رؤية
استعجال
بواسطة fairy touch, 14th August 2012 عند 04:43 AM (873 المشاهدات)
في ظهيرة استعجالها تلك
كان كلّ شيءٍ يسابق نفسَه ...الا تلك المركبة البائسةَ التي استأجرتها لتصل الى نقطة نهاية ذلك الماراثون ...صفراء ككل المركبات التي ملأت المسارات من شُبّاكها ...لكنها سارت كما مُدخّن يصعدُ جبلاً ... كلُّ شئ فيها يُشعِر بالاختناق ...حتى انها اوشكت ان تفتح شبابيكها التي أُغلقت لتتمتع بتكييف مزعوم ...لم تستطع الا ان تلوم استعجالها الذي ألقى بها في اول خُردة على الطريق ...فكرت في منع نفسها من التحول بنظرها جهةَ السائق ...فذلك سيستدعي مزيداً من المسح البصري لما حولها...لكنها لم تبذل مزيداً من الجهد للأمتناع ...يكفيها القلق الذي اغرقها من بطء رَكوبتها المختنقة ...التقت في طريق نظرتها اليه بمقاعد مغلّفة بقماش ابيض مبقع بما لم ترد الاسهابَ في التكهن بماهيته ..كان اول ما تعرفت اليه يده التي تتحرك على مُغيّر السرعات، الذي كان يعاني هو الاخرُ و يطلق اصواتِ استغاثة مع كل حركة ...صعّدتها ذراعه الى قميص ينتهي عند ياقته بمنشفة صغيرة بدت مبللة ...
لم تستطع كبح جماح سرعة استدارتها نحو الشباك لتتخلص من احساسها بالبؤس ...
احست انها تريد ان تلقي بنفسها خارج هذا الهواء المكبوت المسموم ....ترددت في فتح النافذة ...فهي لابد ستصطدم بمعارضة هذا الكائن الشديدة ....
تمنت لو كان بإمكانها ان تصرخ فيه ....انزلني ...لكن خجلها غلبها هنا....
نظرت الى ساعتها ...ثم الى الزحام الشديد خارج نافذة الرحمة المغلقة ....
اعليها ان تحنق على استعجالها
على القيظ
على هذه المركبة وسائقها البائسين
ام على طريق يأبى ان ينفتح للهفتها على الوصول ....
تذكرت المتنبي
(تأتي المصائب حين تأتي جملة )..فأحست ببعض المواساة ...ليست هي الوحيدة في البشر ممن تجتمع عليه مآس في ساعة ما ...
لكنها في تلك اللحظة قررت ان تضع حداً لكل أُطر مأساتها ...و أن تحتفظ بأقل خسائرها
...(توقف ...هنا من فضلك )...سمعت صوتها ..عذباً ..مُخلِّصاً...
ناولته ما اتفقا عليه وفتحت الباب مودعةً اعتراضاته المستغربة لنزولها قبل الوصول ...
تنشقت بملئ رئتيها دفء نسائم داعبتها الشمس طويلا ....
لم تعر ساعتها اي اهتمام وهي تتمشى بهدوء ...فلقد استسلمت لخسارتها ...هي لن تصل في موعدها ....
ربما ....
لكنها لن تموت قلقا ً...
و لن تموت اختناقاً...