محمد م

الدمعة الخرساء

تقييم هذا المقال
بواسطة محمد م, 3rd November 2014 عند 07:30 PM (300 المشاهدات)
واحدة من اروع ملاحم الشعر
لشاعر الوجدانية
بدر شـــــاكر الســــــياب
يخاطب فيها - يزيد -
اتمنى أن تقرأ القصيدة للنهاية
فأن فيها رؤية الســـــياب المنفردة في تحريك المشاعر


ارم السماء بنظرة استهزاء
واجعل شرابك من دم الأشلاءِ
واسحق بظلـَّك كلَّ عرض ناصع
وأبح لنعلك أعظم الضعفاءِ
واملأ سراجك، إن تَقَضّى زيتهُ
مما تدرُّ نواضب الأثداءِ
واخلع عليه كما تشاء ذبالة
هدب الرضيع وحلمة العذراءِ
واسدر بغيـَّك يا يزيد، فقد ثوى
عنك الحسين ممزَّق الأحشاءِ
والليل أظلم والقطيع كما ترى
يرنو إليك بأعين بلهاءِ
أحنى لسوطك شاحبات ظهوره
شأن الذليل ودبَّ في استرخاءِ

وإذا اشتكى فمن المغيث وإن غفا
أين المهيب به إلى العلياءِ
مثَّلت غدرك فاقشعرَّ لهوله
قلبي وثار وزلزت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنقت
فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها
ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
أبصرت ظلك يا يزيد يرجُّه
موج اللهيب وعاصف الأنواءِ
رأس تكلّل بالخنا واعتاض عن
ذاك النضار بحيَّة رقطاء
ويدان موثقتان بالسوط الذي
قد كان يعبث أمسِ بالأحياءِ
قم فاسمع اسمك وهو يغدو سبة
وانظر لمجدك وهو محض هباءِ
وانظر إلى الأجيال يأخذ مقبل
عن ذاهب ذكرى أبي الشهداءِ
كالمشعل الوهّاج إلا إنها
نور الإله يجل عن إطفاء
عصفت بي الذكرى فألقت ظلّها
في ناظريَّ كواكب الصحراءِ
مبهورة الأضواء يغشى ومضها
أشباح ركب لجَّ في الإسراءِ
أضفى عليه الليل ستراً حِيك من
عرف الجنان ومن ظلال (حراءِ)
أسرى ونام فليس إلا هِمَّة
باسم الحسين، وجهشة استبكاءِ
تلك ابنة الزهراء ولهى راعها
حلم ألمَّ بها مع الظلماءِ
تنبي أخاها وهي تخفي وجهها
ذعراً وتلوي الجيد من إعياءِ
عن ذلك السهل الملبَّد يرتمي
في الاُفق مثل الغيمة السوداءِ
يكتظ بالأشباح ظمأى حشرجت
ثم أشرأبَّت في انتظار الماءِ
مفغورة الأفواه إلا جثَّة
من غير رأس، لطخت بدماءِ
زحفت إلى ماء تراءى ثمّ لم
تبلغه وانكفأت على الحصباءِ
غير الحسين تصدّه عما انتوى
رؤيا فكُفـَّي با ابنة الزهراءِ
مَن للضعاف إذا استغاثوا والتظت
عينا (يزيد) سوى فتى الهيجاءِ
بأبي عطاشى لاغبين ورضّعاً
صُفر الشفاه خمائص الأحشاءِ
أيد تمدُّ إلى السماء وأعين
ترنو إلى الماء القريب النائي
طام أحل لكل صاد ورده
من سائب يعوي، ومن رقطاءِ
عزَّ الحسين وجلَّ عن أن يشتري
ريَّ الغليل بخطَّة نكراءِ
آلى يموت ولا يوالي مارقاً
جمّ الخطايا، طائش الأهواءِ
فليصرعوه كما أرادوا إنما
ما ذنب أطفال وذنب نساءِ
عاجت بي الذكرى عليها ساعة
مرَّ الزمان بها على استحياءِ
خفقت لتكشف عن رضيع ناحل
ذبلت مراشفه، ذبول خباءِ
ظمآن بين يدي أبيه كأنه
فرخ القطاة يدفُّ في النكباءِ
لاح الفرات له فأجهش باسطاً
يمناه نحو اللجَّة الزرقاءِ
واستشفع الأبُ حابسيه على الصدى
بالطفل يومىءُ باليد البيضاءِ
رجّى الرواء فكان سهماً حزَّ في
نحر الرضيع وضحكة استهزاءِ​
فاهتزَّ واختلج اختلاجة طائر
ظمآن رفَّ ومات قرب الماءِ
ذكرى ألمت فاقشعرَّ لهولها
قلبي وثار وزلزلت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنَّقت
فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها
ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
حيران في قعر الجحيم معلق
ما بين ألسنة اللظى الحمراءِ
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال