريعات الجنائية العالمية قوانين للعفوعن السجناء
المؤبّدين ، إذا شوهدت منهم الندامة والتوبة ، وتغيير السلوك ، فتشريع هذا
القانون يكون موجباً لإصلاح السجناء ، لا تقوية روح الطغيان فيهم ، فالإنسان
حي برجائه ، ولو ساد عليه اليأس والقنوط من عفوه ورحمته سبحانه ، لزاد
في طغيانه في عامة أدوار عمره..
لـ الشيخ جعفر السبحاني..