امير الكلم

عاشوراء بين التطبيق العملي وقوقعة التنظير

تقييم هذا المقال
بواسطة امير الكلم, 29th October 2014 عند 12:10 AM (305 المشاهدات)
عاشوراء بين التطبيق العملي وقوقعة التنظيرلا يُفهم من المقال أننا نعتقد بأن عاشوراء خاص بالشيعة فقط ، وكما لا يفهم أيضا أن غير شيعة العراق لا يشملهم الخطاب ، كل ما في الأمر أنني أحاكي أبناء بلدي كون الأمر يعنيهم أكثر من الآخرين وفقا لمعتقداتهم ولما يفرزه واقع اليوم .من أهم خصائص الجمهور العاشورائي انه جمهور يملك فكراً عاشورائيا ، وهذا الفكر هو مجموعة من الرؤى و المفاهيم و القيم والمقولات التي طرحتها ثورة الإمام الحسين "عليه السلام" منذ انطلاقته من مكة وحتى استقراره في كربلاء ومابعد الطف .ولا يكفي أن نملك وعيا بهذه الرؤى و المفاهيم و القيم وحسب ، فإن هذا الوعي يمثل البعد النظري فقط ، و أما البعد العملي فهو أن يتحول هذا الوعي إلى واقع متحرك يصوغ كل رؤانا و مفاهيمنا و قيمنا ، وإذا أردنا أن نحاسب انتماءنا إلى عاشوراء ، فيجب أن نحاسب رؤانا و مفاهيمنا و قيمنا ، ربما تكون متناقضة مع عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) .محارب لعاشوراء كل من يتبنى أفكارا متناقضة لأفكار عاشوراء الحسين عليه السلام ، ومحارب لعاشوراء كل من يتبنى تلك أفكار عاشوراء ولا يحولها إلى واقع عملي . الإمام الحسين ثار من أجل الدفاع عن الإسلام و حماية قيم الدين والحفاظ على مبادئ القرآن التي تتكفل صيانة الحياة من كل ظلم وجور وإجحاف . والإنسان العاشورائي هو من يتبنى الدفاع عن الأسباب التي ثار من أجلها الحسين ويجتهد في ترجمتها, الإنسان العاشورائي هو من يتبنى ويترجم مفاهيم الحق و الصلاح و العدل و الحرية و الكرامة والخير و الفضيلة و الطهر و النظافة, وخلاف ذلك هم أعداء عاشوراء . أعداء عاشوراء هم من يتبنون ثقافة وترجمة الضلال والانحراف والفساد والظلم و القهر والاستبداد و العبث بالكرامات . هم الذين يتناقضون فكريا أو عمليا مع مفاهيم عاشوراء .إن الالتزام الفكري الصادق يفرض التزاما سلوكيا صادقا كما إن الالتزام العاطفي الصادق يفرض التزاما سلوكيا صادقا ، وحينما يبقى الفكر ثقافة في الذهن و لا يتحول إلى سلوك عملي فهو فكر غير ملتزم ، وحينما تبقى العاطفة شعورا في القلب و لا تتحول إلى ممارسة متحركة فهي عاطفة غير ملتزمة . ليس كل الباكين على الإمام الحسين عليه السلام هم من عداد الجمهور العاشورائي الذي يجسد خط الإمام الحسين ، فكم من الباكين على الحسين عليه السلام وهم من يشهر السيوف عليه ؟! و حسب تعبير الفرزدق حينما سأله الإمام الحسين عن الناس في العراق حيث قال : ( قلوبهم معك و سيوفهم عليك ) . قد نبكي الإمام الحسين ، و نتأوه لمصاب الحسين ، إلا أننا نحمل القيم التي يحملها قتلة الحسين ، و نحمل المبادئ التي حملها أعداء الحسين . فليس كل من بكى أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية ، و ليس كل من حضر مجالس العزاء أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية ، و ليس كل من لطم على صدره أصبح منتميا إلى خط الثورة الحسينية .هذا ما كشف عنه المرجع الصرخي في المحاضرة السادسة والعشرون ضمن سلسة محاضرات "تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي" والتي ألقاها مساء يوم الجمعة الموافق 24 / 10 / 2014 مستدلا بالحديث المذكور عن الإمام الصادق "عليه السلام" (((افترق الناس فينا على ثلاث فرق: فرقة أحبونا انتظارَ قائمنا ليصيبوا من دنيانا، فقالوا وحفظوا كلامنا، وقصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله إلى النار. وفرقة أحبونا، وسمعوا كلامنا، ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا، فيملأ الله بطونهم ناراً يسلط عليهم الجوع والعطش، وفرقة أحبونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فأولئك منا ونحن منهم))حيث قال سماحته مشيرا إلى الفرقة الأولى بقوله : ((أمثال أئمة الضلالة، أمثال مَن أشرنا إليه ، الذي يخدع الناس وينافق على الناس، أمثال أصحاب الدعاوى الباطلة : بابن الإمام، والمهدي، وأول المهديين، والقحطاني، وشعيب، وغيرها من دعاوى ضالة ، هذه الفرقة "فرقة أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا" ، ليس هذا هو الحب الحقيقي وإنما من أجل الدنيا، من أجل المال، من اجل المنصب، من أجل العمالة، من أجل الفساد)) ،وعلّق سماحته على الفرقة الثانية بقوله : ((لم يقصروا عن فعلنا، تمثلوا بفعلنا، عقدوا المجالس للحسين، التكايا، وزعوا الطعام والشراب، أحيوا ذكر الإمام "سلام الله عليه" ، كما فعل أئمة الهدى، كما فعل الإمام الصادق "عليه السلام" ، ارتقوا المنابر وحكوا مع الناس بمظلومية أهل البيت "سلام الله عليهم"، لكن ماذا في هؤلاء ، أين البأس؟، أين الضرر ؟أين الخلل؟، قال الإمام : " ليستأكلوا الناس بنا" ، هؤلاء ليس لله فعلوا هذا الشيء ، وإنما ليستأكلوا الناس، رياء، لا يطبقوا على أنفسهم ما يقولون، من أجل استئكال الناس، من اجل الارتزاق، هؤلاء الذين نسميهم بالمرتزقة و المستأكلين، هؤلاء هم الذين سمعوا الكلام ، وأحبوا أهل البيت ، وسمعوا كلامهم ، ولم يقصوا عن فعلهم ، لكن كل هذا لاستئكال أموال الناس ، ولسرقة أموال الناس ولخداع الناس، والله سبحانه وتعالى ينصر دينه على يد العالم الفاسق)) ، وواصل سماحته تحليل الحديث بقوله : ((أما الفرقة الثالثة ، وهي : "فرقة أحبونا وحفظوا قولنا"، إذن المحبة والحفظ وبعد هذا تأتي الخطوة الثالثة "وأطاعوا أمرنا" ، ليس فقط تحب ، وتحفظ الكلام ، وإنما عليك أن تطبق، عليك أن تطيع وتنتهي مما يصدر من أئمة الهدى "صلوات الله عليهم"، "وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فأولئك منا ونحن منهم ))جاء ذلك خلال محاضرته السادسة والعشرين مساء يوم الجمعة الموافق 24 / 10 / 2014 , 29 ذي الحجة 1435 هـ ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الاسلامي.رابط المقطع المتعلق بالموضوعhttps://www.youtube.com/watch?v=6u75G4oseEw
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال